مقالات
تدخل القوات المسلحة في إدارة الاقتصاد والخدمات (٢)

بقلم/ محمد مأمون يوسف بدر:
تلعب المؤسسات الاقتصادية التابعة للقوات المسلحة السودانية فيما قبل دورًا محوريًا في خدمة الدولة والمؤسسة العسكرية وخدمة ضباط وضباط صف وجنود ومتقاعدي القوات المسلحة والمجتمع، وحيث تسهم بشكل مباشر في تعزيز الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل ودعم التنمية المستدامة. هذه المؤسسات ليست مجرد كيانات اقتصادية تعمل لتحقيق الربح، بل هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية الأمن القومي والتنمية الشاملة في السودان. ومن هذا المنطلق، يمكن تعميم الخدمات التي تقدمها شركات القوات المسلحة بحيث تتولى زمام مبادرة إنعاش الاقتصاد الوطني في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، خاصة بعد خروج العديد من المصانع والشركات من مجال تصنيع الأدوية والأغذية والخدمات الطبية.
• أهمية المؤسسات الاقتصادية للقوات المسلحة
1. تعزيز الاقتصاد الوطني :
تسهم المؤسسات الاقتصادية التابعة للقوات المسلحة في تنويع مصادر الدخل الوطني، مما يقلل من الاعتماد على قطاع واحد مثل النفط أو الزراعة. من خلال استثماراتها في مجالات متعددة مثل الصناعة والبناء والنقل والخدمات، تساهم هذه المؤسسات في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. كما أن هذه المؤسسات تعمل على تعزيز القطاعات الإنتاجية التي تعاني من ضعف الاستثمار الخاص، مما يساعد في تحقيق التوازن الاقتصادي.
2. توفير فرص العمل :
توفر هذه المؤسسات آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة للمواطنين، مما يساعد في تقليل معدلات البطالة وزيادة الدخل الفردي. والاستفادة من خريجي الجامعات السودانية والأجنبية هذا الأمر له انعكاسات إيجابية على المجتمع، حيث يسهم في تحسين مستوى المعيشة وتقليل الفقر. بالإضافة إلى ذلك، توفر هذه المؤسسات فرص تدريب وتأهيل للشباب، مما يعزز من مهاراتهم وقدرتهم على الانخراط في سوق العمل.
3. دعم البنية التحتية:
تلعب المؤسسات الاقتصادية للقوات المسلحة دورًا كبيرًا في بناء وتطوير البنية التحتية للبلاد، مثل الطرق والجسور والمطارات والموانئ. وتتمتع القوات المسلحة السودانية بفرقة سلاح المهندسين، وهي قادرة على ترميم الطرق والكباري وتخطيط وإنشاء المطارات. هذه المشاريع لا تعزز فقط النمو الاقتصادي، بل تسهل أيضًا حركة السلع والخدمات، مما ينعكس إيجابًا على جميع القطاعات الاقتصادية.
4. تعزيز الأمن الغذائي:
تملك القوات المسلحة المؤسسة التعاونية، التي تسهم من خلال استثماراتها في القطاع الزراعي في زيادة الإنتاج الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي. هذا الأمر يقلل من الاعتماد على الواردات الغذائية ويضمن توفير الغذاء بأسعار معقولة للمواطنين بما ان الدولة تدعم بعض السلع الاستهلاكية الأساسية ومدخلات الإنتاج . كما تعمل هذه المؤسسات على تطوير تقنيات الزراعة الحديثة، مما يسهم في زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل.
5. دعم الصناعات الاستراتيجية :
يعتبر السودان من الدول الرائدة إقليمياً في مجال التصنيع الحربي والمكتفية ذاتيا في مجال تصنيع الأسلحة الخفيفة والمدرعات والذخائر بالإضافة لصناعة الطائرات الخفيفة والقنابل الجوية حتى الموجهة منها
تملك القوات المسلحة منظومة الصناعات الدفاعية وهي منظومة متكاملة حديثة وهنالك مصنع اخري اليرموك، مجمع الصافات ،وشركة زادنا والتي لها تجربة مشرقة ومشرفة يمكن إعادتها مرة ثانية بعد الحرب وشركة جياد التي ما زالت تنتج في اثناء الحرب وحتي اليوم يمكن من خلالها تطوير الصناعات الاستراتيجية. هذه المصانع تعمل على تعزيز قدرات البلاد الدفاعية وتقليل الاعتماد على الاستيراد في المجالات الحيوية مثل صناعة الأسلحة والذخائر. بالإضافة إلى ذلك، تسهم هذه الصناعات في نقل التكنولوجيا وتوطين الخبرات الفنية.
6. المساهمة في التنمية الاجتماعية :
بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي، تسهم هذه المؤسسات في دعم المشاريع الاجتماعية مثل بناء المدارس والمستشفيات وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية للمجتمعات المحلية. هذا الأمر يعزز من التماسك الاجتماعي ويدعم التنمية البشرية. كما تعمل هذه المؤسسات على توفير الدعم للمناطق النائية والمحرومة، مما يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية.
7. تعزيز الاستقرار الأمني :
من خلال توفير الموارد المالية اللازمة لدعم القوات المسلحة، تسهم هذه المؤسسات في تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية للبلاد. هذا الأمر ينعكس إيجابًا على استقرار الدولة وقدرتها على مواجهة التحديات الأمنية الداخلية والخارجية. كما أن هذه المؤسسات تعمل على تعزيز التعاون الأمني مع الدول الصديقة، مما يسهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
• التحديات والفرص
رغم الأدوار الكبيرة التي تلعبها المؤسسات الاقتصادية للقوات المسلحة، إلا أنها تواجه بعض التحديات مثل عدم الكفاءة أو الخبرة الكافية في بعض الأحيان. لذلك، من الضروري العمل على تعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة في إدارة هذه المؤسسات لضمان تحقيق أهدافها بشكل فعال. كما أن هناك حاجة إلى تطوير آليات الرقابة والمحاسبة لضمان الاستخدام الأمثل للموارد.
في المقابل، تمثل هذه المؤسسات فرصة كبيرة لتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، حيث يمكن للشركات الخاصة الاستفادة من الخبرات والإمكانيات التي توفرها هذه المؤسسات في تنفيذ المشاريع الكبرى. كما أن هذه المؤسسات يمكن أن تكون نواة لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة في المجالات الاستراتيجية مثل الطاقة والبنية التحتية.
المؤسسات الاقتصادية للقوات المسلحة السودانية هي ركيزة أساسية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. من خلال تعزيز دورها وضمان إدارتها بشكل فعال، يمكن لهذه المؤسسات أن تسهم بشكل كبير في بناء دولة قوية ومستقرة، قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها وتحقيق الازدهار للجميع. في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، يمكن لهذه المؤسسات أن تكون قاطرة للتنمية، خاصة إذا تم تعزيز التعاون بينها وبين القطاع الخاص والمجتمع المدني.