منوعات وفنون
“البُرمة” في دارفور.. تعدد الفوائد والمسميات
الساقية برس- سمية المرضي خمجان:
يرجع تاريخ (البُرمة) فى السودان إلى الإنسان الأول وارتباطه بتصنيع أدوات الطبخ الفخارية وصناعة الفخار بشكل عام.
وبما أن الأكل والشرب أول شئ يفكر فيه الإنسان، جاءت صناعة (البُرمة) كإناء للطعام وفق الارتباط بصناعة الغذاء وتطورات هذه الصناعة.
تصنع البُرمة من الفخار (الطين) وتستخدم لطهي الطعام وحفظ الماء وتسخين الألبان وغير ذلك من الاستخدامات المنزلية.
وعلى الرغم من تطور المطبخ السوداني من حيث المطبوخ وأواني الطبخ وملحقات عملية الطبخ ظلت البُرمة تعنى الكثير للشعب السودانى وما زالت تمثل مصدر إهتمام وتقدير لدي السيدات في دارفور وخاصة في المجتمعات الريفية.
يختلف اسم البُرمة باختلاف المجموعات السكانية ونمطها الغذائي والثقافي، فمنهم من يسميها (البُرمة) وهو الأكثر شيوعاً في دارفور ويطلق عليها ايضاً (الجر) و(الجُرة) كما تسمى (الكلول) .
ومع تطور آليات الصناعة في الفخار ووجود مراكز تصنيع مختلفة في المدن تطورت صناعة البُرمة وأصبحت تصنع من الحديد
و الألمنيوم وغيرها.
وطال ذلك التطور مسماها التقليدي فأصبحت تسمى (الحلة) و(التمبل) .
وفي صناعتها من الفخار أو الطين يتم حرق الحبيبات الترابية في النار لحمايتها وتقويتها مما يشكل متانة خاصة ومناعة ضد تعرضها للكسر أو أي ضرر آخر قد يلحق بها .
ولاية شرق دارفور من الولايات التي تهتم بالموروثات الشعبية وتمجدها، هذا ما دعاني للوقوف عند البُرمة وأهمية المحافظة عليها ومكانتها بين الموروثات الأخرى داخل المطبخ المحلي.
تعود هذه الصورة إلى معروضات ثقافية وتراثية ذات أبعاد اجتماعية في أعياد الحصاد بشرق دارفور ، والذي أقيم في مشروع هجليجة الزراعي جنوب شرق مدينة الضعين في الثامن من فبراير الماضي، حيث كان من ضمن المعروضات التراثية البُرمة والتي تم تصنيعها من الخشب من قبل السيدات وهذا إن دل فإنكا يدل على إيمان المرأة الريفية بأهمية الموروث الشعبى والثقافي والمحافظة عليه وفق العادات والتقاليد.
ولم ينحصر دور ” البُرمة ” عند الطبخ أو تسخين الألبان ففي بعض المكونات المجتمعية بشرق دارفور تعتبر البُرمة من الطقوس الأساسية في مناسبات الزواج، حيث (شد البُرام)
وهو اليوم الثاني من يوم الزفاف يوم (الصبحية) كما يُطلق عليه في غالب مناطق السودان، وتجتمع يوم (شد البُرام) أسرتي العروسين، ويُحضر الموقد ويوقد كلا العروسين النار ويضعون “البُرمة” أو “الحلة” ويتشاركون صناعة إحدى الأكلات في دلالة على مشاركة العروسين فى الحياة المستقبلية.
(البُرمة) بكل تلك القيم الراسخة في المطبخ السوداني البسيط ظلت محوراً لضرب الأمثال الشعبية حيث يقول المثل الشعبي الشهير “الجيعان فورة البُرمة قاسية ليهو”.