مقالات
الجمعية العمومية للصحفيين.. أُمثولة تشبه الثورة
عبدالله رزق أبوسيمازة:
لايقلل من أهمية الجمعية العمومية للصحفيين التي استضافتها دار المهندس بحي العمارات بالخرطوم، يوم السبت 23 يوليو ومن مغزاها العميق مقاطعة بعض الصحفيين لها أو انتقادها على الرغم من لا موضوعية الكثير من النقد، فذلك من الديمقراطية ومن صميم التعددية وانتصار لهما غير أن بعض الناس لا يتفكرون.
جسدت الجمعية العمومية بحزم الإرادة الغلابة لعضويتها من الصحفيين مايربو على 500 من مجموع المسجلين البالغ عددهم 900 عضو بجانب حوالي 200 مقيمين خارج السودان.
يمكن وصف واقعة الانعقاد بأنها حدث استثنائي في ظروف استثنائية بالغة التعقيد يكتسب مغزاه بدلالة
غياب قوانين للنقابات وفي المقدمة منها قانون نقابة الصحفيين.
-تذبذب حالة الديموقراطية في البلاد بين مد وجزر،خصوصا ،بعد انقلاب 25 أكتوبر حيث شهدت هذه الفترة قمعاً شرساً للتجمعات والاحتجاجات السلمية.
اضطراد تدهور صناعة الصحافة في البلاد نتيجة التطورات السياسية والاقتصادية التي شهدتها منذ أواخر عهد المخلوع البشير والتي انعكست سلبا على أوضاع الصحافة والصحفيين.
قدمت الجمعية أمثولة تحتذى لإعادة البناء النقابي وللممارسة الديمقراطية التي أكد خلالها الصحفيون، ما يميزهم من وعي متقدم وانضباط ديمقراطي وقبول بالآخر المختلف شخصاً كان أو رأياً، والاحتكام لرأي الأغلبية واحترام موقف الأقلية في سياق المداولات المطولة حول مشروع النظام الأساسي وغيره من أجندة الاجتماع.
إن السياق التاريخي لتطورات الأوضاع في بلادنا يجعل من واقعة انعقاد الجمعية العمومية للصحفيين حلقة من حلقات الفعل الثوري الذي تشهده بلادنا منذ أكثر من ثلاث سنوات حدثا “يشبه” الثورة تماماً
فانتزاع حرية التنظيم النقابي وممارسة الديموقراطية خلال (بروسيس) استعادة التنظيم النقابي عبر النقاش وتبادل الآراء والانتخاب هي بعض من وعود ثورة ديسمبر بالحرية والعدالة والسلام وبعض من الوفاء لعهد الشهداء “الأكرم منا جميعا” لذلك كانت بادرة الترحم على أرواحهم فاتحة أعمال الجمعية.
جديرة بالتنويه وبالإشادة الجهود المضنية التي بذلتها اللجنة التمهيدية التحضيرية لاحقاً وهي تجسد الإرادة الصلبة لقاعدة الصحفيين في حتمية الوصول للجمعية العمومية وجعل انعقادها أمراً ممكناً رغم كل شيء. رغم الإمكانيات المالية الشحيحة للغاية بالذات.
لقد حقق الصحفيون بقيادة اللجنة التمهيدية/التحضيرية التي برهنت علي كفاءة واقتدار ملموسين في انجاز المهمة التي انيطت بها، ماهو جدير بهم من مسؤولية والتزام نابعين من مهنة تعتبر حجر الزاوية في أي بنيان ديموقراطي،وهو ما يجعل من “الجمعية خطوة هائلة للأمام” وحدثاً ذا مغزى متجاوزاً للحدود وله مابعده.