صحة وبيئة
كلمة وزير الصحة السوداني بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الدرن

نقف اليوم في لحظة فارقة وتاريخية، لحظة تتطلب منّا جميعًا التكاتف والعمل الجاد. وبينما نُحيي اليوم العالمي لمكافحة الدرن، نستذكر الآلاف الذين فقدناهم بسبب هذا المرض، ونتمنى الشفاء العاجل لكل المرضى الذين يتلقون الرعاية والعلاج في مراكز التشخيص والعلاج المنتشرة في كافة أنحاء البلاد.
لقد واجهت بلادنا تحديات جسيمة خلال الفترة الماضية، لكننا لم نتوقف يومًا عن مواجهة هذا المرض. ورغم الصعوبات، تمكّنا بفضل التزامنا المشترك من تحقيق إنجازات مهمة في هذا المجال.
وضعت وزارة الصحة الاتحادية مكافحة الدرن ضمن أولوياتها، من خلال جهود منسقة تقودها إدارات الوزارة المختلفة، وفي مقدمتها البرنامج القومي لمكافحة الدرن، الذي يعمل بلا كلل على اكتشاف الحالات مبكرًا، وتوفير خدمات التشخيص والعلاج المجاني، وفقًا لأحدث المعايير والبروتوكولات العالمية.
كما نعمل على تعزيز قدرات النظام الصحي من خلال تأهيل الكوادر الصحية على مختلف المستويات، وتوسيع برامج التدريب، وضمان توفر الأدوية والمعدات، بما في ذلك أدوية الدرن المقاوم للأدوية، والتي بدأنا إدخالها تدريجيًا إلى المرافق الصحية المختصة.
استمر البرنامج في تقديم خدمات الفحص والعلاج في 148 مركزًا بالولايات الآمنة، أما في الولايات المتأثرة بالنزاع، فقد تمكّنا، وبفضل الشراكات مع بعض المنظمات الدولية والمحلية وايضًا المجهودات الشعبيه من إيصال العلاج للمرضى رغم الظروف المعقدة.
ويُعد اكتشاف 14,310 حالة درن خلال عام 2024 إنجازًا يُحسب للبرنامج، رغم صعوبة الأوضاع، مع تأكيدنا على أهمية مواصلة الجهود لرفع نسبة الاكتشاف في الفترة المقبلة.
وقد تم تفعيل الزيارات المنزلية لمرضى الدرن الإيجابيين للمتابعة، وضمان الانتظام في العلاج، والكشف عن المخالطين، وإعادة المنقطعين إلى الخدمة، إلى جانب تفعيل المتابعة اللصيقة لمرضى الدرن المقاوم في جميع الولايات المستهدفة.
ورغم ظروف الحرب، تم تأهيل ثلاثة مراكز بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مع الاستمرار في تأهيل مركزين لزراعة عينات الدرن بعد توقف طويلا فى كل من ولاية البحر الاحمر وكسلا ونهرالنيل والقضارف، بالإضافة إلى إدخال الطاقة الشمسية لعدد من مراكز تقديم الخدمة في ولايات مختلفة، لضمان استمرارية العمل.
ورغم التقدم، لا تزال هناك تحديات كبيرة، من بينها: عدم استقرار الكوادر، والهجرة المستمرة، وضعف الحوافز المالية، وتدهور بيئة العمل، وانقطاع الاتصالات مع بعض الولايات، مما أثر سلبًا على استمرارية الخدمة.
هذا العام، نرفع شعار:
“نعم، يمكننا القضاء على مرض الدرن”
ونحن نؤمن بقدرتنا على تحقيق ذلك، وأننا معًا قادرون على إنهاء مرض الدرن في السودان.
ورغم الحاصل… لازم نواصل.
نغتنم هذه المناسبة لنثمّن الدور العظيم الذي يقوم به الجيش الأبيض من الكوادر العاملة في مراكز تشخيص وعلاج الدرن في مختلف ربوع السودان، والذين يواصلون تقديم الخدمة للمصابين بإخلاص وصبر رغم التحديات، من التشخيص وحتى تمام الشفاء.
كما نثمّن دور الشركاء المحليين والدوليين في دعم جهود مكافحة الدرن، وعلى رأسهم الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والدرن والملاريا، الذي دعم البرنامج خلال السنوات الماضية، ويواصل دعمه من خلال تمديد المنحة للفترة من 2024 إلى 2026، إلى جانب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الصحة الإنمائي، وجمعية الأبحاث العلمية للدرن، ومنظمة الإشراق، وغيرها من الجهات الحكومية الداعمة، وفي مقدمتها وزارة الرعاية الاجتماعية، ووزارة الإعلام، وديوان الزكاة، والصندوق القومي للتأمين الصحي، والإدارة العامة للخدمات الصحية بالسجون، ومفوضية مكافحة الفقر.
وفي ختام حديثي، أؤكد أن السودان ملتزم بالقضاء على مرض الدرن وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والوصول إلى هدف إنهاء الدرن بحلول عام 2030.
نسأل الله أن يوفقنا جميعًا لخدمة هذا الوطن العظيم وشعبه الكريم، ولتقديم خدمات صحية أفضل للمواطن السوداني.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته