منوعات وفنون

الهوى الأول

د.طارق عبدالسلام نافع:

مقبلات..

بحثت عنك في عيون من رأوك خلسةً..
رأيت في عيونهم بحيرة وظل..
وموكبا يطل..
ونورسا حزين..
يشب قافزا حواجز المطر..
وغابة النخيل..
تضج بالصهيل
تثاقلت خطاك..
تأخر الغياب
أردنا ان نراك..
(الراحلة أماني محمد عثمان)

العلاقات القديمة..
تحيرني العلاقات بين الناس وأثرها الذي تخلفه.،ودائما ما اتساءل ان كان لها تاريخ صلاحية !.. وحينما انظر إلى الصلات والعلاقات في مختلف الحقب العمرية لا يساورني الشك إطلاقا في غلبة العلاقات القديمة ورسوخها وطول أمد صلاحيتها مقارنة بالجديد منها. فمعظم العلاقات الجديدة تخلو من نكهة الخلود ومن عبق البقاء واغلبها سطحي لا يترك أثرا وينمحي تماما في أول منعرج (أول لفة)

علاقات الطفولة وشرخ الحياةِ الأول تكون الأبقي أثرا ربما لأنها فطرية ولم تخضع لعمليات التدقيق والتصفية- verification-التي قد تخضع لها العلاقات اللاحقة، فعلاقات الأمومة والأبوة والعلاقة بالإخوان وأصدقاء الطفولة خير مثال لهذا النوع من الصلات.

أيام لم نعرف من الدنيا سوى مرح السرور..
وبناء أكواخ الطفولة تحت أعشاش الطيور..
نبني فتهدمها الرياح فلا نضج ولا نثور..

وتأتي علاقات مراحل الدراسة والعمل التي قد تتشكل بها ملامح الحياةِ عموما و تلخصها العلاقة مع المعلمين وزملاء الدراسة والعمل وهي علاقات تتميز بالثبات وسمتها التنقيح والتدقيق الذي يزيد رسوخها ويخلد اثرها..
وهنالك النوع المحير جدا والذي يضرب بجذوره في أعماق الوجدان ولا يكف عن التمدد حتى وان تلاشت الصلة الحسية
ويمثل هذه العلاقة ضربان محيران يلتقيان فقط عند أعتاب المحال
الضرب الأول علاقتنا بالاحباء الراحلين ومع يقيننا باستحالة عودتهم الا ان علاقتنا بهم تظل تتمدد وتكبر وكأن الغرض من استمرارها ان نقول لهم المرة تلو الأخرى ( أحبك الآن.. الآن أكثر).
والضرب الثاني علاقات الحب المستحيل.. وما أكثر ما طالعنا الذين يخلدون حبهم الأول ويحنون اليه.. وهو الابعد والاقل نضجا ولكنهم يتفقون على انه الأكثر نفاذا والاعمق غموضا والابهي جمالا..
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول..
والذين يعارضون هذا مثلهم قول الشاعر:
دع حب اول من كَلِفتَ بحبّه
مالحب الا للحبيب الاخر..
اما الأكثر طرافة من الاراء فهو القائل:
ياقلب لا تعشق مليحا واحدا..
تحتار فيه تدللا وتذللا..
واهوَ الملاحَ جميعهم تلقاهمُ
إن صدّ هذا كان ذلك مقبلا.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق