د. معتز صديق الحسن:
Musdal5@gmail.com
ولاية نهر النيل … هل التعليم سينتظر؟!
من الجميل جدًا أن يتم مؤخرًا الإعلان عن استئناف الدراسة بولاية نهر النيل في كل مراحلها (الأساس والمتوسط والثانوي) تحت شعار (التعليم لا ينتظر).
والأجمل من كل ذلك السعي لاستيعاب الطلاب الوافدين للولاية في كل مدارس محلياتها بسبب الحرب والتي نسأل الله أن تضع أوزارها عاجلًا لا آجلًا.
لكن ما يعمل سريعًا على محو كل هذه الصور الجميلة أن تجد الولاية عند فتح مدارسها بأنها غير مستعدة لاستيعاب الطلاب سواءً للمقيمين عامة أو الوافدين خاصة.
وذلك بالرغم من البشريات المعلنة من الجهات الرسمية للطلاب الوافدين سواءً منها أو المنظمات الدولية بأنها ستوفر لهم الزي المدرسي والحقيبة ووجبة الإفطار.
و بما أنها أنها ستوفر كل تلك الأشياء السابقة فهذا يعني أنه من البدهي وفرت أستاذًا وفصلًا ومقعد تجليس وأخيرًا كُتبًا ولو على طريقة الاشتراك المعروفة.
لكن أولياء أمور الطلاب الوافدين تفاجأوا وبعد مرور أسبوعين من الدراسة بأن بعض إدارات المدارس بالمحليات تجتمع بهم لتنفيذ قائمة طويلة من المشتريات.
في أولها تطلب توفير كرسي -بدون درج- وثم ثانيًا وبكل قوة عين تطالبهم بدفع (10) آلاف جنيهٍ -شهريًا لا سنويًا- لكل طالب قل عدد الأبناء أو كثر.
وذلك لتوفير مرتبات لمعلمين جُدد ستستقدمهم المدرسة ولا ندري هل هي ستدفع لنفس معلمي المدرسة من باب “الأوفر تايم” أم أنها ستأتي بمعلمين من كوكب آخر؟
وهنا نتساءل من باب التخفيف والتيسير فتلك العقبة السابقة أليس من الممكن تداركها بالتدريس يوميًا على فترتين أو تقسيم الأسبوع الواحد لأسبوعين دراسيين؟
عمومًا يُحمد لهم بأنهم لم يطالبوهم بتوفير الأدراج فتلك الإدارات مازال فيها الكثير من الخير إذ تبشّرهم بأن هذا الأمر ستفتح له أبواب التبرعات من الخيرين.
وبما أنه كانت هناك إحصائيات للطلاب الوافدين بتسجيلهم من قبل مكاتب التعليم بالمحليات السبع فلماذا الانتظار لبداية الدراسة ولمدة أسبوعين؟!
أما كان من المفترض أن تجتمع إدارات المدارس بأولياء الأمور قبل إعلان فتح المدارس للتفكير سويًا في معالجة تلك العقبات قبل أن يقع فأسها على الرأس؟
أم تظل التضحيات دومًا مطلوبة ومفروضة على المواطن؟ واضعين في الاعتبار أن جل الوافدين ليس لديهم مال يوفر طعامًا لأبنائهم دعك عن تعليمهم.
مما جعل الكثير من أولياء الطلاب الوافدين يخرجون من الاجتماع وهم يبيّتون النية -ولعجزهم المادي وغير المُراعى من أحد- بعدم إرسال أبنائهم للمدارس.
إذًا مادام هناك بعض الفصول لم تطبع مناهجها الجديدة بعد مثلًا الفصل الثالث المتوسط ولعدم توفر الكتاب لا من جهات التعليم ولا في السوق الحر حتى.
كما أن كثير من العاملين بالولاية والذين يتبعون لصرف المرتبات اتحاديًا تأتيهم مرتباتهم بصورة غير منتظمة وهي غير مكتملة بنسبة تتجاوز النصف بقليل.
وهذا القليل منها يصرفونه على أولويات الطعام والشراب والعلاج والتي جميعها لا تنتظر بصورة أكبر من التعليم الذي ترون أنه وحده من لا ينتظر.
وعليه فهم لن يتمكنوا من شراء الكراسات أو الدفع لما تقرره مدارسكم فجأة من رسوم يتم تحصيلها قصدًا بالصوت العالي والعمل على إحراج التلميذ بين زملائه.
كما أن بعض المدارس في محليات الولاية لم تستطع حتى كتابة هذه الأسطر من استئناف الدراسة لوجود وافدين فيها؛ لم يُوفر لهم المكان البديل.
إذًا في ظل عدم توفير كل هذه المعينات المهمة والعاجلة فإن التعليم بإمكانه أن ينتظر كما ظلت تنتظر الكثير من الشؤون الحياتية الضرورية الأخرى.
ولتعلموا بأن استئناف الدراسة ليس مجرد قرار من الجهة الأعلى للأدنى أي من المسؤولين الكبار إلى مديري التعليم إلى مديري المدارس وبدون التوفير لأدنى مقوماتها.
و بما أنكم تعتمدون في توفير غالب معينات العمليات التدريسية في هذه الظروف على المواطن إذًا يكون هو الجهة الأولى بإصدار قرار استئناف الدراسة لا أنتم.
هذا والله نسأله إصلاح الحال والأحوال. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.