مقالات

تحرير ود مدني.. خطاب حميدتي الإنهزامي وحتمية فشل مشروع الإمارات في السودان

خطاب حميدتي الإنهزامي: عقب هزيمة ميليشيا الدعم السريع في ود مدني، ألقى محمد حمدان دقلو (حميدتي) خطابًا يعكس نبرة إنهزامية واضحة، مما أظهر التدهور الحاد في حالة الميليشيا المدعومة من الإمارات. أبرز هذا الخطاب انخفاض معنويات الميليشيا وكشف عن عدم قدرتها على الحفاظ على السيطرة على المناطق الاستراتيجية في السودان.
_ تحرير ود مدني: نجحت الجهود المشتركة للقوات المسلحة السودانية، والقوات المشتركة، وقوى المقاومة المحلية في تحرير ود مدني، وهي مدينة ذات أهمية استراتيجية وزراعية حاسمة في منطقة الجزيرة. شكّل هذا الانتصار نقطة تحول في معركة السودان ضد الميليشيا، حيث عطل محاولات ميليشيا الدعم السريع لاستخدام المدينة كنقطة اختناق لمنع توزيع المساعدات وتدمير البنية التحتية الزراعية.
_ التصعيد في الفاشر: مع مواجهة ميليشيا الدعم السريع للهزائم في مناطق أخرى، صعّدت من تكتيكاتها الإجرامية في الفاشر، مستهدفة المناطق المدنية ومخيمات النازحين الداخليين بالقصف العشوائي. يعكس هذا التصعيد اعتماد الميليشيا على الإرهاب والتدمير للحفاظ على نفوذها المتضائل في السودان.
_ فشل مشروع الإمارات، ودور تحالف تقدم، والدعوة إلى المساءلة: أثبتت طموحات الإمارات للسيطرة على السودان من خلال ميليشيا الدعم السريع أنها غير مستدامة، حيث اعتمدت على استراتيجيات خاطئة من الفظائع الجماعية والتلاعب الديموغرافي. حصلت هذه الجهود على دعم سياسي من تحالف “تقدم”، الذي عمل كذراع سياسي للميليشيا، مما وفر غطاءً لجرائمهم. ومع ذلك، فقد كشف صمود الشعب السوداني، إلى جانب الوعي الدولي المتزايد بهذه الجرائم، عن إخفاقات هذا المشروع. هناك حاجة ملحة إلى مساءلة عالمية لمحاسبة ميليشيا الدعم السريع، والإمارات، وتحالف تقدم، وجميع الأطراف الدولية المتواطئة، لضمان العدالة للشعب السوداني ودعم نضاله من أجل السيادة.
يمثل تحرير ود مدني لحظة محورية في نضال السودانيين ضد ميليشيا الدعم السريع المدعومة من الإمارات، بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي. بعد هزيمة ميليشيا الدعم السريع في ود مدني، ألقى دقلو خطابًا يكشف عن إحساسه بالهزيمة. عكس الخطاب تراجع قوة الميليشيا وانهيار معنوياتها، وهي التي أرعبت السودان لشهور.
ود مدني: مدينة ذات أهمية استراتيجية وزراعية
تقع ود مدني في قلب منطقة الجزيرة السودانية، وهي ليست مجرد مدينة، بل تمثل مركز مشروع الجزيرة الزراعي، الذي يُعد أحد أكبر مشاريع الري الزراعية في إفريقيا. لا يمكن التقليل من أهمية هذه المدينة؛ فهي تمتلك الإمكانية لإطعام السودان بأكمله وتوفير فائض زراعي للمناطق المجاورة.
احتلال ميليشيا الدعم السريع لود مدني في ديسمبر 2023 كان خطوة محسوبة لخنق الأمن الغذائي للسودان وجهود الإغاثة الإنسانية. من خلال قطع طرق توزيع المساعدات القادمة من بورتسودان عبر ود مدني إلى كردفان ودارفور والمناطق الأخرى، زادت الميليشيا من تفاقم الأزمة الإنسانية. أدى هذا الحصار إلى انتشار المجاعة وسوء التغذية، خاصة في المناطق التي تعاني أصلاً من الصراع.
علاوة على ذلك، قامت ميليشيا الدعم السريع بتدمير البنية التحتية الزراعية في المنطقة عمدًا. أحرقت الأسمدة، ودُمرت الأراضي الزراعية الحيوية لمستقبل السودان الزراعي. كانت هذه الأفعال تهدف إلى شل اقتصاد السودان وتعميق معاناة شعبه.
تحرير ود مدني: نقطة تحول
تمثل الجهود المشتركة للقوات المسلحة السودانية، والقوات المشتركة إضافة إلى المقاومة المحلية لاستعادة ود مدني انتصارًا بالغ الأهمية، ليس فقط عسكريًا بل أيضًا رمزيًا. هذا الانتصار يبرز صمود وتصميم الشعب السوداني على التغلب على إرهاب ميليشيا الدعم السريع واستعادة سيادته.
