مقالات

الجنرال المراوغ!!

الحاسة السادسة

رشان أوشي:

كأني بالشاعر العربي القديم يزور السودانيين في محنتهم بالزمن الصعب، مواسيا لهم. و مخففا عنهم بقوله: «يعطيك من طرف اللسان حلاوة / ويروغ منك كما يروغ الثعلب». والمراوغة، في أبسط تعريف لها، هي التغطية بالحديث على على النيات غير الظاهرة للعلن التي تنطوي عليها النفس البشرية.
الجميع شاهد على “البشير” عندما قام بـ”لي” عنق نواب برلمان 2017م واجبرهم على سن تشريع لوضع قوات “الدعم السريع” تحت إمرة القائد العام، كانت وقتها مجرد “مليشيا” تتبع لجهاز المخابرات العامة –جهاز الأمن الوطني آنذاك، ثم اخرجتها الوثيقة الدستورية من إمرة القائد العام وجعلتها قوات منفصلة رابعة.
قام ” البرهان” بإلغاء المادة (5) ووضعها مرة اخرى تحت إمرة القائد العام، كل تلك الخطوات نفذها ولم تجد معارضة من شخص ما، ولا حتى “دقلو ” نفسه لم يرفضها علناً، إذا ما الذي يمنع إصدار قرار آخر بالدمج، إن لم يكن حديث القائد العام مجرد مراوغة متفق عليها مع نائبه، لتهدئة الجيش الذي بدأ يتذمر من تنامي “الدعم السريع” سياسياً، إقتصادياً، تسليحاً، ويزداد عدده يومياً، بفتح معسكرات تجنيد في شرق البلاد وغربها أمام ناظري “البرهان” ربما بموافقته شخصياً.
من يخدع القائد العام؟، هل يخدع شعبه؟، وجيشه؟ ، ام يخدع نفسه؟
يحاول القائد العام كسب الوقت لتمرير صفقة متفق عليها مع نائبه، وحلفاءهم الدوليين، ويسعى في ذات الوقت للمحافظة على شعبيته وسط الجيش، لأن التذمر خرج للعلن، لذلك تأتي تصريحاته كلها من منابر غير مناسبة، لا اعتقد ان حفل “زواج” هي محفل مناسب لمخاطبة الشعب حول أمور البلاد والجيش.
(2)
في الوقت الذي تعجز فيه الدولة عن سداد مستحقات قطاع التعليم، وتفشل عن الاستجابة لمطالب المعلمين العادلة والموضوعية، تعمل على تأسيس أجهزة نظامية وقوات جديدة، بمنصرفات، رُتب، ضباط، أموال تسيير، رواتب جديدة، تضاف الى ميزانية الدولة المرهقة والتي ترقد على فراش الموت.
ما الفائدة المرجوة من تأسيس “جهاز الأمن الداخلي” وماهي المهام التي تعجز بقية الاجهزة عن القيام بها، وما علاقة “جهاز أمن داخلي” بملفات الإرهاب التي هي من صميم عمل “جهاز المخابرات العامة”؟، هل يعمل رئيس مجلس السيادة على قتل مؤسسات الدولة تدريجياً، لإحلال “اجهزة” موالية له وحلفائه الجدد محلها؟
اذا كلما يحدث الآن محض “مراوغة” سياسية، يرجو أصحابها الوصول الى نظام سياسي قائم على حلف “البرهان” ونائبه، وسيدفع بالأخير الى المزيد من التمكين لقواته التي يستخدمها كرافعة سياسية وإقتصادية له ولعائلته. يساعدهم في ذلك حليفهم “المبعوث الدولي” الذي يؤدي دور المراوغة في مفاوضات «مستورة» وغامضة في بعضها بقاعة الصداقة والآخر خلف الأبواب المغلقة ، من دون وجود إرادة شعبية لفرض حل في البلاد،
بل يستدعي “البرهان” بإستمرار المجتمع الدولي للمشاركة مع فصائل معزولة جماهيراً وسياسياً ، في رسم أفق المستقبل السوداني ، من دون الرجوع إلى بقية الفاعلين السياسيين والشعب ! وكأنه بذلك يصر على منح حلفاءه اعترافا دوليا ومحلياً بحق التسلل والهيمنة على السلطة واتخاذ القرار الوطني !
محبتي واحترامي.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق