علوم وتكنولوجيامقالات
عرفة صالح يكتب: محاربة الإشاعة.. كيف ولماذا؟
لمن تُقرع الأجراس؟ ونحن ننظر ونتفرج على مجتمعنا السوداني الذي بات يتشكل ويتغير وفق مفاهيم جديدة بعيدة عن قيمنا وعاداتنا وسلوكنا القويم وديننا الحنيف!.
إنه أمر يثير الخوف ويهدد مستقبل الأجيال. عوامل كثيرة ومتعددة ساهمت في دك حصون المجتمع، وأول هذه العوامل بروز الشائعة وسط المجعتمات المحلية والمدنية بصورة سافرة هددت أمنه وهتكت ترابطه وتماسكه .
أصبحت الشائعة وبانتشارها الواسع في الوسائط تهدد الأمن المجتمعي وتهدم الاقتصاد القومي، وشكلت آفة من صعب محاربتها ومحاصرتها مع ثورة التحول الرقمي والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كل هذه العوامل ساهمت بدرجة كبيرة في تطويق المجتمع بالشائعة مع بروز خطاب الكراهية .
ومحاربة الشائعة ليس بالأمر السهل وانما عملية تحتاج لعمل جبار وجهد مضن من عدة جهات أولها أجهزة الإعلام المختلفة التي ينبغي أن تؤدي دورها المنوط بها في توعية الناس والتحقق من المعلومة لتكون بذلك أول بوابة لدحض الشائعة في مهدها ، هذا فضلاً عن دور الجامعات ومراكز البحث المتخصصة والشرطة ودور العبادة.
هذه المؤسسات يجب أن يتكامل دورها في حاضنة واحدة وتعمل سويا في إثبات الحقائق مجردة دون أن تحدث أي خلل في المجتمع وتؤدي لتفككه .
في ظل هذا التزاحم المعلوماتي والمعرفي التقطت مؤسسة (ون ون) القفاز ودشنت مركز لمحاربة الشائعة عبر شراكة ذكية مع جامعة السودان المفتوحة والمركز الموحد للمعلومات بولاية الخرطوم كأول مركز في السودان خصص لهذه المهمة وصمم برنامجا دقيقا وبتقنية عاليةحتى يتمكن المركز من محاصرة الشائعة قبل انتشارها في الفضاء الواسع وتترك أثراً سالبا في المجتمع ربما يؤدي لهلاكه وتدميره بسبب معلومة كاذبة .
ومهمة المركز الذي ولد في ظروف بالغة التعقيد ليست سهلة باعتبار انه يعمل في ظل ظروف صعبة للغاية ومتشابكة الخطوط، وهي كيفية التحقق من المعلومة الصحيحة واقناع الناس بألا يتعاملوا مع الشائعات لأنها قاتلة ومميتة .
ومن أول الوسائل والطرق التى يمكن أن نحارب ونكافح بها الشائعات خلق برامج توعوية تستهدف قطاعات المجتمع المختلفة، وأن تدرج في المناهج الدراسية من مرحلة الأساس وحتى الجامعات والكليات لترسيخ مفاهيم المحبة والإخاء بين مكونات المجتمع ، بجانب إنشاء مراكز بحوث للتحليل النفسي، واستخدام وسائل التواصل بالصورة الأمثل في تعزيز الطاقة الإيجابية بين الجميع حتى نصل لمجتمع صحي معافى من أمراض الحقد والكراهية والتنمر على الغير والعقد النفسية والابتعاد عن الانانية وحب الذات والتخوين ، والتفكير تجاه الآخرين بنظرة ايجابية تدعم تماسك المجتمع وتقتل الشائعة في وقتها قبل أن تولد وتنتشر وتصبح داءا عضال تؤثر في الأمن القومي وتهدم الروح الوطنية ، حتى لاتولد الطاقة السلبية التى تقود المجتمع حتما للشتات والتفرقة والتشرذم والتمزق والذي بدوره يقود لفنائه ومن ثم فناء الوطن أجمع وساعتها لاينفع الندم .
إن مخاطر الشائعة لاتحصى ولاتعد فهناك العديد من البشر تأثر بها وتخربت حياته بسببها ، فالموضوع خطير ومرعب ويحتاج لتضافر الجهات الرسمية والمؤسسات العلمية والاكاديمية والمجتمع المدني والأسرة للعمل سويا والبدء بتربية النشء على أسس تعاليم الدين الإسلامي وعلى الصدق والشفافية واحترام رأي الآخر وترسيخ مفاهيم الوطنية وتعزيز روح الإخاء بين فئات المجتمع ومكوناته المختلفة، حتى نتمكن من المحافظة على وحدة وتماسك الدولة كالبنيان المرصوص.