سياحة وآثار وتراثصحة وبيئة

القنبلة المناخية الموقوتة تدق

الساقية برس- إخلاص نمر:

قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غويتريش، “إن القنبلة المناخية الموقوتة تدق”. جاء ذلك في وصفه لأحدث تقرير للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ حول حالة تغير المناخ.

وأضاف “لأن جهود التخفيف من آثار تغير المناخ غير كافية فإن البشرية، تعيش على جليد رقيق، وهذا الجليد يذوب بسرعة ولم نكن أبدا مجهزين بشكل جيد، لحل التحدي المناخي ويجب أن نتحرك الان بسرعة الالتفاف”.

انبعاث..
يقول التقرير الموجز للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ ، لصانعي السياسات (هناك فرصة تغلق بسرعة، لتأمين مستقبل صالح للعيش مستدام للجميع) (ان الانبعاثات المستمرة تؤثر بشكل اكبر على جميع مكونات نظام المناخ الرئيسة، وستكون هنالك العديد من التغييرات المناخية لارجعة فيها ،في النطاقات الزمنية من المئوية الى الألفية، وستصبح اكبر مع زيادة الاحترار العالمي).

بالوعة..
وتؤكد الدكتورة رحاب احمد حسن ، من المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية ، ان استخدام التقانات الصديقة للبيئة،و التي تخفف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، من القطاعات الخمسة التي اتفقت عليها الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ، وتشمل قطاعات الطاقة والصناعة والنفايات والغابات واستخدامات الاراضي والزراعة، موضحة ان الدول الان تحاول الاتجاه نحو الاقتصاد الأخضر، واستزراع الغابات، التي تعتبر بالوعة لامتصاص هذه الغازات.
بجانب اتباع بعض الممارسات الجيدة ، مثل المشي، واستخدام الدراجات، بدلا عن ركوب السيارات، وترشيد استخدام الكهرباء، و استعمال النقل الجماعي بدلا عن السيارات، واستخدام الطاقه النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقه الشمسيه، والعمل على تدوير النفايات ما امكن ذلك ،مثل نفايات الخضار والفاكهة وتحويلها الي سماد عن طريق التخمير ، بطريقة بسيطة منزلية، غير مكلفة.

لايحمد عقباها..
بينما ذهبت البروفسور منى محجوب، مدير معهد الدراسات البيئية سابقا، موضحة، أن الأسرة الدولية لم تلتزم باتفاقية باريس، التي كانت ملزمة للتحول الي الطاقات المتجددة، والتخلي عن الوقود الاحفوري، وبالتالي ارتفاع درجات الحرارة ، أدى الى ازدياد وتيرة حرائق الغابات، وجفاف بعض الأنهار، في ألمانيا وفرنسا وإنجلترا، وايضا ازدياد ذوبان الجليد، والفياضانات، التي تسببت في ضياع كثير من الأرواح والممتلكات، وأشارت منى محجوب إلى أنه اذا ظلت درجات الحرارة في الارتفاع، فسوف تنذر بمزيد من الكوارث التي لا يحمد عقباها.

خارج الصندوق..
ويوضح الدكتور عيسى عبد اللطيف، رئيس منظمة بيئتي ومستشارالعناية بالبيئة واستدامة التنمية، قائلا (نذهب كل عام إلى مؤتمر المناخ بكل التكاليف البيئية الضخمة، للسفر والإقامة والمداولات، ونعود دون نتيجة مُرضية، ودون اتفاق مُلزم لأي جهة، وقد تكرر ذلك 27 عاما.، لهذا السبب نحتاج للتفكير خارج الصندوق، ولفتح مسار جديد لمؤتمر COP28).
مشيرا الى ان الاعتبارات السياسية قصيرة النظر هي حجر العثرة الرئيس، في مواجهة الحلول الحقيقية للمشاكل البيئية، في جميع أنحاء العالم، ما يستدعي إعادة ضبط سياق تفكيرنا وتعميق إحساسنا بمعنى الحياة معاً. ونوه عبد اللطيف إلى أن المشاركين في مؤتمرات المناخ هم ثلاث فئات، الأولى فئة الدول الغنية التي تتحمل وزر التغير المناخي، بصناعتها غير المنضبطة، واستهلاكها المنفلت. وهذه الفئة ترسل مفاوضين محترفين، لتخرج من المؤتمر بدون التزامات ما أمكن ذلك.
اما الثانية فهي فئة الدول الفقيرة، وهي الأكثر تضرراً من التغير المناخي، مؤكدا ان ما يؤسف له، أن هذه الفئة ترسل مفاوضين غير محترفين، ويتركز اهتمامهم في زيادة دعم الدول الغنية لهم، والتي وصفها عبداللطيف (بأنها دعم السفر والمشروعات التي يذهب جل تمويلها لهم كمستشارين، دون تحقيق أي نجاح يذكر) على أرض الواقع).
وقال عيسى (الفئة الثالثة هي فئة المنظمات الدولية، التي تجتهد في اعداد التقارير، ومسودات الاتفاقيات، التي تضمن استمرار التمويل من الدول الغنية اليها، أما التغير المناخي نفسه، فيتم اقتراح تقنيات جديدة وحلول فنية لمعالجة آثاره المدمرة ، وأغلب هذه الحلول لا تجد من يطبقها على أرض الواقع، خاصة في الدول الفقيرة، والسبب الرئيس هو إغفال الجانب الإنساني، في المعادلة، لأن المشكلة ليست مشكلة مناخ، بقدر ما هي مشكلة غياب الوعي، وغياب الضمير الإنساني الذي يحس بمعاناة الآخرين.).
وعن الحلول من وجهة نظره كمستشار للتنمية يبين عبد اللطيف، إن الحل المستدام يكمن في التركيز على الإنسان (humanware) وتمكينه، من أن يكون هو الأداة الأساسية لإحداث التغيير، وليس التكنولوجيا (hardware & software) ، فالانسان الواعي، يقلل الاستهلاك للحد الأدنى، ويحد من انتاج النفايات ، بل يحول النفايات الصلبة والسائلة المنتجة الى موارد اقتصادية، لا تضر بالبيئة، وزاد منبها ( أن المجتمع الواعي يكون أداة ضغط على السياسيين، لإتخاذ قرارات في صالح البيئة، وعليه فليكن تمويل الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى، للجوانب التربوية والتعليمية والإعلامية والثقافية، هو الأكبر والأقوى، لإطلاق طاقة الوعي البشري الإيجابية نحو كوكب معافى.)

بصمتنا الكربونية..
( يجب أن تكون مكافحة تغير المناخ إحدى أولوياتنا القصوى، خاصة الحكومات، ومن الضروري، أن نتحمل المسؤولية عن أفعالنا، وأن نعمل على تقليل بصمتنا الكربونية) هذا ما افترع به حديثه الأستاذ محمد صالح إبراهيم، الأمين العام لمنظمة شباب السودان من أجل المناخ والناشط في قضايا البيئة وتغير المناخ، موضحا أنه يجب علينا تقييم ممارساتنا الحالية، وتحديد المجالات، التي يمكننا فيها إجراء الكثير من التغيير، مشيرا الى ان ذلك ، يشمل الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة ، والحد من النفايات ، وتنفيذ طرق النقل المستدامة، ودعم وتشجيع الاستثمار، نحو الاقتصاد الأخضر،من أجل مكافحة تغير المناخ بشكل فعال ، واردف (من الأهمية بمكان أن نتعاون مع الحكومات والشركات، و منظمات المجتمع المدني الأخرى، وهذا يعني مشاركة أفضل الممارسات والعمل نحو أهداف مشتركة، واتخاذ إجراءات جماعية.) منوها إلى ضرورة ، التحلي بالشفافية ، وتحمل المسؤولية كامله من جانبنا، من أجل المضي قدما، في هذا الطريق، وأمن ابراهيم علي أهمية انشاء مراكز البحوث، وإعداد التقارير والتحليل المنتظم ، في تحديد نقاط الضعف وإجراء التحسينات.
وزاد قائلا (من المهم أيضًا النظر في دور حقوق الإنسان، خاصة العدل المناخي لسكان العالم، في معالجة تغير المناخ، وهنا يمكن لمجلس حقوق الإنسان وآليات حقوق الإنسان، الأخرى التابعة للأمم المتحدة، توفير التوجيه والدعم، لضمان أن آثار تغير المناخ لا تنتهك حقوق الأفراد، والمجتمعات الهشة و الضعيفة) مؤكدا على ان مكافحة تغير المناخ ، تتطلب الالتزام طويل الأمد و الارادة بجانب الجهد المستدام، وفي رده على سؤال الساقية برس حول دور الشباب في مكافحة آثار تغير المناخ ، أوضح ابراهيم ، من وجهه نظري كشاب، متابع لكل المؤتمرات المعنية بالتغيرات المناخية ، يجب الخروج من دائرة القاعات المغلقه و المكيفة، و التوجه نحو الحقل، و العمل علي أرض الواقع، وان نسعى باستمرار لتحسين ممارساتنا، وتحميل أنفسنا المسؤولية عن تأثيرنا على الكوكب، وذلك لن يتم الا من خلال العمل معًا، واتخاذ إجراءات مسؤولة ، يمكنها إحداث فرق ملموس في مكافحة تغير المناخ.)
وزاد ( لأن المناخ أصبح جزء لا يتجزأ من الواقع الآن، وحتى الواقع السياسي، لذلك يجب علينا دعم المبادرات الخضراء، التي ستساعد في تقليل تأثير الاحتباس الحراري، أو التصويت للسياسيين، الذين يعطون الأولوية لحماية البيئة، وأيضا دعم مبادرات الطاقة النظيفة،و دعم الشركات التي تستثمر في حلول الطاقة النظيفة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المائية)
وأمن محمدصالح،  على مساءلة الحكومات، التي لاتتخذ إجراءات تدابير صارمة للحد من انبعاثات الكربون ، والتي يجب عليها تنفيذ برنامج الخطط الوطنية، وفق الجداول المقترحة، عبر توفير الدعم اللازم لها. ونوه ابراهيم الى أهمية تحمل الأفراد المسؤولية كاملة عن أفعالهم اليومية التي تؤثر على المناخ، مع تقليل بصمتنا الكربونية ، وتبني الطاقة المتجددة ، وإعادة التدوير ، والحفاظ على الموارد و استغلالها بطريقة أمثل، تتماشي مع الضوابط البيئة، مبينا انه يجب على الشركات أيضًا، أن تقوم بدورها من خلال تبني ممارسات مستدامة واعية بالبيئة ، من التصنيع إلى التعبئة والتغليف، وختم حديثه، (حان الوقت، أن تضع هذه الشركات، الكوكب قبل الأرباح، لأن الأرواح أغلى من الأرباح، ويجب علينا جميعًا، أن نتشارك في مسؤولية الحفاظ على كوكبنا للأجيال القادمة، وحان الوقت لاتخاذ إجراءات و تغييرات في روتيننا اليومي، واحتضان الاستدامة).
وأخيرا هل فعلا سنعمل معا من أجل كوكب آمن، يحق للجميع العيش فيه بسلامة الاستدامة؟.

 

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق