مقالات

محاكم التفكيك والتدمير الممنهج

الباقر عكاشة عثمان:

لا شك أن الأضرار التي ألحقتها قوات الدعم السريع بالمشاريع الزراعية والمؤسسات الخدمية والاقتصادية تعد من أبرز ملامح الحرب التي عصفت بالبلاد، إلى جانب ما صاحبها من جرائم كالقتل والاغتصاب. ومع ذلك، فإن هذا الدمار لم يكن وليد اللحظة، بل سبقته فترة من التخريب الممنهج بعد ثورة ديسمبر، حيث شهدت البلاد تدميرا لمشاريع تنموية عبر قرارات لجنة التفكيك المثيرة للجدل .

في هذا المقال، نسلط الضوء على مشروع “البداية” بالولاية الشمالية كنموذج حي للمشاريع التي تعرّضت للتدمير بفعل قرارات خاطئة وإهمال إداري واضح.
مشروع البداية: قصة نجاح تحوّلت إلى صحراء جرداء
بدأ مشروع البداية بمساحة خمسة كيلو موازي لطريق ارقين بعدد ستة محاور في منطقة غرب بنا كاكبر المشاريع الزراعية الناجحة في السودان. وفر المشروع فرص عمل لعدد كبير من العمالة المحلية والأجنبية وأسهم بشكل كبير في تعزيز السوق المحلي بمحصول العنب، كما شهد تصدير البرسيم والموالح إلى الخارج.

لكن بعد أن وضعت لجنة التفكيك يدها على المشروع، تم تجميد أرصدته وإيقاف تصدير منتجاته. ومع غياب الإدارة والمتابعة، تحوّل هذا المشروع المزدهر إلى أرض قاحلة تزروها الرياح، ولم يتبقَ منه سوى سيقان أشجار الموالح التي تروي قصة الخراب والإهمال.

السؤال الذي يبادر الى ذهن المتابع لماذا لم تقم لجنة التفكيك بتعيين حارس قضائي لإدارة المشروع والحفاظ على عملياته الإنتاجية؟ كان من الممكن الاستمرار في تشغيل المشروع وتخصيص عوائده في ادارة المشروع والحفاظ على الايادي العاملة لحين اكتمال درجات التقاضي
غياب المساءلة القانونية عن الجرائم المالية والإدارية التي ارتكبت بحق الوطن تغطية بالايام فلابد وضع اليد على اي منهوبات قبل اخفاء ضياع المستندات والشهود على ان تستعد الجهات المعنية برصد الانتهاكات قوانين التي تتم بقوة السلاح وما يزيد الطين بلّة أن المتورطين في هذه الجرائم ما زالوا يعيشون بيننا، بل ويتفاخرون علنًا بأدوارهم، دون أن تطالهم يد العدالة.

إن غياب العقوبات الرادعة شجّع على الاستهتار والفساد، وهو ما يدفع ثمنه الوطن بأكمله. ما لم تتحرك الجهات المعنية لضمان بوضع يدها وإنفاذ القانون،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق