مقالات

من أين تأتي وأين تذهب الرسوم الدولارية للمدارس الخاصة ؟

علي أحمد عباس:

من بدع هذا الزمان الأغبر الذي يعيشه أهل السودان ويكابدون فيه شظف العيش وأرتفاع تكاليف المعيشة وأغلبهم يرزحون تحت خط الفقر نجد هناك مفارقات غريبة وعجيبة تحدث برغم الظروف القاسية التي يعيشها السواد الأعظم من الشعب السوداني وأعني تحديدا ما يجري في مؤسسات التعليم الخاص والتي جعلت من التعليم تجارة غير محدد فيها نسبة الربح تجارة عملتها الدولار ولا مكان لطيب الذكر الجنيه السوداني في بيعها.

رسوم مدرسية دولارية تفرض دون حسيب أو رقيب زبائنها كل من يحمل 3900 دولار العم سام ويدفعها كاش داون هذا بخلاف رسوم أخرى يفاجا بها لاحقا أولياء الأمور من حملة الدولارات. وبعملية حسابية بسيطة يتضح أن الرسوم الدولارية التي يدفعها أولياء أمور 40 تلميذا او تلميذة وهي سعة الفصل الواحد تبلغ في العام الواحد 156000 دولار أمريكي ونفس المبلغ يدفع للبنات ويصبح مجموع ما تجنيه هذه المدرسة من رسوم دولارية على فصلي البنين والبنات 312000 دولار سنويا هذا بخلاف الرسوم الدولارية المدفوعة سنويا لبقية الفصول وهكذا أصبح التعليم سلعة تباع بالدولار وتجارة رابحة دون سقف محدد لنسبة الارباح فيها.

إن ما يجري في مؤسسات التعليم الخاص والتي جعلت من التعليم تجارة استمرت دون حسيب ولا رقيب وبنفس النهج رغم ما طال بعضها من إغلاق وما فرض عليها من
عقوبات حطت من سمعتها وكبدتها ما كبدتها الا انها لم ترعوي بل زادت طغيانا وغطرسة في تعامل مسؤوليها مع أولياء الأمور. نعود الي تساؤلنا المهم الذي طرحناه كعنوان لهذا الحديث من أين تأتي واين تذهب الرسوم الدولارية للمدارس الخاصة ؟هذا هو لب الموضوع ومربط الفرس والذي يظل حائرا دون إجابة مثله مثل حصائل الصادر. نعلم جميعا ما تعانيه البلاد من شح وندرة في النقد الأجنبي برغم الكم الهائل والمتنوع من الصادرات السودانية معدنية وزراعية وحيوانية حتى أصبحت حصائل الصادر قضية قومية لم تفلح باسف كل الإجراءات لحلها.

ويظل السؤال مشروعا وقائما أين تذهب مئات الالاف من الدولارات التي تتحصلها سنويا المدارس الخاصة.. هل تورد إلى خزينة بنك السودان او أي جهة أخرى مسؤولة؟ ولماذا اصلا يسمح بتحصيل الرسوم المدرسية بالدولار؟ أشك في أن تدخل هذه الدولارات خزينة بنك السودان المركزي وهو الجهة المسؤولة قانونا عن إدارة النقد الأجنبي وتداوله والتصرف فيه.

الا يعد تصرف تلك المدارس تخريبا للاقتصاد؟؟ ان أي تصرف في تلك الأموال الدولارية لا بد أن يتم تحت رقابة البنك المركزي ناهيك عن وزارة التربية والتعليم الشريكة أيضا في الرقابة وتحديد الرسوم وما إلى ذلك من إجراءات.

أما السؤال من أين تأتي هذه الدولارات المدفوعة لرسوم الدراسة المدرسية فهو أيضا سؤال كبير وخطير له اثاره المالية والنقدية وتأثيره على سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار ويشكل زيادة وضغط على طلبه من السوق الموازي ويؤدي الي ارتفاع سعره ويؤدي الي الإخلال بالأولويات الموضوعة لسد وطلب الاحتياجات الاستراتيجية والضرورية. وهكذا تتضح مضار تحصيل الرسوم المدرسية في بعض المدارس الخاصة بالدولار على البلاد والعباد بينما يتكسب تجار التعليم المدرسي الخاص من تجارتهم الدولارية لا نقول دون وازع من ضمير فحسب بل أيضا دون رقابة حكومية مسؤولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق