مقالات

مفاوضات جدة.. نهاية الفوضى وردُّ المرتزقة خائبين بغيظهم

حـدود المنطق

إسماعيل جبريل تيسو:

ويبدو أن حزم الأمتعة والتوجه إلى جدة لاستئناف التفاوض بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع المتمردة المحلولة، بات أمراً واقعاً في ظل تطابق المصادر وانتقال همس المجالس من السرية إلى العلنية بشأن الترتيبات التي تجري على قدم وساق من أجل أن يستعيد منبر جدة أراضيه وزخمه، عطفاً على التحركات المكوكية التي تشهدها واشنطون والرياض لاستئناف العملية التفاوضية برعاية سعودية وأمريكية، وتوسيع ماعون المشاركة هذه المرة لاستيعاب لاعبين جدد يمثلون الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، وربما تنضم جهات أخرى ضالعة في خضم الحرب الجارية في السودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023م.

ما يرشح من معلـومات خلف الأبواب المغلقة يؤكد أن جـولة التفاوض القادمـة التي يعارضها بعض الضباط في الجيش السوداني، ستكون نهائية وتنزع فتيل الحرب التي دخلت شهرها السابع بعد أن أكلت الأخضر واليابس، وجعلت الخـرطوم مدينة أشباح في الكثير من أحياء التي خاويةً على عروشها،، هي إذن جولة نهائية وأشبه بالصورية لن تخضع لمعايير التفاوض المتعارف عليها، خاصة فيما يتعلق بمحاولة كل طرف إقناع الآخر بتعديل موقفه، ذلك أن الموقف في هذه المفاوضات واضح ومحدد يُعنى بإسدال الستار على هذه الحرب وفتح ممر ومخرج آمن لميليشيا الدعم السريع لتغادر الخرطوم وتغيب عن المشهد، إلا من أراد الدمج والانضمام إلى القوات المسلحة السودانية وفق القوانين والنظم واللوائح.

لقد حرقت ميليشيا الدعم السريع المتمردة كل مراكبها واحترقت هي بنفسها، عندما أقدمت على هذه المغامرة الدنيئة بمحاولة الانقلاب على القوات المسلحة السودانية وإحلال محلها، دون أن تقرأ تأريخ الجيش السوداني المرصَّع بنجومه البواسل والشجعان الأشاوس، من لدن قوة دفاع السودان في العام 1925م، ومروراً بالحرب العالمية الثانية، ثم المشاركة في النزاعات والحروب الأهلية، وانتهاءاً بتمرد ميليشيا الدعم السريع التي تلقًّت ضربات موجعة من القوات المسلحة السودانية، جعلهتا تتهاوى كأعجاز نخل خاوية، ذلك أن لسان التأريخ يقول إن القوات المسلحة السودانية كانت في جميع هذه الملاحم التي خاضتها تتوشح بثياب النصر والبهاء، وتُجهز على الخونة والأعداء..
*يوم الملاحم لينا عيد*
(*جندينا في الدوشمان شديد*)
*وميتنا في الميدان شهيد*
*بُشرانا بالعهد الجديد*

إن العودة إلى منبر جدة لا تعني سوى تنفيذ ميليشيا الدعم السريع المتمردة ما لم يلتزموا به من قبل، من بنود ومخرجات إعلان جدة الأول والذي كان يقضي بالخروج من منازل وبيوت المواطنين والانسحاب من المؤسسات المدنية والخدمية تمهيداً لمغادرة الخرطوم واللحاق بمَنْ هربوا من فلول الميليشيا ومرتزقتها الذين تفرقت بهم السبل وهاموا على وجوههم يشكون لطوب الأرض من هول ما واجهو وجابهوا في الخرطوم من موت، فقد رُجَّت الأرضُ تحت أقدامهم رًجَّا، وهو أمر انعكس على التغيُّر الكبير والواضح في ميزان القوى لصالح الجيش السوداني، لاسيما بعد دخول قوات العمل الخاص ميدان العمليات العسكرية في تمشيط وتنظيف الأحياء، وردّ الله الذين كفروا بغيظهم، لم ينالوا خيراً، وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قوياً عزيزا.

قطعاً إن الصلح خير، خاصة في ظل الفوضى التي تضرب الخرطوم عقب اندحار ميليشيا الدعم السريع بتدمير معسكراتها، وتراجعها عن مواقعها الاستراتيجية التي كانت تحرسها قبل الخامس عشر من أبريل 2023م، فما يجري الأن ليس سوى فرفرة مذبوح من هذه الميليشيا، مصحوب بحالات نهب وسرقة من المجرمين الذي يصطادون في مياه فوضى الحرب، وهو واقع يضع تحديات كبيرة أمام السلطات المختصة والأجهزة الأمنية للاستعداد لمرحلة ما بعد الحرب والتي تتطلب جهوداً مضاعفة لكنس هذه الفوضى وإعادة الأمن والأمان لعاصمة السودان.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق