مقالات
ياعم فضل الله.. ترجل
محمد وداعة:
*الوضع القانونى للدعم السريع يشبه وضع الحوثيين فى اليمن و حزب الله فى لبنان*
*وفقا لميثاق الامم المتحدة لا يوجد طرفى نزاع فى السودان*
*القوات المسلحة ووفقآ لقانونها تدافع عن سيادة البلاد*
*لا يمكن لمجلس الأمن أن يصدر قرارتفويض باستخدام القوة*
*المساواة بين الجيش السودانى و القوات المتمردة خطأ سياسى*
*المطالبة بالتدخل الدولى بتفويض استخدام القوة انتهاك لسيادة البلاد*
*الحقانى الإمام الصادق عليه الرحمة لم يكن سياسيا مرموقا فحسب ، بل كان مفكرا و مجتهدا*
*يا عم فضل الله .. ترجل*
أن يطالب السيد عروة الصادق، بفرض حظر جوى على السودان ، و بالرغم من ان هذا الطلب وجد رفضآ و استهجانآ من قطاعات واسعة من الشعب السودانى، ومن قوى سياسية عديدة ، وهو ربما لا يدرك خطورة هذا الطلب ، الا ان البعض وجد له العذر (حسب زعمهم ) أن عروة تحركه جهات وتستغل قلة خبرته السياسية و تريد الاضرار بسيادة البلاد، وبموقف حزب الأمة من الأوضاع،
اما ان يأتى طلب التدخل من عم فضل الله رئيس حزب الامة ،بعد استنكار واسع لحديث عروة عضو حزبه و المتحدث بكثافة فى الفضائيات ، فهذا امر له تداعيات كارثية على حزب الامة ،فلا اظن ان عم فضل الله يجهل خطورة ان يتبنى حزب الامة هذه المطالبات وهو ضابط معاش برتبة لواء ، لان التدخل بتفويض استخدام القوة (ببندقية اقوى من بندقية المتحاربين) يتطلب إصدار قرار من مجلس الأمن بتفعيل البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو قرار لا يرجح صدوره فى حالة السودان نظرا للتباين الواسع فى المواقف داخل مجلس الأمن من ناحية ، ومن الناحية الاخرى فهذا النزاع -حتى الآن- يصنف نزاعا داخليا ، وليس بين دولتين ، ولذلك فمن الناحية القانونية لا توجد قاعدة شرعية لاصدار مثل هذا القرار ، كما ان استخدام القوة فى العراق، و ليبيا تم من خلال تحالف دولي و ليس من خلال مجلس الأمن ، وهو بالطبع تدخل يخالف ميثاق الأمم المتحدة.
جاء فى ميثاق الامم المتحدة و تحت عنوان البند السابع المادة 51 ( ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء (الأمم المتحدة ) وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس – بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق – من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه ) ، فى الأزمة الحالية لا يوجد طرفى نزاع ، قوات الدعم السريع خططت لانقلاب دموي مدعوم من الخارج ، فشل الانقلاب فتحولت هذه القوات إلى تمرد بهدف الاستيلاء على السلطة، ولذلك إن كان هناك تدخل فيجب أن يكون داعما للسلطة الشرعية، كما حدث فى اليمن التى يشارك السودان فيها بقوات عسكرية تحت مظلة دعم الشرعية.
بالنسبة للأمم المتحدة فإن البرهان هو رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش وهذا وضع قانونى و دستوري لا جدال فيه، اما التوصيف السياسى له فهذا شأن آخر،
لا أحد يجهل وجود تيارات داخل مطبخ اتخاذ القرار فى حزب الأمة ، و كثيرون كانوا يعتقدون أن عم فضل الله يمثل التيار المعتدل فى حزب الامة، ولذلك ربما كان عليه (أن يقول خيرا أو ليصمت )، اما وقد سمى طرفي النزاع فمسؤوليته تقتضي وتوجب عليه الكشف عن الانتهاكات التى تجرى ، كنت اتوقع من عم فضل الله إدانة السلوك الإجرامي للقوات المتمردة ، وانتهاكها للقانون الدولي الإنساني، واستنكار اتخاذ المدنيين أسرى ورهائن ، و لعل مسؤوليته كرئيس لحزب الامة تقتضي أن يدين احتماء القوات المتمردة بالأحياء السكنية وسط المدنيين ، و انتهاك هذه القوات لحرمات البيوت ، و قيامها باطلاق نزلاء السجون ، و اقتحام المستشفيات ، هذه المسؤولية تلزمه ايضا بالكشف عن أي انتهاكات ارتكبها الجيش ، و لن يلومه أحد ان صدح بالحق ، اما أن يساوى بين الجيش السودانى و القوات المتمردة فهذا خطأ سياسي.
حزب الأمة كان دائما يبيت حكمة السياسيين ، ولم يكن الحقاني الإمام الصادق عليه الرحمة سياسيا مرموقا فحسب ، بل كان مفكرا و مجتهدا و كان بعيد النظر بشأن كيفية التعامل مع الدعم السريع.
الجميع يحترم عم فضل الله ، و ينادونه (بعم فضل الله)، وهو احترام يتجاوز شخصه إلى حزب الأمة و كل قياداته ، هذا يوجب علي أن أطالبه بأن يترجل و يتنحى احتراما لنفسه ، و حفاظا على صورة حزب الأمة و دوره المنتظر في التعامل مع هذه الأزمة استنادا على تاريخه وإرثه الفكري والسياسي.