مقالات
مراجعة الرقم الوطني.. حساسية الأصول
الطريق الثالث
بكري المدني:
منذ أن نوهنا إلى التحقيق الصحفي حول الرقم الوطني على صحيفة السوداني الدولية وضرورة مراجعته حتى انهالت علينا الرسائل والمكالمات المؤيدة لهذا العزم والتحقيق.
نعتقد أن من أكبر أخطاء النظام السابق استسهال منح الرقم الوطني حيث ناله بداية تسعينات القرن الماضي عندما كان جنسية وبالتزامن مع حرب الخليج نال الرقم الوطنى السوداني آلاف العراقيين ثم ناله أيضا عدد مقدر من الإخوة الصوماليين أثناء أزمة الصومال الطويلة.
قبل ذلك طبعا نال الرقم الوطنى -الجنسية وقتها- العديد من الأشقاء الإريتريين والإثيوبيين، كذلك نال الرقم الوطنى -الجنسية – عدد مقدر من مواطني جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وبصورة أقل مواطني دول مالي والنيجر وأعداد أكبر من دولة نجيريا البعيدة.
في السنوات القليلة الماضية نال عدد كبير من الأخوة السوريين الرقم الوطنى أثناء وبعد أحداث الجمهورية السورية.
تختلف الأسباب لكن النتيجة واحدة وهي سهولة الحصول على الرقم الوطني السوداني والذي من فرط سهولة الحصول عليه ناله على سبيل التغيير والإضافة مجموعة من الآسيويين لا سيما الصينيين الذين قدموا للعمل في مجالات مختلفة وعلى ذكر الأجانب البيض فلقد نال الرقم الوطني كذلك نفر من الأتراك.
لا بأس أن تمنح دولة جنسيتها لبعض الناس بصورة دائمة أو مؤقتة ولأسباب إنسانية أو أخرى مختلفة ولكن من حق الدول أن تتخير من تمنحهم جنسيتها وبما يحقق لها إضافة نوعية وذلك حسب وظيفة وموهبة طالب الجنسية إضافة للأسباب الإنسانية التي ذكرت لبعض القيادات والشخصيات السياسية إقليمياً ودولياً، وللسودان سجل من قائمة الشرف في ذلك ولا بأس في ذلك فهو إضافة وموقف ولكن.
ولكن المحاذير على الشكل الذي جرى منذ بداية التسعينات ولا يزال قائما حتى اليوم وأقصد عملية التجنيس بالكم والكوم دون معايير ودون مراعاة للآثار السالبة التي تنتج عن هذه العملية الكبيرة للتجنيس لفرق الثقافات والقيم وعدم مراعاة معادلات نسب السكان في السودان.
إن التجنيس وفق معادلات معلومة ومطلوبة أمر جائز وحسن ولكنك لا تجنس قبائلا كاملة ولا مجتمعات كبيرة قادمة من بلادها لسبب أو آخر كما حدث ويحدث في السودان.
صحيح هناك دولا جارة تجمعنا معها قبائل مشتركة من مصر في الشمال مرورا بأفريقيا الوسطى وتشاد في الغرب إضافة إلى إريتريا وإثيوبيا في الشرق ولكن أي من هذه الدول لا تمنح السودانيين من أبناء القبائل المشتركة بينها وبين السودان جنسياتها على عكس سهولة حصول أبناء هذى القبائل من تلك الدول على الرقم الوطني السوداني.
لقد بلغ الهوان بالرقم الوطني درجة أن كُشف عن قنصلية في إحدى الدول الإفريقية تقوم بإصدار وثيقة سفر (جواز) سوداني لمواطنيها بعد حصولهم على الأرقام الوطنية من الخرطوم أو سفاراتها بالخارج.
إن ما نطلبه اليوم وغدا وسوف نجري عليه تحقيقا صحفيا مطولا بالأرقام والأسماء -ما نطلبه هو مراجعة الرقم الوطنى وإعادة السودان للسودانيين مع حفظ حق الدولة في التجنيس المقدر وحق البعض في الحصول على الرقم الوطنى بلا ضرر ولا ضرار