حوارات وتحقيقات

والد الشهيد كشة: مؤتمر العدالة الانتقالية تحايل ومحاولة جديدة للإفلات من العقاب

التردي الاقتصادي والضنك والفساد بسبب عدم إقامة العدل

بالتزامن مع الوثيقة الدستورية السابقة صدر مرسوم بعدم مساءلة المجلس العسكري طيلة الفترة الانتقالية

“نبيل أديب” ليس “بنجامين فرانكلين” وهو اختير لهذه المهمة بدقة لعدم إظهار الحقيقة

منظمة أسر شهداء الثورة سارت على نهج الهبوط الناعم ولم تعد تمثل التطلعات في القصاص

سأظل لآخر (5) ثوانٍ من عمري أطالب بالقصاص من القتلة.. وعلى هؤلاء (…) عدم تحقيق أهدافهم بدماء الشهداء

أجرى المقابلة- محمد الأقرع:

قال والد الشهيد كشة عبدالسلام كشة، إن مؤتمر العدالة والعدالة الانتقالية الذي نظمته قوى الاتفاق الإطاري مؤخراً، هو تحايل ومحاولة للإفلات من العقاب وعقد شراكة دم جديدة.

وكشف “عبد السلام كشة” في مقابلته مع “سودانية 24” عن صدور مرسوم دستوري بالتزامن مع الوثيقة الدستورية السابقة، منح المجلس العسكري الحصانة وعدم المساءلة طيلة الفترة الانتقالية، مشيراً إلى أن ذلك أمر يعزز من شكوكهم في أي اتجاه لتحقيق العدالة من قبل القوى المدنية التي شاركت في تمرير المرسوم.

ويعتقد أن إهمال قضية العدالة سبب رئيس في حالة التردي الاقتصادي التي تشهدها البلاد وضنك المعيشة والفساد المستشري، مؤكداً أن إقامة العدل هي بوابة الاستقرار وعودة الحياة.

وانتقد والد الشهيد كشة، الذي ارتقى في مجزرة فض اعتصام القيادة، رئيس لجنة التحقيق في فض الاعتصام نبيل أديب، كما انتقد وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري، ومنظمة أسر شهداء ثورة ديسمبر التي وصفها بأنها حادت عن الدرب وارتمت في أحضان قوى الهبوط الناعم.

_ مؤخراً أنجزت قوى الاتفاق الإطاري مؤتمراً للعدالة والعدالة الانتقالية.. كيف تنظرون لهذه الخطوة كأسرة أحد شهداء الثورة ومعنيين بالقضية..؟

العدل من أسماء الجلالة، وقال أصدق القائلين: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ…).. إقامة العدالة شرط أساسي للحياة وشعار من شعارات الثورة “حرية، سلام وعدالة”، والعدالة الانتقالية مصطلح سنته مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بأسس مرعية، تعزز حكم القانون وتساعد في عدم الإفلات من العقاب بالنسبة لمرتكبي الجريمة، وفي هذا السياق سنت العديد من القوانين التي تهدف لتحقيق العدالة والقصاص من القتلة والمجرمين، لكن العدالة الانتقالية التي عقد لها مؤتمر من قبل قوى الاتفاق الإطاري هي تحايل، وتجدني موقناً تماماً بأنها محاولات للإفلات من العقاب وعقد شراكة دم جديدة مع المكون العسكري المتهم لدينا بارتكاب جرائم قتل الثوار ومجزرة فض الاعتصام.

أعتقد أن إهمال قضية العدالة والخيانة التي تتم في هذا الملف هو سبب رئيس في الحالة الاقتصادية المتردية، نحن نعيش الآن ضنكاً معيشياً وفساداً مستشرياً، إقامة العدل هي بوابة الاستقرار والحياة.

