مقالات

مجلس أعلى قبائل نهر النيل.. هل هذا أوان التكوين؟

سيف الدين أبونورة:

تناقلت المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية موضوع تكوين مجلس أعلى لقبائل نهر النيل وهو حسب الظن امتداد طبيعي لمسميات سابقة أذكر منها مجلس شورى قبائل نهر النيل،  الذي تشكل في الخرطوم، وهيئة شورى الجعليين التي تكونت بسبب الفراغ السياسي الذي حدث بعد رحيل الإنقاذ وحل حزب المؤتمر الوطني، خصوصا وأن نهر النيل تتميز بكثرة الزعماء والقادة السياسيين على كافة المستويات والألوان.
ومن الثوابت التي ربما لم ينتبه إليها الكثيرين، أن ولاية نهر النيل تتكون في أغلبها من مجموعتين سكانيتين متعايشتين أعدادهم متقاربة وهما (المجموعة الجعلية والمكونة من جعليين وشايقية وميرفاب ورباطاب ومناصير وغيرهم ولها امتداد داخل ولايه الخرطوم والبطانة وانتشار كبير في السودان وتعتبرمن أكبر قبائله عددا وشهرة، والمجموعة الثانية هي (المجموعة الكاهلية والتي تضم العبابدة والكواهلة والحسانية والحسنات والكمالاب والكميلاب والبشاريين وغيرهم) ولها أيضا امتدادها أرضا وشعبا في الشرق والوسط وكردفان .

ولايفوتني ذكر وجود قبائل عربية وأخرى أفريقية تجد وتستحق الاحترام والاعتبار.

ولكن .. قبل أن نفكر في تكوين مجلس يجمع كل هذه القبائل كان الأجدى النظر للموضوع من زاوية، هل هذه القبائل نفسها على قلب رجل واحد؟ هل هي متفقة بداخلها؟ قطعا لا فهي تعيش حالة قصوى من عدم الوفاق ويمكن أن يسمى في بعض الأحيان صراعا فإذا سمح القارئ الكريم بأن أضرب المثل بالقبائل التي انحدر منها العبابدة من ناحية الأب والجعليين من اتجاه الوالدة.

العبابدة تاريخيا لهم عموديتين بربر عبدالعظيم بيه و شندي ودنورة ويفصل بينهما سجن الدامر أما واقعهم اليوم إمارة و نظارة ونظارات ومجالس ولكن اختلافهم الداخلي لم يؤثر لا على قواعدهم والمجتمع عامة مع الإشارة بأن هنالك جهود جبارة لطيه.

أما الخلاف عند أخوالنا الجعليين فهو قديم متجدد وظل يخيم على المراحل والمشاهد تجاوزه آنذاك الناظر الراحل حاج محمد،  بحكمته وحسن قيادته وظهوره في الفترة الأخيرة وأطرافه الحالية النظارة التي تستفيد من حمية الجعليين تجاه تاريخهم التليد وتستند على إرث متماسك تمثله بيوت الإدارة الأهلية المتوارثة.

وفي المقابل الطرف الثاني وهو هيئة شورى الجعليين تتشكل في كل مرة حسب مطلوبات سوق السياسة وتطلعات قادتها وهم شخصيات جعلية تملك قدرا من كاريزما القيادة ولها إسهام في المجتمع وسبق أن كسبت ممثل البيت الثاني في نظارة الجعليين شيخ الخط الراحل مبارك علي جاد الله.

نأمل من السادة قادة نظارة الجعليين حصر الخلافات وجمع الشمل وتقبل روح التطور الطبيعي والسماح لأبناء القبيلة بلعب أي دور طليعي تحت راية نظارتهم من البسلي للسبلوقة وأن يمتد جهدهم تجاه أبناء عمومتهم وحلفائهم الميرفاب من أجل عودة قيادة شمال الولاية لأيوب بيه بالتنسيق مع الرباطاب والمناصير والعبدلاب.
عموما هذه القبائل (بالجور) والمصاهرة والتداخل الطيب أصبحت مجتمعا مترابطا ونسيجا اجتماعيا فريدا وكيانا واحدا، يقدر كل منهم خصوصيات وقضايا الآخر وهي تعرف متى تجتمع وتلتقي طواعية أما بشكل منتظم ومنذ الاستعمار يجمعها الحاكم أو المأمور وبعده تجمعها الدولة.

ختاما نتمنى أن ننتبه جميعا نحو مزيد من احترام بعضنا البعض وهو شيء موروث ومتبادل ويمثل الضامن الحقيقي لاستمرار هذه المجتمعات بهذه الصورة السمحة المتسامحة المتماسكة وإبعادها من العنصرية الجهوية والسياسية التي في بعض الأحيان تباعد وتفرق.

إن هذه الروح المتعاونة المتسامية لم تأت من فراغ ولا نتاج الصدفة أو وليدة اليوم، إنما من خلفوها هم الجدود الذين عاشوا معا الحلو والمر ضد الغزاة وتشهد على ذلك أبوطليح وصفحات التاريخ مليئة بالمواقف والبطولات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى