
خالد الفكي سليمان:
khalidfaki77@gmail.com
في مشهدٍ يلخص جانباً من المأساة الإنسانية التي خلفتها الحرب في السودان، تعيش الممثلة القديرة بلقيس عوض فصولاً من المعاناة القاسية، وهي التي رسمت البهجة على وجوه السودانيين لعقودٍ طويلة عبر أعمالها المسرحية والتلفزيونية والإذاعية. اليوم، تتقدّم بها سنوات العمر فيما تزداد قسوة الحياة، لتجد نفسها وحيدة في مواجهة المرض والتجاهل.
بلقيس عوض، التي كانت حضوراً أنيقاً في ذاكرة الفن السوداني، تقيم الآن في أحد الفنادق المتواضعة بمدينة دنقلا، في ظروفٍ صحية ومعيشية صعبة. وبحسب مقربين منها، فقد تعرّضت لسقوط متكرر داخل غرفتها، ما تسبب لها في إصابات متعددة بالرأس والوجه، وهي في حاجةٍ ماسةٍ إلى الرعاية والعناية الطبية العاجلة.
هذه القامة الفنية التي منحت الدراما السودانية ملامحها الإنسانية الراقية، تستحق اليوم أن تجد من الوطن بعضاً من الوفاء. فالفنان، وبخاصة من هم في سنها، لا ينبغي أن يُترك فريسةً للعوز والمرض، بعد أن قدّم عصارة عطائه لخدمة الوعي والجمال في المجتمع.
إنّ ما تمرّ به الأستاذة بلقيس ليس مجرد حالة إنسانية فردية، بل هو مرآة لواقعٍ أكبر من الإهمال الذي طال رموز الثقافة والفن في السودان. ويُنتظر من وزارة الثقافة والإعلام، ومن مجلسي السيادة والوزراء، التحرك العاجل لتقديم الدعم الصحي والمعنوي والمادي لهذه الفنانة التي صنعت ذاكرة وطنٍ كاملة.
لقد أسعدت بلقيس أجيالاً بموهبتها وعفويتها وصدق أدائها، فهل يعقل أن تُترك اليوم لتواجه مصيرها وحدها؟ إنّ إنقاذها من معاناتها الراهنة هو واجب وطني قبل أن يكون إنسانياً، وهو رسالة يجب أن يتبناها المجتمع بأسره: لا تتركوا رموزكم في العتمة بعد أن أناروا الطريق للجميع.

