مقالات

الأستاذ عبد المنعم أحمد عيسى.. من يكرم هذا الرجل النبيل؟

بقلم/هشام عباس زكريا:

في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي كنت أحضر في الإجازة المدرسية من بورتسودان إلى عطبرة، وحتى يضمن والدي ألا أذهب إلى النهر (جهة شاطئ الداخلة) في عطبرة حيث كنت لا أجيد السباحة بالصورة المطلوبة فإنه يتركني أدرس بمدرسة الشمالية الإبتدائية بحي الداخلة حيث كان التقويم الدراسي وأظن ما زال مختلفاً عن ولاية البحر الأحمر، في هذه المدرسة شاهدت لأول مرة أستاذاً نادراً متفرداً، سامقاً كالنخيل، راسياً، حازماً من غير تطرف، له نبرات صوتية جاذبة ،تكسوه هيبة تجعلك تتجنبه إن لم تتعرف عليه وعاملته من البعد، وتجده دافئاً عطوفاً إن عاشرته عن قرب، ظل الأستاذ التربوي عبد المنعم أحمد عيسي يمثل لنا شخصية المعلم المتدثر بقيم المهنة سلوكاً وعلماً ومعرفة والتصاقاً بقضايا المجتمع، لم أجد انساناً مرتبطاً بمهنته مثلما إرتبط الأستاذ عبد المنعم أحمد عيسي بالمدارس والفصول والطلاب ،له قدرة كبيرة في إدارة الأزمات ووضع الحلول ،عالج أقسى المشكلات التربوية في صمت وهدوء ،ربي جيلاً يكن له الآن كل التقدير والحب، وذلك من سمات حب الله له أن يجعل هذه المحبة والقبول وسط طلبته الذين يحفظون له مواقف خالدة من الإنسانية.
إن شخصية الأستاذ عبد المنعم أحمد عيسى يمكن النظر إليها من عدة نوافذ، فهو مثقف من نوع خاص كثير القراءة والاطلاع، يحلل الأحداث التأريخية بوعي وإدراك وموضوعية، واستغرب أن الإعلام المحلي في السودان لم ينتبه إليه، فهو في تقديري مخزن معلومات يمكن أن تستفيد منها هذه الوسائل، فهو بطبعه لا يتحدث عن نفسه وامكانياته، وشخصياً كنت أحاول أن أنتهز الفرص لأجالسه، ففي كل كلمة معلومة، وفي كل حديث معرفة ، وفي كل موقف قصة يرويها، أما النافذة الثانية فهي الحكمة وسداد الرأي ،وظللت طيلة السنوات الماضية ألجا إليه للمشورة في بعض القرارات المصيرية التي توجه مسيرة حياتي فكان يعطيني الرأي الذي أثبتت الأيام صحته وحكمته، فموقع الأستاذ عبد المنعم هو أن يكون في موقع الحكم والرأي في الخدمة المدنية التي تدهورت بعد أن ابتعد عنها الأستاذ عبد المنعم وأمثاله، أما النافذة الثالثة فهي حبه للناس وانشغاله بأمرهم ومساهماته الكبيرة في العمل الطوعي بحي الداخلة في جمعياتها المختلفة وتأهيل المقابر، وآخر ذلك جمعية كفالة الأيتام ،حيث إبتكر نظاماً وقفياً فريداً يجعل الكفالة مستمرة لكل يتيم شهرياً ،والنافذة الرابعة التي يمكن النظر إليها لهذه الشخصية المتفردة هي قدرته في التأثير على الآخرين وقيادتهم ، وفي تقديري أن الشباب الذين يتعاونون معه الآن في هذه الأعمال سيكون لهم شأن عظيم ،فهذا تدريب ميداني على أصوله من رجل عرف معنى الحياة.
عزيزي الأستاذ عبد المنعم أحمد عيسى، اسمح لي أن أكتب في دفتر حبنا لك، كم أنت عظيم، واسمح لي أن أكتب في دفتر شباب حي الداخلة أن الأستاذ عبد المنعم أحمد عيسى يحتاج منا يوماً كبيراً للتكريم، فتكريمه هو تكريم للعلم والمعرفة والأخلاق النبيلة وحب الناس، فمن يكرم الأستاذ عبد المنعم أحمد عيسى؟ ومتى يكون التكريم؟
ونحن في الانتظار؟

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق