إخلاص نمر:
بمساعدة ومراقبة أصدقاء حماية الحياة البرية، تم ضبط لحوم غزلان، مغطاة بمشمع بلاستيك ،في الصندوق الخلفي لعربة(بوكس دبل كاب) ، والقادمة من منطقة الزرق بوادي هور، تتبعه عربة أخرى والمسماة (أوباما) تقل عددا من الأجانب، وصلت الأوامر سريعا بإطلاق سراحهم، تحت بصر وسمع شرطة حماية الحياة البرية، التي وقفت مكتوفة الأيدي، حيال ماحدث، رغم أن نصوص القانون واضحة، وضوح الشمس في رابعة النهار، وتقول: “يمنع منعا باتا اصطياد الحيوانات في محمية وادي هور، وغيرها من المحميات الأخرى”.
في بلدي المنكوب والموجوع، بوجود الحكومة الانقلابية، واصطياد الثوار في الشوارع بالسكسك.
وماحدث، أن هؤلاء الأجانب، لم يكن بحوزتهم، تصديقا مكتوبا ،يسمح لهم بالدخول لمنطقة الزرق، و اصطياد غزلانها والتمتع بلحمها الشهي، وهنا أفاد المساعد (ق) الذي يتبع للدعم السريع، عند استنطاقه و التحري معه في نقطة شرطة جبل حله، أفاد الجميع، بأن هؤلاء الأجانب، يحملون ترخيصا شفاهيا من المجلس السيادي، لذلك يجب عدم التعرض لهم أو احتجازهم.
وتترى التفاصيل، التي توضح أن شرطة حماية الحياة البرية بمحلية أم كدادة، قد بلغها من الأهالي في القرى المجاورة، لمحلية أم كدادة، والتي تبعد حوالي 20كلم شمال شرق المحلية، وغرب وحدة روش الإدارية، بلغها أن هنالك عربة أوباما وبوكس دبل كاب، بداخله افرادا مدججين بالسلاح (مسدسات وخرطوش صيد) في طريقهم إلى الخرطوم، قادمين من منطقة الزرق، التي تتبع لمحمية وادي هور.
بلغت العربتان نقطة تفتيش جبل حله، وهنا تم توقيفهم وبدأت إجراءات التفتيش، ومن ثم التحقيق معهم، وما إن طار الخبر إلى النقيب دعم سريع (أ) المتمركز في أم كدادة، وفور تلقيه ذلك، ارسل عربة لاندكروزر وفي جوفها (م وأ) من أفراد الاستخبارات، بكامل اسلحتهم، وفي معيتهم توجيها وامرا من النقيب دعم سريع (أ) بإطلاق سراح المحتجزين فوراً.
يبدو أننا كحماة للحياة البرية، ومبادرة إنقاذ المحميات، ننفخ في قربة مقدودة، وكلما تقدمنا خطوة، نحو المحافظة على المحميات ودورها في تحسين البيئة، والحد من تدهور الموائل الطبيعية ووقف فقدان التنوع البيولوجي، والترويج للسياحة البيئية في وطني، إلا أن (تصاديق) المجلس السيادي التي تسمح باصطياد الحيوانات والغزلان داخل المحميات والمناطق الممنوعة حولها، يقف دون النهوض بهذا المورد البيئ المهم. بل ويوسم الفعل بـ(الفضيحة).
قبل هذا التاريخ، وفي العام 2021كتبت عن محمية الردوم باسهاب ،وتداولت السوشيال ميديا والقنوات ماورد في التقرير الطويل، (والله يطراهو بالخير) التقينا بالأستاذ محمد الحسن التعايشي، عضو مجلس السيادة انذاك، عددت في التقرير الانتهاكات الواضحه، التي لاتخطئها العين ابدا، من ذبح للغزلان وسلخ لجلود الحيوانات النادرة، وهجرة الحيوانات الي الدول المجاورة، والتي تواجه الإنقراض ،بأيد سودانية خالصة، مع تبرم حيوانات المحمية، من التعدين العشوائي وانتشار آلياته وطواحين الكرتة، كل هذه جعلت حيوانات المحمية وطيورها تهاجر بلا رجعة، مع وجود معاناة النساء في مناطق استخدام الزئبق، وتشوه الأجنة.
في حادثة مماثلة لما حدث من ضبط للأجانب الآن في جبل حلة، أذكر انه تم ضبط أجانب أيضا، وفي معيتهم لحوم الغزلان الطازجة، من محمية وادي هور ، (يبدو أن المحمية قاعدة في السهلة ساي بلا حماية ولا رعاية ولاحرص) وكان ان كتبت مقالا تحت عنوان ( لاتدع الفرصة تفوتك، لحوم الغزلان من محمية وادي هور) وتم نشره عام 2021 بصحيفة الساقية برس. وانتهت القضيه، بدفع تسوية مالية، لاتساوي شيئا، أمام فقدان الوطن، حيواناته النادرة والجميلة.
شكاوى كثيرة تتداولها الميديا وملاحظات جديرة بالوقوف عندها، ترد يوميا عن انتهاكات قوات الدعم السريع للمحميات ونشر غطاء لمن يريد أن يصطاد مايحلو لحمه ويطيب طعمه، بجانب الدعم السريع تأتي انتهاكات الشركة السودانية للتعدين، فالاهل في القرى والمناطق حول المحميات يشهدون هذه الانتهاكات يوميا، والتي تنتهي بمثل هذه( التسويات).
إننا نعبث بمحمياتنا وارثنا البيئ والقومي ونعرضها في سوق بخس، ولانحافظ عليها، رغم وجود شرطة حماية الحياة البرية، التي لم تستطع حماية محمية واحدة، من التدخلات السافرة والانتهاكات العظيمة فيها ،بل وتركت الحبل على الغارب في ذلك، وربما تنتظر حلا يهبط عليها، بعد استيقاظها من سباتها، وضعفها البائن ،في عدم توفير الحماية والرعاية للمحميات، والتي تفوق عليها في تلك الحماية أصدقاء الحياة البرية.
كاد أصدقاء الحياة البرية أن يفقدوا أصواتهم من كثرة الصراخ، و مازالوا يصرخون لتأمين المحميات ورعاية حيواناتها، ومراقبتها بدقة وحذر ،وأن لا أحد فوق القانون، الذي يجب أن يردع كل من تسول له نفسه بارتكاب مخالفة حماية المحميات والحياة البرية، ولكن للأسف تدعي الحكومة الانقلابية حماية موارد الوطن، وتصدر من تحت الطاولات. التصاديق والخطابات، التي تسمح لبعضهم الصيد في المناطق التي يمنع الصيد فيها، بأمر القوانين المحلية والدولية.
لن تحل مشكلات وطني وازماته المتكررة، في وجود عسكر وجنجويد يطمع كل واحد منهم في الحكم والسلطة، ويحاول ان (يداوي) جراح الوطن بالاتفاق الاطاري، و(يفلق) في الثوار بالاوبلن والخرطوش في ذات اللحظة خارج قاعة الصداقة.
إن موارد البلاد لاتتجزأ، فلكل مورد أهمية قصوى، ودور في الحياة البيئية والمجتمعية، وبما اننا على شفا (محاولات)، اتفاق سياسي، لرسم خطى الوطن، نحو الأمن والاستقرار والسلم، يجب أن تكون موارد البلاد في الحفظ والصون، ويجب عدم المساس بها، وانتهاكها بالآليات والطواحين والبقالات المنصوبة في قلب المحميات للدرجة التي جعلت النعام يبحث عن الأكل في وسط كافتريات منطقة سنقو، وواحد من (زوزوة) النعامة في الكافتيريا، كانت الأصوات المزعجة والعالية والصاخبة، أثر دوران آليات الكرتة والشركة السودانية للمعادن، بجانب الإهمال والجوع وعدم العناية الصحية..
كنت أتمنى لو كان خطاب المجلس السيادي، الذي سرده شفاهة فرد الدعم السريع (ق)، يحمل البشرى للقرى التي تراقب موروثها البيئ والقومي في المحميات قربها، يحكي عن تأهيل المحميات وتشديد القوانين والأمر العاجل بتفريغ قلبها من الآليات، وعودة حيواناتها آمنة مطمئنة، تحت إدارة تحرص على تطبيق القانون لا التسويات.
