مقالات

دعوة الوقت بدل الضائع .. إلا الإمارات 

ما وراء الخبر

محمد وداعة:
 
ليس على الحكومة السودانية أن ترفض الدعوة و لتكن رؤيتها واضحة فى التمسك بتنفيذ اتفاق جدة أولا

الشعب السودانى يدعم حكومته فى ميادين القتال و يدعمها فى التمسك بحقوقه فى المنابر الدولية ووفق شروطه

مشاركة الإمارات فى المفاوضات مرفوضة رسميا و شعبيا

من حق الحكومة رفض مشاركة الإمارات ومن حقها طلب إضافة دول أخرى

دعت الولايات المتحدة الأمريكية عبر بيان وزير خارجيتها انتونى بلنكن ، الى استئناف مفاوضات وقف اطلاق النار فى سويسرا ، مع تلميح الى ان هذه المباحثات تبنى على ما تم الاتفاق عليه فى جدة (وتظل الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع الشركاء لإنهاء هذه الحرب المدمرة بناءً على عمليات جدة السابقة التي تم تيسيرها بالاشتراك مع المملكة العربية السعودية )،مع الترحيب بالمملكة العربية السعودية باعتبارها مضيفًا مشاركًا ومن المقرر أن يشارك في المحادثات الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات العربية المتحدة والأمم المتحدة بصفة مراقب ، ولا تهدف هذه المحادثات إلى معالجة القضايا السياسية الأوسع ، وكما طالب الشعب السوداني منذ فترة طويلة، يجب أن يعود الحكم في السودان إلى المدنيين، ويجب على المدنيين أن يلعبوا الدور القيادي في تحديد عملية معالجة القضايا السياسية واستعادة التحول الديمقراطي في السودان ) ،
يلاحظ ان الدعوة ( اخذت بالشمال ما قدمته باليمين ) ، فبينما كانت اكثر وضوحآ فى استبعاد العملية السياسية فى الوقت الراهن، اقحمت الامارات فى المنبر باعتبارها طرفآ ، و قللت من دور السعودية و الامم المتحدة و خاصة بعد فشل المبعوث الدولى رمطان العمامرة فى احداث اختراق ملموس فى مفاوضات الشؤون الانسانية من وجهة النظر الامريكية ،بما فى ذلك الرفض الامريكى المشبوه لعرض الحكومة فتح معابر متعددة و الاصرار الامريكى على معابر الحدود مع تشاد فقط ،
جاءت الدعوة الامريكية فى (الوقت بدل الضائع ) نظرآ لتداعيات الحملة الانتخابية الامريكية ، و تراجع حظوظ الحزب الديمقراطي ، مع انسحاب بايدين وصعود كامالا هاريس ، و فشل الرئيس الامريكى فى ايقاف العدوان الاسرائيلى على غزة ، او على الاقل استعادة الاسرى الامريكان من حماس ،وهو ما تعهد به مرارآ ، و بالطبع لا احد ينسى ان الرئيس الامريكى ووزير خارجيته بلنكن كان لهم ( القدح المعلى ) فى تسعير وتأييد العدوان الاسرائيلى و تقديم الدعم السياسى و اللوجستى و اجهاض عشرات القرارات الاممية لوقف اطلاق النار باستخدام حق النقض ( الفيتو ) ، و فتح مخازن الاسلحة الامريكية على مصراعيها و نقل كل انواع الاسلحة بما فيها المحرمة دوليآ الى اسرائيل ، و الاعلان صراحة انهم ( صهاينة) ،
بلنكن يعلم و حكومته و ادارته تعلم ، ان الامارات تقوم بتزويد مليشيا الدعم السريع بالاسلحة الامريكية عبر مطار ام جرس فى تشاد ، وهى اسلحة يحظر القانون الامريكى اعادة تصديرها لطرف ثالث الا بعد موافقة الادارة الامريكية على ذلك ، و تقوم الامارات بتمويل و حشد المرتزقة من دول الجوار للقتال الى جانب المليشيا ، و ان تقارير الكونغرس و لجنة الخبراء و تحقيقات صحفية مرموقة اكدت ضلوع الامارات فى اطالة امد الحرب و تسعيرها ، امريكا شريك فى الحرب و تتحمل تبعاتها الاخلاقية و القانونية لسماحها باستخدام السلاح الامريكى لقتل السودانيين و تدمير بلادهم ،
لا يمكن ان يكون بلنكن جاهلآ بموقف حكومة السودان من الامارات و تقديمها لشكوى فى مجلس الامن ، و اعتبارها شريكآ مباشرآ فى الحرب ، و بالتالى لا يمكن اعتبارها وسيطآ نزيهآ ، و مكانها فى الجانب الآخر من الطاولة الى جانب مليشيا الدعم السريع ، وعلى الاقل فأن الشعب السودانى يرى فى الامارات عدوآ تسبب فى قتله و نزوحه و نهب ممتلكاته و احتلال منازله ،
بلنكن ليس جادا فى دعوته ، و ربما هى ضرورات انتخابية ، كان عليه وهو يودع منصبه ان يدعو لتنفيذ مخرجات اتفاق جدة و ان تمارس إدارته الضغط على الامارات لايقاف دعمها للمليشيا و الاعتراض على تزويدها بالسلاح الامريكى ،
ليس على الحكومة السودانية ان ترفض الدعوة و لتكن رؤيتها واضحة فى التمسك بتنفيذ اتفاق جدة اولآ ، امريكا لن تفعل فى ثلاثة اشهر ماعجزت عن فعله خلال خمسة عشر شهرآ وهى تستعد للرحيل مع تضاؤل فرص فوز حزب بلنكن بعد انسحاب الرئيس بايدن ، و لن تستطيع فرض اى ضغوط حقيقية على الامارات فى ايامها الاخيرة ، وسط تقارير عن تدهور صحة الرئيس بايدن و تراجع قدرته على الادراك و محدودية صلاحيات نائبته هاريس ، السودان ليس طوق نجاة الحزب الجمهورى و لن يكون جسرا لفوزه فى الانتخابات.
الشعب السودانى يدعم حكومته فى ميادين القتال و يدعمها فى التمسك بحقوقه فى المنابر الدولية ووفق شروطه ، و اولها ان الامن و السلام رهين بوجود جيش قومى واحد ، و ان المليشيا لا مكان لها فى مستقبل السودان، الشعب السودانى صبر على الحرب وويلاتها خمسة عشر شهرآ ، وليس كثيرا عليه ان تصبر الحكومة بضعة أسابيع.
24 يوليو 2024م

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق