مقالات

تسوية الثلاثية.. القوى المدنية مجرد واجهة للقوة العسكرية

عبدالله رزق أبوسيمازة:

ما أشبه روشتة الآلية الثلاثية المشتركة التي تضع الجيش خارج سلطة الدولة خلال الفترة الانتقالية، بالسيناريو المالي الذي كرس الجيش وصياً على سلطة الانتقال التي انقلب عليها في نهاية المطاف.
في البدء كان الانقلاب الذي قاده العقيد آسيمي غويتا، Assimi Goita بعد عودته مباشرة من دورة تدريبية في روسيا حيث أطاح بالرئيس المنتخب إبراهيم أبوبكر كيتا، ونصب نفسه رئيسا لمجلس عسكري يدير شؤون البلاد.
تحت ضغط المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ايكواس) التي رفضت الانقلاب ودعت لعودة الحكم المدني وهددت بفرض عقوبات على مالي، وافق غويتا على تسوية قائمة على تنازل من كلا الطرفين بمقتضاها لن يعود كيتا الرئيس الشرعي للحكم، ويحل محله رئيس مدني ذو خلفية عسكرية هو باه نداو Bah N’Daw يعاونه في إدارة البلاد خلال فترة انتقالية مدتها 18 شهراً، رئيس وزراء مدني، هو مختار اوان Moctar Ouane .
وإثر قيام الحكومة الانتقالية بإجراء تعديل وزاري شمل اثنان من قادة الانقلاب، قام غويتا الذي كان يشغل موقع نائب الرئيس ووزير الدفاع بانقلابه الثاني في 24 مايو، وعين نفسه رئيسا للسلطة الانقالية، وأجّل الانتخابات حتى العام 2024.

روشتة التسوية في السودان تخرج الجيش من سلطة الحكومة المدنية، ومن ثم تعطيل برنامج الانتقال المتعلق بخروج الجيش من المشهد السياسي ابتداءا، وبإعادة هيكلة القوات المسلحة ودمج المليشيات في جيش موحد بعقيدة جديدة، ووضع شركات القوات النظامية ذات الطبيعة المدنية تحت إشراف وزارة المالية، ومع ذلك تفرضه التسوية شريكاً للقوى المدنية في الحكم بانفراده بالتقرير في الشؤون العسكرية والسياسات المتصلة بها، ورقيباً على الحكومة، وسيفاً مسلطاً عليها، كما يستشف من تجربة مالي.

وفق مشروع التسوية المطروح فإن السلطات المدنية تتحول لمجرد واجهة للقوة العسكرية وهي السلطة الحقيقية منذ الإطاحة بالبشير، وقد تجلى وجهها الحقيقي عقب انقلاب 25 أكتوبر والذي لم يتكشف إلا جزئيا خلال فترة ولاية رئيس الوزراء الانتقالي؛ الدكتور عبدالله حمدوك، عبر ممارسة للسلطة في العديد من المجالات التي تخرج عن تفويضها.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق