مقدم النشرة الجوية

بقلم/ عمار مختار جمعة جابر:

كان هنالك سؤال عن الوظائف والهيكل الوظيفى بمرافق الأرصاد الجوية الوطنية والسؤال كان تحديداً عن الهيكل الوظيفي في الهيئة العامة للأرصاد الجوية،وماأثار حفيظتى للكتابة هو أن هنالك بعض المسميات الوظيفية في طريقها إلى الاندثار رغم أهميتها، ومن هذه الوظائف وظيفة مقدم النشرة الجوية.
لا يخفى على الكثيرين أن الهدف الأساسي لمرافق الأرصاد الجوية هى مد قطاعات الدولة المختلفة بمعلومات الطقس وتوقعات المناخ للتخطيط وتنفيذ البرامج والأنشطة المختلفة والسلامة العامة وزيادة الإنتاج والدفاع إضافة إلى السياحة والترفيه. وبما أن لكل قطاع خصوصيته نجد أن هناك إدارات متخصصة في رفد الجهات المعنية بالخدمات المناخية. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الإدارة المعنية بشؤون الطيران حيث تقوم بتوفير المعلومات اللازمة لسلامة الطيران والتشغيل الأمثل للأنشطة المختلفة. كذلك الإدارة المعنية باقطاع الزراعة والأمن الغذائي فهى توفر البيانات والمعلومات التي تساعد في التخطيط الزراعى والعمليات الزراعية ومكافحة الآفات والحشرات وعمليات الحصاد والتخزين والتسويق، وكذلك الإدارة المعنية بقطاع إدارة الكوارث حيث توفر التوقعات للاستعداد للكارثة في مراحلها المختلفة، إدارة الكارثة والتعافي من الكارثة. أيضاً المعلومات التي تنشر وتوزع للجمهور لإدارة أنشطته المختلفة والتي يمكن أن تكون في أماكن مغلقة أو أماكن مفتوحة، ليلا كانت أو نهاراً.

تتباين الأدوات والأجهزة التي تستخدمها مرافق الأرصاد الجوية الوطنية في نشر وتوزيع توقعات الطقس والمناخ للمستفيدين حسب جاهزية المرفق من حيت الأجهزة والمعدات والقوى العاملة ووفرة البيانات من المصادر المختلفة.
لكن هنالك موجهات وضعتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تنظم عمليات نشر وتوزيع الخدمات المناخية للمستخدمين كل حسب مجاله.
ومن أقدم طرق توزيع توقعات الطقس هي النشرة الجوية التي ثبت عبر الأجهزة الإعلامية المسموعة والمرئية. ولا يخفى علي الكثيرين منا صدى النشرة الجوية في تلفزيون السودان منذ زمن بعيد. إذا كانت الواجهة الأساسية والتعريفية للهيئة العامة للارصاد الجوية، ومن خلالها نجحت الهيئة في نشر ثقافة الأرصاد الجوية في المجتمع السوداني حتى أثرت في الشعر والغناء.
الهدف الرئيس من النشرة الجوية هو تمليك المستفيدين معلومات عن توقعت الطقس للاربعة وعشرين ساعة القادمة وكذلك ملخص لطقس اليوم السابق حتى يتمكنوا من التخطيط لانشتطهم لليوم القادم على ضوء ما ورد في النشرة الجوية من أجل تقليل المخاطر وزيادة هامش السلامة ودعم إنجاز الأعمال المجدولة والطارئة.
عادة تقدم النشرة باللغة الرسمية للدولة ويمكن أن تكون بلغة عالمية أخرى ويمكن أيضاً أن تكون بلغة محلية حتى تعم الفائدة في حالة بثها عبر الوسائل المرئية تصاحب بخرط الطقس التى تظهر مناطق المرتفعات والمنخفضات الجوية التي تعكس اتجاه الرياح وقوتها.
كذلك تعرض الخرط درجات الحرارة العليا والدنيا المتوقعة للأربع وعشرين ساعة القادمة وكذلك المناطق المتوقع فيها هطول الأمطار. أيضاً تعرض الخرط الجبهات الهوائية التي عادة ما تتسبب في العواصف الترابية والرملية في موسم الشتاء.

يقوم مقدم النشرة الجوية باستعراض الطقس الماضي باقتضاب ثم يدلف إلى أهم المعالم التي تؤثر على الطقس ومن ثم يستعرض مواقع المرتفعات والمنخفضات الجوية إن وجدت، موقع الفاصل المداري والمناطق التي يمر بها والطقس المتوقع من حيث درجات الحرارة والامطار. عادة تختم النشرة الجوية بوقت الشروق والغروب والفجر لليوم القادم.
مقدم النشرة عادة يكون من موظفي مرفق الأرصاد الجوية الوطنى ويكون قد تلقى تدريبا مكثفا بعد حصوله على مؤهل جامعي في الأرصاد الجوية أو العلوم الطبيعية ذات الصلة (الفيزياء، الجغرافيا، الرياضيات وغيرها).
يمكن أن يكون مقدم النشرة الجوية إعلاميا مهنيا يتم تدريبه على تقديم النشرة الجوية ويتم هذا التدريب مع اختصاصي التوقعات الجوية حتى يفهم طبيعة الطقس والعوامل التي تؤثر فيه.
يقوم مقدم النشرة الجوية وفريقه بإعداد النشرة بعد الاضطلاع على بينات المحطات الأرضية، صور الأقمار الاصطناعية، مخرجات النماذج العددية والنقاش مع الخبراء في التوقعات الجوية.
يقوم فريق إعداد النشرة الجوية بالاستعانة ببرامج الكمبيوتر والتي تقوم برسم الخرط وإضافة مواقع المنخفضات والمرتفعات الجوية كذلك الجبهات الهوائية ودرجات الحرارة العليا والدنيا. ويتم استخدام الألوان لتوضيح المرتفع الجوي (لون أزرق) والمنخفض الجوي (لون أحمر) وكذلك درجات الحرارة العليا (لون أحمر) ودرجات الحرارة الدنيا (لون أزرق) والفاص المداري (خط أسود سميك متقطع) أو كيفما اتفق عليه من قبل المختصين.
عرض النشرة الجوية عبر الوسائل المرئية يتيح تواصل مباشر مع الجمهور والمستفيدين حيث تكون النشرة الجوية راتبة في نفس الوقت يومياً. ويمكن أن نكون هنالك نشرات استثنائية في حالة توقع طقس متطرف كالأمطار الغزيرة التي تؤدي لحدوث سيول وفيضانات، العواصف الترابية التي تقلل مستوى الرؤية الأفقية إلى حدها الأدنى ، موجات البرد القارس والحر الغائظ.
استفادت النشرة الجوية من التقدم الذي أحرز في مجال التصميم البرامجي حيث أصبحت هنالك برنامج معينة تقوم بتصميم النشرة الجوية وتوفر كل العناصر والرموز المستخدمة في النشرة وكذلك الالوان. أيضاً أضيفت ميزة الحركة، إذ يمكن إظهار حركة الرياح والضغط الجوي والجبهات الهوائية.

من أهم مميزات هذه البرامج المعدة لتصميم النشرة الجوية السرعة، إذا تتيح تصميم النشرة في وقت قياسي وحفظها وتطويرها بإضافة معلومات إضافية إذا لزم الأمر. أيضاً تتيح حفظ المادة (النشرة الجوية) في عدد كبير من الصيغ، مثلاً كفيلم أو عرض تفاعلي وغيرها. أيضاً يمكن حمل ونقل النشرة الجوية عبر الوسائط المختلفة. أيضاً يمكن إضافة مواد صوتية أو مرئية ودمجها في المادة الأساسية. بهذه الصورة يمكن انتاج نشرة جوية وإضافة صوت مقدم النشرة وصورته وحفظ النشرة كفيلم ومن ثم بثها عبر الوسائل المرئية ومنصات التواصل الاجتماعي. ضرورة وجود النشرة الجوية في وسائل الإعلام المختلفة ضرورة ملحة في هذا الوقت الذي تتزايد فيه وتيرة الطقس المتطرف وتزيد شدة الكوارث الطبيعية. أيضاً وجودها في وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي ضرورة لأن هذه المناصات تستخدم بواسطه عدد كبير من المستفيدين على رأسهم الشباب. لذا نحن لا ندخر جهداً في المساهمة في وجود النشرة الجوية في وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي بصورة جذابة تعكس أهمية توقعات الطقس وتحث المستفيدين على الاستخدام الأمثل لها لتلافي الخسائر المحتملة وترسيخ قيم ثقافة الأرصاد الجوية في المجتمع. نتطلع لمشاهدة مقدم النشرة الجوية يعرض توقعات الطقس ليوم 17 يوليو 2030م. نعم 17 يوليو 2030م لأن معرفة المستقبل تساهم فى بناء الحاضر وخاصة إذا كان المستقبل موسوم بالتغيرات المناخية التي تحمل في طياتها الكثير من ظواهر الطقس التى قد تأثر علي المجتمع سلبا وتهدد بنيته التحتية وموارده الطبيعية. وسوف يكون هذا دورا إضافيا للنشرة الجوية إذا أنها سوف تكون منبر تعليم وتوجيه بالمخاطر المناخية المحتملة. كل التحية للأخوة والزملاء الذين كانت اطلالتهم من خلال تلفزيون السودان ينتظرها المزارع والمسافر ناهيك عن التاجر والطالب لما تحمله من معلومات تمكنه من اتخاذ القرار على بصيرة فيما يمكن أن يفعله غداً.

عمار مختار جمعة جابر – المستشار الوطني لمشروع الجاهزية للتكيف مع التغيرات المناخية – منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة – الخرطوم 18 يوليو 2022م.