مقالات

مبادرة وطنية لإنقاذ الشهادة السودانية

امتحانات الشهادة السودانية... هل من وساطة وطنية لإنقاذ قوميتها؟

بقلم/ إبراهيم سليمان:

صحيح أن حرب 15 أبريل المشتعلة نيرانها حالياً، هي أم الحروب وربما تكون آخرها، لكنها ليست الأولى في البلاد، وليست أولى الحروب الأهلية في العالم، إن جاز التوصيف، ورغم ضراوتها، لا يزال العشم ألا يكون هنالك فجور في الخصومة بين طرفي الحرب. في كافة الحروب المماثلة التي اندلعت في العالم، غالباً يحتفظ طرفا الحرب بقنوات تواصل، قد تختلف مستوياتها، لذا لا نظن أن “نفاج” التواصل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع موصد تماماً.

واحدة من الأشياء، التي يقدسها الشعب السوداني، الشهادة السودانية، لا يسعد أحد بالتجريح فيها، أو المساس بها، لذا نرى من الضروري، تشكيل وساطة من شخصيات تتمتع بالمقبولية الوطنية، من كافة مكونات الشعب السوداني، وتهب بأسرع ما يمكن للتوسط بين طرفي النزاع، للسماح بعقد الامتحانات المزمع إجرائها من طرف واحد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في كافة ربوع الوطن، على أن يتعهد طرفي الصراع بحمايتها، وعقد هدنة ووقف إطلاق نار شامل خلال فترة انعقادها.

لا نعتقد هناك من يرفض مثل هذا الطلب، سيما إذا جاء كطلب وطني من رموز يمثلون كافة أطياف ومكونات المجتمع السوداني، وإن رفضه أحد طرفي الصراع لا سمح الله، فليعرف الشعب السوداني من هو.

نعلم أن حزب المؤتمر الوطني، والحركة الإسلامية، عديمة الوطنية، وغير مبالية بهموم الشعب السوداني، ولا يضيرها شيء إن ضاعت أجيال وأجبال في سبيل أن يعودوا هم للسلطة، ولكن لا يزال العشم معقود على بعض ضباط الجيش السوداني، ولن تخسر الوساطة الوطنية المقترحة للاضطلاع بهذه المهمة شيئاً، من مساعيها التي تعتبر واجباً في هذا الشأن.

لا يزال عالقاً في أذهاننا، كيف أنّ قوات الدعم السريع في سبتمبر 2020م متمثلة في متحرك استتباب الأمن بمحليتي كاس وشطايه رحلت طلاب الشهادة السودانية بمناطق سيطرة حركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور بجبل مرة البالغ عددهم (151) طالب وطالبة، فقد سالت دموع غزيرة وحارة لحظات التسليم والتسلم لهؤلاء الطلاب، قبل وبعد الامتحانات، بين قوات حماية خاصة بهم في المعابر الحدودية بين الطرفين.
مما يؤسف له، لا يلوح في الأفق القريب، مؤشرات تدل على اقتراب موعد إنهاء الحرب الحالية، وليس من المعقول، أن يرهن مصير أجيال بأكملها بوقف حرب مفتوحة، ما لها من قرار، وليس من الحكمة أن يخضع هذا الأمر الحيوي والحسّاس، لمزايدات طرفي الحرب، وليس من المعقول أن تدخل امتحانات الشهادة السودانية، ضمن أدوات الصراع، ودون أن يتحرك عقلاء البلاد لفعل شئيا بهذا الخصوص.

نرشح الأستاذ الخصر دالوم لرئاسة هذه الوساطة الوطنية الملحة، وهو كان جزءاً من تجربة مماثلة بين ثوار الفارك والسلطات الكولومبية تكللت بالنجاح، ونقترح لعضوية هذه الوساطة، بصفاتهم الشخصية كل من: الدكتور محمد الأنصاري، الأستاذ عبدالله آدم خاطر والشيخ الأمين، والأستاذ طه عثمان سليمان والدكتور إبراهيم غندور، والدكتور أبكر آدم إسماعيل والأستاذ محمد الناير والأستاذ الفاضل الجبوري، والفنان طه سليمان والدكتورة زينب كباشي عيسى.

نأمل أن يشمل هذا التنسيق المنشود لترتيبات إجراء امتحانات الشهادة السودانية، مناطق سيطرة طرفي الحرب الحالية، بالإضافة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة حركتي عبدالواحد محمد نور في جبل مرة وعبدالعزيز الحلو في كاودا بجبال النوبة، بالإضافة إلى معسكرات النازحين في تشاد وجنوب السودان ويوغندا ومصر.

وبما أن غالبية الطلاب والطالبات الذين يجلسون لهذه الامتحانات، دون سن الثامنة عشرة، إذن، أنهم لا يزالون دون سن الرشد، فإمكان هذه الوساطة المقترحة أن تستعين بمنظمة إنقاذ الطفولة العالمية Safe the Children في المهمة التي تعتبر من صميم اهتمامها.

ebraheemsu@gmail.com
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 179//

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق