حوارات وتحقيقات

سمية عبدون: هذا مايسبب إزدواجية في المعايير والحسابات وعدم الشفافية

  مارست الدول المتقدمة نهج الهروب المتعمد من الالتزام الجماعي للتمويل كدول صناعية مسببة للانبعاثات تجاه الدول التى تتاثر سلبا بآثار تلك الانبعاثات وذلك بإدخال مصادر أخرى تقاسمها المسؤولية.
ولم تكن هنالك آلية واضحة لتعريف التمويل المقدم لأنشطة تغير المناخ تميزه عن غيره.

مؤتمر المناخ باكو /كوب29/ إخلاص نمر:

في إطار سلسلة لقاءاتها في مؤتمر المناخ كوب 29 في باكو، التقت صحيفة الساقية برس بالأستاذة سمية عمر عبدون التي تشارك في المفاوضات عبر مجموعة الدول الأقل نموا ضمن مفاوضات فريق التمويل (climate finance)
وكان السؤال الأول المباشر، تمت إجازة المسودة الأخيرة الخاصة بتمويل الهدف الكلي الكمي الجديد والتي وصفت بعض الدول مبلغ التمويل فيها ب (الزهيد) مارأيكم؟ 

*فعلا كان هناك عدم رضا من كل الدول النامية وخاصة الدول الأقل نموا ، والدول الجزرية الصغيرة على نصوص المسودة الاخيرة ،الخاصة بالهدف الكمي الجديد فهي لم تشمل تطلعات الدول النامية أو الأقل نموا .

لماذا ؟؟

*لأنه لم يتم إدراج واضح لتمويل الخسائر والأضرار، نسبة لهشاشة وضع تلك الدول وضعف إلامكانيات لتعويض الأضرار ، كما أنها لاتحتمل التمويل المعتمد على القروض إذ لم ينص القرار تمويل قائم على المنح المخصصة والميسرة، والأهم أنها لم تخصص التمويل من مصادر عامة تلتزم بها الدول المتقدمة تجاه الدول الفقيرة كمصادر أساسية للتمويل، بل دعت المسودة إلى تعدد المصادر، بدخول مصادر أخرى من بنوك تنموية وقطاع خاص ومصادر محلية كإحدى المصادر لتمويل الهدف الكمي الجديد، علما بأن التمويل من مصادر محلية ذاتية مرفوض من الدول النامية لأسباب الهشاشة أعلاه.

هل يعزز ذلك رغبة الدول الغنية في التهرب والالتزام؟

*نعم الدعوة إلى تعدد المصادر وخلق مصادر جديدة يعزز رغبتهم في التهرب ورمي العبء على الدول الفقيرة المتأثرة بالانبعاثات وهي لاناقة لها ولاجمل في ذلك.

ماهي المعاييرفي ذلك؟
*لاتوجد أي معايير لاستبعاد القروض القائمة على السوق وائتمانات التصدير، وسيكون صندوق المناخ الأخضر، وصندوق البلدان الأقل نموا والصندوق الإضافي،
وصندوق الخاص بتغير المناخ وصندوق الدعم والتنمية في كف واحدة تتشابه مع بعضها .

في اعتقادي أن ذلك يعمل على تهميش الحراك الجماعي للهدف الكمي الجديد مايدعو إلى الثنائيات في العمل أليس كذلك ؟

*نعم يهمش ذلك الحراك الجماعي ويعزز الثنائيات، وهذا نهج الهروب بذاته من الإلتزام الجماعي للدول المتقدمة وهذا يقود إلى الهيمنة الانفرادية على الدول النامية من خلال الدعم الثنائي.

وأين هدف إتفاقية باريس عن الشفافية ؟

بالرغم من أن هدف التمويل ارتبط بالبند رقم ١٣ فى اتفاقية باريس (إطار الشفافية) والذي يعتبر نهج محاسبة رفيع للتحقق من وصول الأموال المقدمة من الدول الغنية إلى الدول المتضررة من الانبعاثات ، لكنه امعانا فى التهرب لم يشمل آلية واضحة لتعريف التمويل الموجه للمناخ ،حتى يتم التفريق بينه وبين التمويل الموجه للأنشطة الأخرى، وهذا مايسبب ازدواجية في المعايير والحسابات وعدم الشفافية، وأضيف انه لم ينص على أموال تخصص للبلدان الأقل نموا.

يبدو لي أن هناك نوافذ مالية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ؟

*حصلت النوافذ المالية للاتفاقية على١٪ من الاموال، والآن سترتفع إلى 3٪ لأغراض التكيف فقط، كما أن الدعوة لزيادة مصادر التمويل قد تكون لعبة في يد الدول المتقدمة، وهذا مايجعل سيناريوهات المفاوضات القادمة غير معروفة.

ماذا لو استند الجميع على تفاصيل التقرير السادس الصادر من الIPCCC؟

*لو استندنا عليه، فإن المبلغ 300 بليون دولار سنويا بحلول عام 2035 سيكون حجة للتخلص من التزامها بالوفاء، إذ قد تزعم الدول المتقدمة بأن المتبقي هو واحد ترليون دولار من المتفق عليه 1.3 تريليون دولار ، وأنه قدتم تقديم مبالغ خلال الأعوام 2020،2021، حسب التقرير السادس بنسبة 63٪ حسب المسودة قبل الأخيرة .

لكن قد يفاقم ذلك من مشكلة الانبعاثات؟

*نعم ولن تتحجم نظرا لتسلط الدول التي تسبب الانبعاثات، وهيمنتها على مصادر ووسائل التمويل والائتمان ومنها البنك الدولي، كما أن صندوق المناخ الأخضر مهدد بخروج أمريكا من اتفاقية باريس ، فأمريكا الممول الأكبر، لذلك ستظل الدول الأقل نموا الأكثر تضررا من آثار الانبعاث، مايؤدي لزيادة الفيضان ومعدلات الأمطار والجفاف وتفشي الأمراض وارتفاع درجة الحرارة والحرائق ويؤثر ذلك على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي بل وحياة البشر.

وماذا عن تأثير الحرب في السودان والوضع البيئى الآن ؟

*لقد تفاقم الوضع البيئى وجعل السودان في قائمة الدول المهددة بالمجاعة، فقد خرجت معظم الأراضي من دائرة الإنتاج وتوقفت المشروعات الممولة من صناديق التمويل العالمية، مثل المرفق العالمي للبيئة وصندوق المناخ الأخضر وغيرها، والتي كانت تستهدف التنمية الريفية وتحسين معيشة السكان المحليين، والسودان كالعادة لا يجد حظه من التمويل كسائر الدول ذات الهشاشة.

في السابق كانت هنالك قضية العقوبات والآن الحرب وعدم الاستقرار.
فالتمويل يتم تحجيمه لأنه لن يجد أرضا آمنة ومستقرة للتنفيذ وستطول معاناة أهلنا فى السودان كلما طال أمد هذه الحرب وتتحول إلى أوضاع كارثية تتعذر معالجتها،
نسأل الله أن يعم السلام والأمن والاستقرار فى سوداننا الحبيب.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق