مقالات

مؤلفات مسمومة حقنت في التاريخ السياسي

بقلم/ عادل حسن:

والسمر في الغربة تحت الليل الطويل يتحدث عن كل شيء سوداني عن أكذوبة أشعار أغاني الحقيبة، ووصف الجمال من صورة الخيال
وعن عطر بت السودان وعن الشلوخ المطارق ثم ينفض سامر الزهاجة هؤلاء دون تحديد موعد جديد لسمر آخر، وفي أزقة حارات المهجر تتفرق العربات ثم ينحشر القوم في الشقق المتجمدة
ولكن أحدهم يهاتفك عند الفجر وانت تكضم ساندوتش العشاء الصباحي ويسالك هل لديك أي كتاب أو مؤلف أو رواية سودانية
حسنا أنه مثقف اعتورته لواعج الحنين إلى الطيب صالح والمحجوب ومنصور خالد وعمر الحاج موسى ولكنني أصبت بعدوة الفكرة نفسها من هذا الصديق مشطوب اليسار القديم
فاشتعلت ذاكرتي وفاضت بتلك المؤلفات الأدبية والثقافية والسياسية منذ أيام الثانويات وذاك الغليان الثقافي والنهم في التهام الكتب بأعيننا الصبية وعقولنا الشهية نعم عندما كتب المثقف الجنوبي الأممي الجهير السيرة الدكتور
فرانسيس دينق كتابه ومؤلفه الضجة
طائر الشؤم امتلأت به العواصم واحتشدت به العقول وهو مؤلف وكتاب خطير الفكرة إذ يحرض النخب الجنوبية وأهل جنوب السودان على الانتباهة إلى الفوقية والدونية الطبقية التي يعيشونها في الشمال العربي ولابد من العودة إلى الجزور السمراء لأن الشمال مجرد طبقة فوقية وأنتم تحتها بمختلف المسميات،  وفي جزئية ملتهبة من كتابه طائر الشؤم يدلل على تحريضه لإنسان الجنوب بأن هناك شابان يتنازعان في قضية أمام القضاء الشمالي المسلم وعندما حكمت المحكمة لأحدهما عاد الشابان إلى جنوب السودان في زيارة إلى والدتهما ولكن المفاجأة كانت أن الشابان لايعلمان بأنهما اخوان من والدتهما وأحدهم من شمالي تركه في بطن أمه وعاد إلى الشمال وترك الجنوب حتى حضر إبنه ليتقاضى مع أخيه من أمه دون أن يراه من قبل وهو يعيش في الشمال.
نعم إنه مؤلف مسموم حقن في التاريخ السياسي والاجتماعي السوداني وبات مرجعا ومرتجى لأهل الجنوب وطبعت منه آلاف النسخ المصقولة باللغة الانجليزية الرصينة والعربية المنمقة فاتخذه السياسيين الجنوبيين توراة سياسي لا رجوع منه وبدأت تظهر الحركات الجنوبية التي تطالب بالابتعاد عن كل شيء شمالي وكل شي يربطهم بالشمال وتوالت الأحداث الدموية والنزاعات المسلحة حتى انفصل الجنوب بأهله.
نعم إن فرانسيس دينق هو عراب كراهية بغض الشمال وعضد ذلك الغل بكتابه الراعف بالاحقاد ومؤلفه رجل يدعى دينق ملونق إنه والد فرانسيس دينق ملونق الذي يرقد على فراش أربعين زوجة كما ذكر ذلك فرانسيس دينق في مؤلفه هذا وتوفي في مستشفيات الشمال بالخرطوم في سبعينات وثمانينات حكم مايو
ورفض فرانسيس دينق دفن ومواراة جثمان والده في تراب الشمال وحمل على متن مروحية عسكرية إلى جنوب السودان.
نعم كرس فرانسيس دينق ثقافته ومؤلفاته ضد الشمال مستقلا موقعه الأممي الرفيع وتتلمذ على أفكاره جون قرنق دي مبيور وصهر فرانسيس دينق ياسر عرمان ودينق الور والدكتور اتيم قرنق وجوزيف مجوك.
نعم كانت المؤلفات في تلك الحقبة من السبعينات أخطر من بندقية التمرد نفسها وظهر أيضا المثقف الضخم العقلية الدكتور منصور خالد ونشر مؤلفه الاحمر القاني تحت عنوان جاذب (النخب السودانية وإدمان الفشل)، فكان مؤلف له شكل الشوك وطعم التشفي ورائحة التخذيل للأنف السياسية غير المزكومة فهتف له الهتيفة من قلة اليسار ثم تلاشي وخمد فأصبح ذكرى وقصة وبعدها ظهر كتاب (مذبحة الضعين) من تأليف: سليمان علي بلدو/ عشاري أحمد محمود، ولم يشغل الناس ولم يهتم به أحد وبات نسيا منسيا لأنه كتاب ينزف بالعنصرية.

وأخيرا على ذات النهج والغل دفع مجهولون بكتابه اللعين بـ(الكتاب الأسود) الذي له دور كبير في حرب المرتزقة ولصوص آل دقلو، انهم المثقفين السودانيين الذين كتبوا مؤلفاتهم بالسم الزعاف وحقنوا به السودان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى