أم وضاح:
في الورشة التي أسمتها قوى الحرية التغيير (ورشة تقييم الفترة الانتقالية) قال أحد المتحدثين إن سبب هزيمة قحت وخروجها من المشهد بهذا الشكل الدرامي إنها لم تنجح في تغيير المناهج، ولم تتمكن من السيطرة على مفاصل التعليم. إلا أنه – أي المتحدث- لم يمتلك الشجاعة ليقول إن الذين رفضوا وتحدوا مشروع تغيير المناهج ليسوا من أسماهم بالانقلابيين وقوى الردة لكنه الشعب السوداني المعلم الذي أدرك أن هناك مؤامرة حقيقية تحاك ضده ينفذها عملاء جيئ بهم لهذا الغرض ولرسم مشروع جديد يغير من إرث وتقاليد وتاريخ ومستقبل الأمة السودانية، لذلك ذهبت مقررات القراي إلى مذبلة التاريخ لأنها لاتشبهنا ولاتمثلنا.
دعوني أقول إن ذات الأيادي التي أرادت أن تشكل خارطة جديدة للتعليم وأخرى للإعلام وفق مخططاتها وهي تعلم أنها الأدوات التي ستمكنها من تنفيذ مخططها -ذات الايادي- أرادت أن تعبث بالمنظومة الأمنية فكان العداء والتشهير غير المسبوق تجاه المؤسسات النظامية والأمنية وتعرض يومها جهاز المخابرات العامة لهجمة شرسة وسيناريوهات مغرضة وإصرار على تحويله إلى مجرد مؤسسة خربة بلا روح أو فاعلية، في وضع غريب لايستقيم أبداً في بلاد كبلادنا ببعدها الجغرافي والتأريخي والسياسي، فبدأت المجزرة الكبرى بحل هئية العمليات هذه الهئية ذات المهام والتدريبات الخاصة وهي مؤامرة لها ماقبلها ومابعدها.
ونشط هؤلاء في محاولات جادة لتقزيم دور جهاز المخابرات وجعله مجرد جسم لجمع المعلومات وتحليلها في وقت تتسابق فيه الدول لتقوية أجهزتها الأمنية والمخابراتية في مواجهة الإرهاب والهجمات التي تستهدف اقتصادها وأمنها القومي
وبالتالي فإن نظرة (الشر يعم والخير يخص) التي ينظر بها البعض لجهاز المخابرات العامة هي نظرة غير عادلة وهو مثله مثل كل المؤسسات يمكن أن تجد فيه تجاوزات لكنها تبقى تجاوزات فردية لاتعدو أن تكون قطرة في محيط مؤسسة كبيرة يحكمها قانون رادع وحاسم وحازم وهي مؤسسة تضم سودانيين أولاد بلد هم ليسوا مستوردين و(لاجايين إعارة) بل هم اخواننا وأولادنا القادمين من القرى والمدن البعيدة والحضر. ملامحهم سودانية وعيونهم عسلية و(قلوبهم حارة) لايرضون الظلم ولايمارسون الجبروت ومن يفعل غير ذلك فهو عندهم مدان ومرفوض ومغصوب عليه.
لذلك فإن الفراغ الذي تسبب فيه غياب دور جهاز المخابرات كماينبغي أن يكون في كل بلاد العالم وأقربها في محيطنا العربي والأفريقي هو فراغ آثاره سالبة على الملفات الاقتصادية، فغياب الأمن الاقتصادي فتح الباب للمتلاعبين والمتهاونين في أن يفعلوا مايحلو لهم بلارقيب ولاحسيب.
وغياب جهاز المخابرات كما ينبغي أن يكون فتح المجال أمام الجواسيس والعملاء ليستبيحوا خصوصيتنا وينتهكوا أرضنا وينتهزوا كل السوانح والفرص ليتملكوا المعلومات التي لامحالة سيستخدمونها ضد بلادنا لمصالح بلادهم وتحولت السفارات إلى مزارات للعملاء وبائعي الوطن بحفنة دولارات وجواز سفر.
وغياب دور جهاز المخابرات كما ينبغي أن يكون، فتح المجال أمام الصراعات القبلية والعرقية فأنطلقت النيران تحت الهشيم وارتفعت ألسنة اللهب.
لذلك لم استغرب أبداً حينما نجح جهاز المخابرات العامة في عقد مواثيق صلح بين قبيلتي الشنابلة والفلاتة بشمال كردفان، لأن الجهاز وأفراده وبحكم تدريبهم وكفاءتهم هم الأقدر على استيعاب حجم الخلافات بين هذه القبائل وهم الأقدر على حلها والوصول فيها إلى تسويات عادلة.
في كل الأحوال نرجو أن يعود جهاز المخابرات السوداني إلى عهده كواحد من أقوى أجهزة المخابرات في المنطقة يعمل لحماية الوطن والمواطن السوداني وأنا على ثقة بأن قيادته الواعية قادرة على حسم أي تفلتات أو تجاوزات في حق أي مواطن ليظل حارساً للبوابة الأمامية ومراقباً للأسوار من الدخلاء والعملاء، والله غالب.
كلمة عزيزة..
كل الأحداث التي مرت ببلادنا منذ الثورة وحتى الأمس رغم مأساوية بعضها وضبابية الأخرى إلا أنها أسقطت الكثير من الأقنعة وكشفت الكثيرين من أدعياء النضال والحرية والعدالة.
كلمة أعز..
أثق تمام الثقة في وعي شعبنا ضد مايحاك من مؤامرات لقواته النظامية والأمنية وهذا العداء الذي تبناه بعضهم هو عداء بلاشك مدفوع الثمن لأنه لا أحد طبيعي وسوي يجرؤ على غرس سكينة في خاصرة وطنه.