مقالات
تاريخ السودان في الإذاعة السودانية الدخول من باب الخروج!!! بقلم:هشام عباس زكريا
بقلم/ هشام عباس زكريا:
لقاء جميل من أصدقاء المهنة جمعني بنفر كريم ممن يحملون هم الإعلام السوداني وكان الموضوع الحاضر هو مشروع الأرشفة الإلكترونية لأعمال الإذاعة السودانية منذ التأسيس ،وفي ظل ما يمر به السودان من أحداث ظلننا بوعي أو ربما دون وعي نقتل تاريخاً ناصعاً لهذا البلد الكريم ،حيث تعتبر الإذاعة السودانية أكبر مخزن تاريخي للسياسة والثقافة والاقتصاد والإبداع وللشخصيات والرموز، وظلت تلكم معلومات حبيسة في أشرطة (الريل) القديمة التي تجاوزها الزمن، وفي عهد صديقنا البروفسير صلاح الدين الفاضل المدير الأسبق للإذاعة منتصف التسعينيات والذي نسأل المولى له الشفاء العاجل بدأ التخطيط لعمليات الأرشفة الإلكترونية ،وانتبه لذلك الأستاذ عوض جادين مدير الإذاعة السودانية نهاية التسعينيات وبداية الألفينيات وأعلن مشروع الأرشيف الالكتروني، وكان يوم 8/1/2001 يوماً خالداً حيث تخلصت الإذاعة السودانية من الورق وأصبح تحرير الأخبار وقراءة النشرات الكترونياً وانطلق مشروع(خبر نت) وقاد العمل منذ تلكم الفترة الدكتور حسن مصطفى مدير إدارة تقانة المعلومات والرقمنة الإلكترونية بالهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون الأسبق وهو من الكفاءات النادرة في هذا المجال عالمياً ويقدم خبراته الآن خارج الوطن، وبدأ مشروع الأرشفة الإلكترونية وتم افتتاحه رسمياً في العام 2010 في عهد مدير الإذاعة الأسبق الأستاذ معتصم فضل، واستمر هذا مشروع الرقمنة الإلكترونية بتكوين لجان مهنية متخصصة تستمع لشرائط (الريل) القديمة وتقوم بتصنيفها ثم تحويلها في الأوعية الرقمية ونجحت في تحويل وحفظ كل الأعمال في فترة الخمسينيات والستينيات ،وتبقت الفترة من السبعينيات وحتى الآن ،ولعل أكبر انجاز قامت به هذه اللجان هو المساهمة في ميلاد (إذاعة ذاكرة الأمة) التي تعتبر الآن من أميز الإذاعات السودانية والتي طالما ربطتنا بتاريخنا وأمجادنا.
للأسف توقفت أعمال هذه اللجان منذ سنوات وأصبح تاريخ السودان المدون صوتياً معرضاً للضياع خاصة بعد الحريق الذي طال جزءً من مكتبة الإذاعة الصوتية والطريقة التي تعامل بها الدفاع المدني في إخماد النيران مما أتلف الكثير من الأشرطة بسبب المياه، رغماً ان النار لم تصلها. وعلمت ان ميزانية الاستمرار في هذا المشروع تم اعتمادها منذ أكثر من عام، لكنها حتى كتابة هذا المقال لم تصل الجهات المختصة، مما يضع سؤالاَ كبيراً عن السبب في التأخير؟
إن الحل في تقديري هو أن يكون هذا العمل هماً قومياً تساهم فيه دار الوثائق المركزية والجامعات وشركات الاتصالات، وتكون لذلك لجنة تضم كل هذه الجهات بالإضافة للإذاعة السودانية بحيث لا يخضع هذا المشروع للربح والخسارة المادية لكل هذه الجهات، فبعد الانتهاء من هذا المشروع يمكن أن يكون كل أرشيف الإذاعة جزءً من دار الوثائق ومصادر البحث العلمي في الجامعات، وفي تقديري أن ذلك سينهض بمستوى المعلومات خاصة في مجال الدراسات الإنسانية وهذا يتطلب وعياً وإرادة، والشعور بأهمية هذا المشروع.
أكتب ذلك وفي يقيني أن العاملين بمكتبة الإذاعة الصوتية من الكفاءات النادرة، لكن تنقصهم أدوات إمكانيات العمل وأدوات الحفظ، ويا ليت في المرحلة الحالية توفر الإذاعة شركة خاصة تقوم بأعمال النظافة اليومية بصورة مهنية وتحدث نظاماً متقدماً للحماية تضمن عدم وجود حريق مستقبلاً، وتعمل على إعادة تحديث مبنى المكتبة بحيث يتسق مع الأنظمة الجديدة في السلامة ويوفر التدريب والتأهيل الخارجي للكفاءات الممتازة الموجودة الآن في المكتبة الإذاعية.
لا نريد في هذا المقال أن نكتب عن نتائج هذا الإهمال في الفترة الآخيرة والذي أفقدت السودان الحبيب الكثير من تأريخه، ولكننا نريد وضع خط أحمر على ما فات وإنجاز العمل الكبير الذي بدأته اللجان السابقة والتي تستحق من الشعب السوداني كل الود والتقدير.