_ قد يكون المؤتمر بداية جديدة لتحقيق العدالة والعدالة الانتقالية.. ما تعليقك..؟

بالتزامن مع الوثيقة الدستورية السابقة، صدر نحو (38) مرسوماً دستورياً، وجاء في المرسوم رقم (7) حصانة للمجلس العسكري من المساءلة طيلة الفترة الانتقالية، هذا المرسوم صادق عليه الشق المدني المتناغم والمنسجم، حسب توصيفات “حمدوك” لشكل العلاقة بينهم والعسكريين، ونفس الشق المدني أو جزء منه هو الآن من يتحدث عن العدالة الانتقالية.. لذلك لا نثق فيهم، بل هؤلاء خونة للثورة ودماء شهدائها.

وبالنسبة لمرسوم الحصانة أعلاه، الذي فضحه بالصدفة المحامي والقانوني عبد العظيم حسن عبر لقاء إذاعي، أسأل الأستاذ نبيل أديب الذي ظل يورد التصريحات عن عمل لجنة فض الاعتصام والشكاوى المتكررة من عدم وجود الدعم اللوجستي ومشكلة المقر الدائم، أساله هل كان يعرف أن هناك مرسوماً دستورياً تزامن مع الوثيقة الدستورية الماضية بحصانة المكون العسكري وعدم مساءلته طيلة فترة الانتقال؟

أعتقد أن “نبيل أديب” ليس بنجامين فرانكلين، واختياره لهذه المهمة كان دقيقاً لمراعاة عدم إظهار الحقيقة.. والقانون الذي يدعي معرفته يبدو أنه لا يعلم أنه يعني الحق والعدل.

_ منظمة أسر الشهداء كانت من أبرز المشاركين في ورش العدالة الانتقالية.. ألا يضمن ذلك جودة التوصيات التي صدرت وتضمينها في الاتفاق النهائي..؟

المنظمة بقانون تأسيسها هي جمعية خيرية لا يحق لها العمل بممارسة السياسة حسب قانون مفوضية العون الإنساني، لم تنضم إلى تجمع الأجسام المطلبية، ولم تتخذ السبل الكفيلة لتدويل القضية، وارتضت وارتمت في أخضان المدنيين وسارت في نهج الهبوط الناعم.. ظللت أعاني وأسمع أن “كشة” يجير المنظمة لمصلحة حزب سياسي معين إلى أن انتهى الأمر بتجديد الثقة في المكتب التنفيذي الذي رفض الاستمرار، لأن المنظمة حادت عن الدرب ولم تعد تمثل تطلعات ورغبات أسر الشهداء في تحقيق القصاص لأبنائها.

واسأل كذلك السيد رئيس المنظمة الذي كان حضوراً في تسييرية المحامين التي نتج عنها الدستور، في محور العدالة ماذا قدمت..؟ ما حدث هو نسخة مكررة لما في الوثيقة الدستورية، وسبق أن تقدمت المنظمة بثلاث مذكرات واضحة تنتقدها، وكنا نطالب بتدويل القضية لتحقيق العدالة.

_ كيف تنظر إلى تصريحات وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري التي كشف فيها عن طلب العسكر العفو بنص دستوري أو معالجة قانونية خلال المفاوضات المغلقة بين مفاوضي قوى الحرية والتغيير والقادة العسكريين..؟

قبل الحديث عن ما أورده نصر الدين، ماذا فعل هو طيلة مكوثه في الوزارة في قضايا شهداء الثورة؟ وما مدى علمه كذلك بمرسوم عدم المساءلة الذي صاحب الوثيقة الدستورية؟ كانت هناك غرفة مغلقة كذلك حينما اجتمع المدنيون والعسكر بمنزل “أنيس حجار” قبل مليونية (30 يونيو) الأولى، وخرجت بضمانات الحصانة.. أنت كنت مسؤولاً عن العدالة ماذا فعلت..؟

_ هناك دعوات صريحة من البعض بمنح الخروج الآمن للقادة العسكريين مقابل التسوية وإنهاء الأزمة.. ما تعليقك..؟

سأظل لآخر خمس ثوانٍ من عمري أطالب بالقصاص من القتلة، لا تنازل عن دم الشهيد “كشة عبد السلام” وأنا ولي أمره، سأطالب بالقصاص لآخر نبض وما دام فينا عرق ينبض، لا إفلات من العقاب، نحن لسنا سياسيين ولا طالبي سلطة وكراسي حكم ولا شراكات مع مكون عسكري، يجب على هؤلاء أن لا يحققوا أهدافهم بدماء الشهداء، (أرواح مشت كداري فوق وإنت بتاع ملح) كما قال الشاعر.

_ “كشة” أحد قيادات تحالف التغيير الجذري ويرى البعض أنكم في التحالف لم تقدموا رؤية واضحة وآليات مضبوطة لتحقيق الأهداف التي تنادون بها..؟

تسأل عن هذا سكرتارية تحالف التغيير الجذري.

_ لكن أنت من الموقّعين وأحد قيادات التحالف..؟

هناك ناطق رسمي باسم التحالف ولجنة إعلامية تتولى التصريح إنابة عن التحالف ويمكنك الذهاب إليها، التحالف مكوناته عديدة، منها مهنيون وسياسيون ومطلبيون ومعاشيو شرطة وجيش.. عموماً أعتقد أن رؤية التحالف واضحة، فهي لا تنادي بأنصاف الحلول وإنما التغيير الجذري الحقيقي الذي ينهي الأزمة في السودان ويحقق أهداف الثورة المجيدة.

_ يدور لغط كذلك حول علاج مصابي الثورة وعدم الاكتراث لأمرهم.. أنت قريب من هذا الملف.. كيف يمضي العمل والعلاج..؟

في الفترة الأولى من حكومة حمدوك تم الاتفاق لتقديم خدمة طبية كنوع من التكريم لأسر الشهداء والضحايا، وهذه الخدمة التي تعرف الآن باسم خدمة “وفاء”، وهي تتيح لحامل البطاقة خدمة صحية في أرقى المستشفيات في السودان بدون مقابل، وتُجدد البطاقات سنوياً من قبل التأمين الصحي.

بالمقابل هناك جهات عديدة دخلت في المجال علاج المصابين، بعضها طوعي خيري وآخر يشترط تقديم العلاج أو الدعم عقب ملء استثمارات تنازل عن بلاغ الإصابة أو كما نسمع.

ما تجدر الإشارة إليه الآن، هناك ظاهرة خطيرة متفشية لدى بعض المصابين، وهي رغبتهم في السفر وتلقي العلاج بالخارج، وهو أمر خاضع لأسباب موضوعية وتقديرات الحالة بالنسبة للأطباء. أيضاً بخصوص بطاقة “وفاء” يعترض مصابون على عدم التجديد وقد تكون إصابته بسيطة وشفي تماماً، ولا يعقل أن يشمله العلاج.

حسب المتابعات، الذين يتلقون الخدمة عبر بطاقة التأمين الصحي “وفاء” أكثر من (6) آلاف مصاب، وأفراد من أسر الشهداء، وهؤلاء قلة لا يتجاوز عددهم (50) أسرة، وهذا قصور منظمة أسر شهداء ديسمبر وأحد التحفظات تجاهها.

من يرغب في الخدمة ما عليه سوى أن يحضر رقمه الوطني وتقرير حالة المستشفى الذي أسعف المصاب وبلاغ من الشرطة، والأخير لا يتمسكون به كثيراً لأن الشرطة لن تفتح بلاغات ضد إصابات المتسبب فيها أفرادها.

_ أخيراً.. أربعة أعوام على الثورة وعلى فض الاعتصام ما الجديد برأيك..؟

لا جديد، “محور الشر ما زال يشتغل”.. البلاد أصبحت مستباحة للجيوش والكتل المتناحرة من طلاب السلطة ومهربي الذهب وناهبي الثروات، البلاد منهوبة بطريقة مقننة ومحمية بقوة السلاح.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق