مقالات

الجميل الفاضل يكتب: قصة جيل لن يُهزم

إن جيلا يختلف يجتاح الآن هذا الأفق، هو جيل كاد أن يخرجني من غيابت جبي، “بئر نفسي العميقة”، أعدو عاريا أصيح.. وجدتها، وجدتها، وجدتها.
فلو أن “ارشميدس” خرج عن طوره وملابسه بعد أن وجد للطفو قانونا
فقد الهمني أيضا نصيبي من هذا الجيل، “الفاضل ومصطفى”، أن للغوص قانونا، يشير بالضبط إلى حيث، يختبيء “البستان في الوردة”، والغابة في الشجر، كما يقول شاعرنا محمد المكي ابراهيم في نصه البديع:
تختبيء الصدفة فى منعطف الطريق
والعسل البريئ فى الرحيق
وطائر الفينيق فى الحريق
يختبىء الحريق فى الشرر
يختبىء العنصر فى مركباته
والعدد البسيط فى مضاعفاته.
فالفاضل ومصطفى شابان في المقتبل، الأول يمشي على أربع وعشرين ربيعا، والثاني يزحف نحو واحد وعشرين سنة.
بيد أني لم أنتبه إلا بعد إصابتيهما، إلى أنهما قد باتا يخبئان بجوفهما ذات الجرثومة التي قادت المراسل الحربي، وأهم رئيس وزراء في التاريخ البريطاني “ونستون تشرشل” لإكتشاف حقيقة واحدة قبل أكثر من مائة عام، حقيقة بسيطة يقول فحواها باختصار شديد: أن السودانيين صنف من البشر، يمكن أن تقتله، أو أن تحصده بآلة حربك، لكن لا يمكن أن تهزمه.
ربما لأن تشرشل الذي يدرك جيدا أن الهزيمة النفسية هي الهزيمة.
ذلك النوع من الهزيمة التي لم يجد لها تشرشل أثراً بين الرجال في معركة كرري، أولئك الرجال الذين لم تتزعزع ثقتهم بالنصر إلى آخر ثانية من المعركة رغم مقدمات الهزيمة.
هذه الحقيقة التي أدركها تشرشل بعمق مدهش في القرن التاسع عشر، يبدو أن البرهان، وعرابو إنقلابه من الأخوان، لم يدركوا إلى الآن على الأقل، عشر معشارها.

المهم فإن نجلاي “الفاضل ومصطفى” اللذين قد ولدتهما، أو بالأحرى صيرتني أقدار مكتوبة في لوح الأزل، أبا “بيلوجيا” لهما، قد أجبراني اليوم على إعادة النظر في نمط علاقتي بهما، التي فرض علي الواقع أن أقر بضرورة تواؤمها مع طبيعة الدور المؤثر الذي يضطلع به جيلهما.
المهم فرغم أن هذا الواقع لا يلغي حقيقة أني قد ولدتهما من صلبي، وربيتهما كما ينبغي وفق ما أظن، إلا أني أستشعر الآن أنهما “يلداني” أنا نفسي من جديد، بشكل أو بآخر،”روحيا” على الأقل.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق