محمد الصادق:
أجمل ما يزين حياتي فى هذه الدنيا هو أن أسرتى وتحديدا والدي عليه الرحمة والمغفرة قد علمني أن أتعامل من الناس بصدق ووفاء وألا أحمل حقدا على أحد وأن أقدم كل ما فى استطاعتي للآخرين بلا من أو أذى وأن أتعامل مع الجميع بوجه واحد وليس وجهان، وظلت تلك الوصايا ديدني فى الحياة واسأل الله أن أظل هكذا إلى آخر العمر .
كثيرون في هذه الحياة تعاملت معهم بمختلف ألوان طيفهم وخرجت من خلال تعاملي معهم بالكثير من المواقف والعبر . ولكن فى كل تلك التعاملات بخيرها وشرها لم أشعر بحزن وألم أعمق من أن يعاملني من أحببت وأخلصت له وصدقت معه يعاملنى بأكثر من وجه، أحيانا يشعرك أنك الأقرب إليه وجدانا وتعاملا وصدقا، وأحيانا يتغير منك بلا سبب ويجعلك تفكر وتشكك في نفسك ماذا فعلت حتى تواجه بذلك التعامل الغريب وغير المتوقع، وأحيانا أخرى يعود ويعاملك كأنه لم يفعل شيئا . وهنا على قدر عمق حبك يأتى عمق جرحك فتشعر بحزن أليم لأن الشخص الذى إخترته من بين كل الناس وجعلته الخيار الأول هو من يتعامل معك بأكثر من وجه دون أن يواجهك بالأسباب !!
إن أكثر الإبتسامات غموضا وحرقة هى تلك التي تصدر منا عندما يخذلنا من هو أقرب الناس إلينا ولذلك هى إبتسامة لم أفهم معناها حتى الآن، ومن أصعب الأشياء عندما تكتشف أنك استثنيت شخصا من بين الجميع وحاربت به الدنيا فيحاربك والدنيا معا، فقمة الخذلان أن يكسرك الشخص الذى قضيت وقتك كله محاولا ترميمه، وتكتشف أيضا أنك لم تكن إلا مجرد جسر للعبور والإلتقاء بآخرين هم نفسهم من أذاقوه مر العذاب ولم يقدرونه مثل تقديرك فى يوم من الأيام .
إن التعامل بأكثر من وجه بلا مسببات أو تبيان الحقائق يجب أن يجعلنا نعيد النظر في من نتعامل معهم بمنتهى الوفاء والصدق ولكن أخلاقنا وتربيتنا وصدقنا تجعلنا نتعامل بوتيرة واحدة هي التي جبلنا عليها وهي التي جعلتنا مرفوعي الرأس والهامة وسط الجميع ولذلك سنظل أقوى مهما بلغ التعامل معنا بأكثر من وجه ومهما بلغنا من خذلان في التعامل، لأن أشد مراحل الوجع أن تراهن على شخص تحبه فيخذلك.
العزاء الوحيد لي فى هذه الدنيا أننى سأظل أتعامل مع الجميع بنفس صدقي ووفائي ومعزتي ولن أتعامل بأكثر من وجه ولكنني فقط سأكون أخذت درسا جديدا من دروس الحياة التى هى مدرسة تعلم الكثير والكثير جدا .
غدا بمشيئة الله نواصل إن كان فى العمر بقية، والله من وراء القصد .