مقالات
لن أكتب عن الحرب
بقلم/ منتصر محمد زكي
توطئة:
الدرس الوحيد الذي نتعلمه من التاريخ، هو أن أحدا لم يتعلم من التاريخ”.
ويبدو أن الحرب هي أكثر دروس التاريخ قسوة،
( هيجل )
لن أكتب عن الحرب فجميعنا عايش أيامها السوداء وتذوق مرارتها وإكتوى بنارها بدرجات متفاوتة .. لكل منا تجربة خاصة وقصة مؤلمة وحكاية تستدر الدموع .. تركت فينا جروحا لا تندمل وندوب سترافقنا بقية عمرنا ..
لن أكتب عن بشاعتها ووحشيتها فقد تكفل الحثالة وأشباه البشر بذلك وثقوا لجرائمهم اللا إنسانية بكاميراتهم وسط ضحكاتهم الخليعة والشيطانية ..
لن أكتب عن الأعزاء الذين فقدناهم والممتلكات التي نهبت والمنازل التي دمرت والعروض التي أستبيحت فالقصاص قادم لا محالة قصاص الدنيا قبل الآخرة ..
لن أكتب عن خيانة البعض للعيش والملح وتنكر البعض وزيف المودة .. لن أكتب عن خذلان بعض الأقارب وطعنة الأصدقاء ونكران الجميل ..
لن أكتب عن الحرب فكثيرون كتبوا وآخرون سيكتبون لسنوات وسنوات فما حدث أكبر من أن تختذله الأقلام بمداد الدموع وأنات الضحايا .. ستظل الجراح نازفة والمآسي حاضرة في ذاكرة الشعب لسنوات وسنوات ..
لن أكتب فالكتابة لن تعيد من فقدناهم ولن تبني ماتهدم ولن تعالج إنكسار القلوب لكنها قد تمنحنا بعض الأمل وشئ من التفاؤل .. فما حدث كارثي بكل المقاييس وشيطاني بكل المفاهيم والتوصيفات ..
لن أكتب عن النزوح والتشرد فكثيرون نزحوا ليلا في جنح الظلام بلا حقائب مشيا على الأقدام زادهم الوجع والدموع .. هائمون بلا وجهة نجا بعضهم وسقط البعض في منتصف الطريق ..
لن أكتب عن دموية ووحشية الحرب فقد تجسدت فيها كل مظاهر الشر المطلق .. لم يترك أوباش المليشيا (حثالة الحثالة) البشرية جريمة ضد الوطن والمواطن لم يرتكبوها!! حتى الأبالسة تعجز عن وصف وحشيتهم ولا آدميتهم وتعطشهم للدماء ..
لن أكتب عن الحرب فمن لم يمت بالرصاص مات بالجوع والأوبئة ومن تجاوزته دانات الموت العشوائية مات حسرة من مشاهد الإنتهاكات الوحشية ضد المدنيين ..
سأكتب عن إنتصار قادم يسطره جيشنا على (شماشة) ومنبوذي أفريقيا .. سأكتب عن شمس يغمر ضوئها كل شبر في أرض الطيبين .. سأكتب عن فجر الخلاص من شياطين الكدمولات مصاصي الدماء ودحرهم إلى جحورهم وكهوفهم التي أتوا منها .. سأكتب عن نصر كبير أراه رأي العين تتقدمه مواكب الأفراح وتزفه بشارات العودة.