مع ذلك، المعركة لم تنته بعد. مع تراجع ميليشيا الدعم السريع، كثّفت من تكتيكاتها الإجرامية في مناطق أخرى من البلاد. في مدينة الفاشر، صعّدت الميليشيا قصفها، مستهدفة مناطق مكتظة بالسكان المدنيين ومخيمات النازحين. هذا يتماشى مع استراتيجيتها طويلة الأمد المتمثلة في ارتكاب الفظائع لنشر الخوف والفوضى.
طموحات الإمارات في السودان: مشروع فاشل
ترتكز طموحات الإمارات في السودان، التي تُنفّذ من خلال ميليشيا الدعم السريع، على استراتيجية إقليمية أوسع للسيطرة على الموارد الطبيعية الهائلة للسودان وموقعه الجيوسياسي وإمكاناته الاقتصادية. ومع ذلك، كان هذا المشروع محكومًا بالفشل منذ البداية بسبب عدة أخطاء أساسية.
أولاً، أساءت الإمارات تقدير صمود ووحدة الشعب السوداني في مواجهة التهديدات الوجودية. الحرب الإجرامية التي شنتها ميليشيا الدعم السريع، رغم وحشيتها، وحدت المقاومة على نطاق واسع في السودان. من دارفور إلى كردفان، ومن المدن إلى المناطق الريفية، أظهر السودانيون تصميمًا لا يتزعزع على حماية سيادتهم ومقاومة التغيير الديموغرافي والحفاظ على هويتهم.
ثانيًا، كان استخدام الإمارات لميليشيا الدعم السريع كأداة لفرض سيطرتها خيارًا استراتيجيًا فاشلًا. تكتيكات الإبادة الجماعية والتجويع والتدمير التي تتبعها الميليشيا جعلتها قوة معزولة ومكروهة. فشل ميليشيا الدعم السريع في تأمين السيطرة طويلة الأجل على المناطق الاستراتيجية، مثل ود مدني، كشف هشاشة طموحات الإمارات. أي مشروع يعتمد على الفظائع الجماعية والإرهاب كأساس له هو مشروع غير مستدام بطبيعته.
وأخيرًا، بدأت الاعتماد الإماراتي على التواطؤ الخارجي وردود الفعل الدولية الضعيفة بالتلاشي. تصاعد الوعي بجرائم ميليشيا الدعم السريع، إلى جانب الضغط المتزايد على سمعة الإمارات الدولية، جعل مشروعها غير قابل للاستمرار. العقوبات، وإن جاءت متأخرة، تشير إلى بداية تحول في التسامح العالمي مع الدور المدمر للإمارات في السودان.
دعوة للمساءلة والعمل
تم تعزيز قدرة ميليشيا الدعم السريع على التدمير بالدعم اللوجستي والعسكري من الإمارات. دعم الإمارات لهذه الميليشيا جعلها شريكًا رئيسيًا في جرائم الحرب وحملة الإبادة الجماعية ضد الشعب السوداني. بالإضافة إلى الدعم العسكري، وفرت الإمارات غطاءً سياسيًا لميليشيا الدعم السريع من خلال تحالفات مثل التحالف السياسي “تقدم”، الذي عمل كذراع سياسي لهذه الميليشيا الإرهابية.
كان رد فعل المجتمع الدولي على الأزمة في السودان يتميز في الغالب بالصمت، وفي بعض الحالات، بالتواطؤ. على سبيل المثال، تأخرت إدارة بايدن في اتخاذ الإجراءات، ولم تعترف بحملة الإبادة الجماعية التي تقودها ميليشيا الدعم السريع إلا مؤخرًا. جاءت هذه الإجراءات، رغم ضرورتها، متأخرة جدًا، ولا تزال أقل مما هو مطلوب لمواجهة الميليشيا وداعميها بفعالية.
ومع ذلك، فإن الشعب السوداني لا ينتظر الخلاص من المجتمع الدولي. هم يحشدون قواهم لاستعادة بلدهم، ومصممون على هزيمة ميليشيا الدعم السريع والقوى الخارجية التي تدعمها.
إرادة الشعب السوداني ستنتصر
يُذكّر تحرير ود مدني بأن إرادة الشعب السوداني أقوى من أي ميليشيا أو قوة خارجية تسعى لفرض إرادتها. من الضروري أن يتخذ المجتمع الدولي، وخاصة الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، إجراءات حاسمة لدعم الشعب السوداني ومحاسبة ميليشيا الدعم السريع والإمارات على جرائمهم.
هذا ليس نضالًا سودانيًا فقط؛ بل هو دعوة عالمية لدعم العدالة، وإدانة الإبادة الجماعية، ورفض تواطؤ الدول القوية في الفظائع. يجب أن ينتهي الصمت وعدم التحرك من قبل المجتمع الدولي، ويجب أن تتصدر الجهود الموحدة لدعم سيادة السودان وحقوق الإنسان.
إن هزيمة ميليشيا الدعم السريع في ود مدني انتصار، لكنها تذكير أيضًا بالتحديات المقبلة. النضال السوداني من أجل الحرية لم ينته بعد، لكن صمود وتصميم الشعب سيضمنان انتصار العدالة، مهما طال الزمن.
إتحاد دارفور بالمملكة المتحدة
١٢ يناير٢٥

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق