Uncategorizedمقالات

يسألونكم عن تكاثر و تزايد مليشيات القتل السريع السودانية

برير إسماعيل:

*المليشة السياسية و العسكرية و الإجتماعية السودانية تعبِّر عن عقليات متجذرة و مسيطرة على غالبية المكوِّنات المجتمعات و السياسية السودانية القديمة بل أن بعض المكوِّنات السياسية الجديدة تحمل في عقلياتها ذات الصفات السياسية الوراثية للقديمة و بالتالي المليشة بالمفهوم الواسع ليست بالظاهرة السياسية الجديدة في السودان*.

*عليه و بدون الدخول في مقدمات مُطولة فإن مليشيا الدعم السريع الحالية لم تهبط على أهل السودان أجمعين من السماء مع الأمطار في موسم الخريف و بمعنى آخر أن الجنود الأطفال الذين يحاربون الآن بضراوة المليشيا الأم التي أنجبتهم و لم تحسن تربيتهم لأنها هي نفسها فاقد تربوي و فاقد الشيء لا يعطيه لم يكونوا وليدات للأمطار*.

*في ذات الحديث عن مليشيا الدعم السريع المرتزقة فإن الإرتزاق في اليمن على سبيل المثال لا الحصر من أجل توفير المال غير المشروع و الذي تقوم به مليشيا القتل السريع منذ تاريخ ميلادها الطبيعي و ليس القيسري و من رحم والدتها مليشيا الجيش سبقتها إليه ذات مليشيا الجيش التي كانت قد حاربت في ليبيا و كرن في الحرب العالمية الثانية في أربعينات القرن الماضي*.

*على ذِكر الجرائم التي إرتكبتها مليشيا الدعم السريع في دارفور على وجه الخصوص و في غيرها من الأقاليم السودانية بصورة عامة سبقتها إلى إرتكابها مليشيا الجيش إبان خوضها لحرب الإبادة الجماعية الأولى في جنوب السودان و التي راح ضحيةً لها أكثر من ثلاثة مليون مواطن سوداني*.

*المنطلقات النظرية / الأيديولوجيا التي تستند عليها مليشيا الدعم السريع مصحوبة بالجرائم التي إرتكبتها في حق المواطنيين السودانيين في دارفور و في غيرها لا تختلف بصورة جذرية عن ذات المنطلقات و الأيديولوجيا التي إرتكزت عليها المليشيا التي كوُّنها (الأمام) محمد أحمد (المهدي) في إحدى تجلياتها فكانت الخلاصات تتمثل في قتل مليشيات (المهدية) للمواطنيين السودانيين بدم بارد و بإسمي الدفاع عن الدين و الوطن و هي ذات المنطلقات النظرية لمليشيا الجيش*.

*على ذكر مليشة مؤسسات الدولة السودانية العسكرية و السياسية لابد للناس من الحديث عن أن مليشيا المراحيل قد تمَّ تأسيسها في عهد التجربة الديمقراطية الثالثة و عندما إستلمت الجبهة الإسلامية القومية السلطة عبر الإنقلاب العسكرسياسي في 30 يونيو 1989م توسعت في فكرة مليشة المؤسسات العسكرية و السياسية لأنها كانت تعلم عِلم اليقين بأن المزاج العام السوداني في أواسط و شمال و غرب و شرق السودان بدرجات قبول متفاوتة لا يمانع من تأسيس حكومات المندوكورو لمليشيات سياسية و عسكرية موازية لمليشيا الجيش لمقاتلة المواطنيين السودانيين الجنوبيين الكفرة الفجرة*.

*كما أنَّ فكرة مليشة المؤسسات العسكرية السودانية لتكون موغلة في الجنجويدية فكراً و ممارسةً أقدمت عليها غالبية القيادات السياسية التي ورثت البلاد و العباد بعد خروج المحتل البريطاني وفقاً لهبوط سياسي ناعم خالٍ تماماً من التحرير بالقوة عبر جيش وطني للتحرير و لذلك نستغرب جداً لحديث البعض عن الهبوط الناعم في ظل تناسيهم بأن) الدولة الوطنية) نفسها جاءت عبر هبوط سياسي ناعم و ليس في ذلك مذمة سياسية إذا ما كانت هناك قيادات سياسية راشدة لديها مشروع وطني جنَّب البلاد مغبة الوصول لهذه المرحلة التي تهدد الآن وجودها*.

*الغطاء السياسي الذي توفر لمليشيا الدعم السريع هو ذات الغطاء السياسي الذي توفر لمليشيا الجيش التي أنجبت هذه المليشيا الإجرامية و أنجبت غيرها من المليشيات مثل المراحيل و حرس الحدود و الجنجويد و الدبابين و الدفاع الشعبي و في هذا السياق معلوم بالضرورة أن الجنرال البرهان رب الفور كما وصف نفسه بذلك شخصية تجيد نشر الأكاذيب و لكنه كان صادقاً في إحدى تجلياته عندما قال إنَّ (قوات الدعم السريع) وُلِدت من رحم (القوات المسلحة السودانية) و نعم هذا الكلام صحيح بنسبة مائة في المائة و لذلك نقول بئس الوالدة و المولودة*.

*من أكبر الجرائم السياسية التي إرتكبتها قوى الثورة العريضة و بدرجات مسؤولية متفاوتة بعد 11 أبريل 2019م هو الإعتراف السياسي بمليشتين هما مليشيا الجيش و إبنة سفاحها السياسي و العسكري مليشيا الدعم السريع و كان هناك حلاً واحداً لا غير هو الإعتراف السياسي المشروط بمليشيا الجيش دون غيرها و الشرط السياسي المقصود هنا هو أن هذه المليشيا أي مليشيا الجيش قد إرتكبت العديد من الجرائم السياسية و الجنائية في حق الكثير من المكوِّنات السودانية و لذلك هي لا تمثل غالبية المواطنيين و عليه لابد من إجراء إصلاحات سياسية و عسكرية جذرية على كل تفاصيلها*.

*لقد إعترفت قوى الحرية والتغيير عندما كانت مُوحَّدة بمليشيا الدعم السريع في وثيقتها الدستورية الكارثية و كذلك فعلت قوى الكفاح المسلحة في إتفاقيات سلام السودان في جوبا و كانت ثالثة الأثافي هو إعتراف قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بمليشيا الدعم السريع في الإتفاق الإطاري الذي قبرته الحرب الحالية بعد أن وُلِدَ ميتاً بدلاً من الإستفادة من النتائج السياسية الكارثية للإعتراف السياسي بمليشيا الدعم السريع بعد 11 أبريل 2019م*.

*الحلول العملية السياسية المقترحة الآن من قبل فوات الأوان حينها لن يجد أهل السودان أجمعين وطناً يتصارعون فيه بسبب المظالم التاريخية أو بغيرها*:

*- سحب الغطاء السياسي من قيادة مليشيا الدعم السريع و من قيادة مليشيا الجيش لأن الطرفين لا يمثلان إلا مطامعهما السياسية الشخصية المرتبطة بدوائر داخلية و إقليمية و دولية ليتم عزلهما تماماً فلا البرهان الجنجويدي الأكبر يخوض معركةً للتحرير الوطني و لا الجنجويدي الصغير حميدتي يخوض معركة من أجل عودة التحول الديمقراطي الذي لم يكن موجوداً في الأساس لتتم إستعادته بالقوة و عبر إستخدام مستشفى الدايات/ القابلات كثكنة عسكرية.*

*- وحدة قوى الثورة العريضة المدنيَّة و المسلحة التي وقعت على إتفاقيات سلام جوبا أو التي لم توقع بعد تقديم الجميع للتنازلات السياسية التي لا تخصم من الأهداف الإستراتيجية للثورة السودانية المجيدة*.

*- تكوين مركز قيادي وطني موحَّد تشارك في قيادته كل القوى المحسوبة على الثورة دون إقصاء لأي أحد وفقا لبرنامج وطني يُلبي تطلعات و آمال الحركة الجماهيرية الثائرة*.

*- توحيد الخطاب الديبلوماسي و السياسية و الإعلامي الذي تكون جوهر رسالته رفض الحرب من حيث المبدأ و إجبار المجرمين المتقاتلين البرهان و حميدتي اللذان إختطفا هذه المكوِّنات العسكرية و حولاها لملك خاص بهما إجبارهما على وقف القتال العبثي و لذلك فإن عدم سحب قوى الحرية و التغيير المجلس المركزي لجنازة الإطاري من تحت أقدام الجنجويدي الصغير حميدتي لأنه يستخدمها كقميص عثمان في هذه المعركة الخاسرة و دعم الكثير من مكوِّنات القوى المحسوبة على الثورة للجنجويدي الكبير البرهان بإعتباره يمثل (مؤسسة الجيش السوداني) يعتبران جريمة سياسية مكتملة الأركان في حق هذا البلد و في حق جميع مواطنيه*.

*- ضرورة و حتمية الإتفاق على مشروع سياسي هدفه الرئيس وقف الحرب و التعامل السياسي المشروط مع مليشيا الجيش لا غير فلا يمكن أن تعود عقارب الساعة السياسية للوراء كما حدث في السابق*.

*- تجاوز كل التقديرات السياسية التاريخية الخاطئة و تجاوز كذلك كل التقديرات السياسية المدمرة التي حدثت بعد 11 أبريل 2019م.*

*- التأكيد على أن هذه الحرب العبثية اللعينة بين الجنرالين صنيعة الكيزان البرهان و حميدتي هي ليست بالحرب الجديدة فقد شهد السودان في عهد (الدولة الوطنية) وقوع حربين للإبادة الجماعية الأولى كانت في جنوب البلاد وصلت مرحلة إعلان الجهاد ضد المواطنيين السودانيين في الجنوب و الثانية كانت في دارفور و جبال النوبة و جنوب النيل الأزرق بطريقة أكثر فتكاً بكرامة المواطنيين في الهوامش و الأطراف الذين ثاروا ضد السلطة المركزية بسبب المظالم التاريخية و الشاهد أن الفرق النوعي الوحيد في الحرب الحالية هو أنها منقولة على الهواء مباشرة عكس ما حدث في المناطق السودانية التي تمَّ ذكرها منذ أغسطس 1955م إلا أن هذا الأمر لا يعني بأي حال من الأحوال عدم دعم الكثير من المكوِّنات السودانية التي تعرضت لهذه الجرائم التي تشهدها الخرطوم لأخوانهم و أخواتهم في الوطن و الإنسانية لأن الخطأ لا يصبح قاعدة يمشي عليها الإنسان في حياته و إن كان الكثيرون من سكان وسط و شمال و شرق السودان لم يهتموا بالجرائم التي حدثت في الجنوب و دارفور و جبال النوبة و جنوب النيل الأزرق لأسباب شتى متعلقة بغياب المشروع الوطني السوداني و بالمناهج الدراسية التي ساهمت في تكوين عقليات الغالبية العظمى من سكان أواسط و شمال و شرق السودان و بدرجة ما غربه لأن غرب البلاد ليس بالكتلة البشرية الصماء. و على ذكر عدم مساندة السودانيين لبعضهم البعض في المحن و الإحن التي تقع عليهم بفعل فاعل سوداني فإن غالبية مكوِّنات السودان الشمالي بالمفهوم الجغرافي و السياسي لم تتضامن مع السودانيين الجنوبيين في محنة السودان الكبرى و مع ذلك جرت إتفاقيات السلام في جوبا*.

*- تسليم المطلوبين دولياً و إعتبار ذلك من أهم الخطوات السياسية بعد وقوف الحرب الحالية و العمل في ذات الوقت على تقديم الذين أقدموا على هذه الحرب العبثية لمحاكمات عادلة*.

*- الكشف عن هوية الذين إركتبوا جريمة فض الإعتصام في 3 يونيو 2019م و الكشف كذلك عن هوية الذين إركتبوا الجرائم في الجنينة و فتابرنو و كسلا و بورتسودان…إلخ بعد 11 أبريل 2019م لأن ملف العدالة من الملفات التي لا تقبل التسييس بل يجب أن يكون هذا الملف من الملفات ذات القواسم المشتركة العظمى بين كل مكوِّنات قوى الثورةالعريضة*.

*- إعتذار مؤسسة(الدولة السودانية الوطنية) عن كل الجرائم التي إرتكبتها في حق مواطنيها في الجنوب و الغرب و في جبال النوبة و في جنوب النيل الأزرق عبر برنامج للحقيقة و المصالحة الوطنية*.

*- وقف المزايدات السياسية الجارية منذ فترة طويلة بين كل مكوِّنات القوى العريضة المحسوبة على الثورة و العمل في ذات الوقت على رتق النسيج الإجتماعي السوداني الذي مزَّقته الحروب العبثية خلال أكثر من ستين عاماً*.

*- إستنفار كل الطاقات و الموروثات الإيجابية لدى المكوِّنات السودانية العريضة لتعمل جميعها ضد أثننة الصراعات و قبلنتها و تحويلها لصراعات عدمية*.

*- إستنفار كل الطاقات الموجبة في منظمات المجتمع المدني السودانية في الداخل و الخارج معاً لتوحيد الخطاب الإعلامي الداعي لوحدة أهل السودان أجمعين على أسس جديدة يتجاوزا بها العقبات التي ساهمت في عرقلة مسيرة الدولة إلى الأمام*.

*الثورة السودانية مستمرة و النصر أكيد*.

*برير إسماعيل*

*الأحد الموافق-7 مايو 2023م*.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق