كنا هناك- اشتياق عبدالله:
للمرة التاسعة على التوالي قررت الإعلامية سهير عبد الرحيم أن تبدأ حملة (دفيني) بمشاركة جهاز المخابرات العامة والمؤسسة التعاونية للقوات المسلحة وهي حملة تستهدف الشرائح البسيطة في المجتمع توزع لهم معينات الشتاء بطاطين وسيوترات.
عقب اتفاق بين الأطراف الثلاثية المشاركة هذا العام قرروا استهداف إحدى قرى شرق النيل الطرفية وتدعى (سيال الفكي سعد) وتم الاتفاق على اللقاء للتحرك في تمام الساعة الحادية عشرة من أمام أبراج النيلين بالخرطوم، وفي تم الساعة العاشرة وشمس الشتاء الدافئة تغازل نهار الجمعة تحرك المشاركون من منازلهم تاركين إجازة الجمعة ولم شمل الأسرة وخصوصية اليوم للمشاركة في عمل أعظم وخيري يتمنى كل ذو حظ عظيم المشاركة فيه.
في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف اجتمع المغادرون في (رحلة الخير) وتم التحرك بعربتين محملات ببالات البطاطين في البداية كان لابد من الوصول إلى بقية الأطراف ودليل المنطقة.
توتر قبل المغادرة
توتر البعض قبل التحرك خشية العودة في زمن متأخر إلى منازلهم ولكن طمأن بعضهم البعض بأن العودة ستكون في زمن مبكر، وعند تمام الساعة الرابعة سيتم التحرك إلى الخرطوم، وبهذه الكلمات قرر الجميع أن يربط حزام الأمان لانطلاقة للرحلة التي كانت بدايتها بعد عبور كبري المنشية والاتجاه نحو الجنوب الشرقي لبعض الوقت الطريق الأسفلتي ثم الانحراف منه والدخول في شوارع المطبات وشجر السنمكة الذي كان يعج به المكان.
لم تبتعد العربات المتحركة عن بعضها كثيراً وكان الجميع أسرة واحدة حيث تم تخفيف الضغط للمتوترين بخصوص العودة بالمزاح والغناء وبين أصوات اسرار بابكر و محمد وردي وجمال فرفور تم قطع مسافات وشوارع لا تصلح لمشي السيارات العادية والمارة وليس بها سكان.
ثلاث ساعات واكثر حتى وصلنا إلى نقطة التوزيع سيال الفكي سعد، هذه القرية بها عدد من الشخصيات البسيطة وذات ملامح ريفية تستحق أن تنظر اليها الجهات الحكومية من حيث الخدمات ومقومات الحياة.
في حضرة الخليفة..
استقبلنا الخليفة استقبال الفاتحين فجلسنا جميعنا على الأرض كما يحدث داخل جميع الخلاوي السودانية وعقب الترحاب والتعريف ذكر أحد الحاضرين أن الخليفة اسمه “عمر الخليفة محمد” هو شقيق الخليفة في أم ضوبان، وتم تقديم شراب “عكارة” ولغير الناطقين بها يعرف عند الكثيرين “بالموص ” ومن بعدها ذكر الحاضرون للشيخ بأنهم قادمون لتوزيع بطانين واسم الحملة دفيني فقال الخليفة مرحبا بكم وعرف الحاضرين بأن القرية منذ العام “1894” في سؤال عن ما ينقصهم للاطمئنان على أحوالهم ذكر بأن الكهرباء دخلت لهم قبل 18 عاماً وبخصوص التعليم بها مدارس مشتركة
والطلاب” 400″ في مرحلة الأساس
وبها خدمات متكاملة وتم اختيارها قرية نموذجية في شرق النيل.
وعقب نهاية الحديث كان هنالك إصرار منهم على ضرورة تناول وجبة الغداء وبالرغم من الاعتذارات لضيق الزمن ولكن بالكرم السوداني المعروف والذي تتميز به الشخصيات السودانية لم يستمعوا لتلك الاعتذارات، وقبل مغادرة غرفة الخليفة قام برفع الفاتحة بالتوفيق والزيادة على المتواجدين.
لحظة التوزيع..
انطلق التوزيع واصطف الأطفال في تهذيب أهل الخلاوي والقبب والمسيد المعهود وتم تقديم البطاطين لهم. أثناء ذلك التوزيع رفضت صغيرة ذات شعر مسدل وعينان عسليتان، أخذ البطانية الخاصة بها ولكن بعد حديث ومحايلة أخذ شقيقها الذي يحمل ذات الملامح نصيبه ونصيب تلك الصغيرة. انتهت رحلة دفيني داخل الخلوة، وانطلقت داخل ذلك الحي الذي يجعلك من خلال النظر إلى البيوت التي تم إتمام البناء “بالشوك” أن تعلم مدى العيشة البسيطة وانعدام ابسط مقومات الحياة.
تم توزيع البطانين المتبقية عليهم وحملها الجميع بابتسامة الرضاء والشكر والدعاء وتلك الابتسامات وحديث بعض النساء بأن غطاءهم كان التوب الذي يتلفحونه للمشاوير وأن الشتاء هذا العام سيكون دافئا ومختلفا هذا الحديث جعل فريق الرحلة لا يشعر بمعاناة الوصول وأصبح طريق العودة سهلاً.
ودعنا سيال الفكي سعد والمغيب والشفق الأحمر كان يودع فينا ويرسم لنا خطوطه الساحرة على السماء.