Uncategorizedمقالات

رحلة البرهان إلى نيويورك

مكاسب كبيرة لحضور البرهان اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة

بقلم/ إسماعيل تيسو:

استعادة مكانة السودان الدولية، وتفويت الفرصة على المزايدين بعدم تماسك القوات المسلحة

تعزيز علاقات السودان بالمنظمة الدولية وفتح قنوات لشراكة مستقبلية على أسس جديدة

الاتفاق على إنهاء وجود بعثة يونتامس في السودان بحلول ديسمبر القادم

لقاء عاصف بمفوَّض الاتحاد الأفريقي، وانكسار واضح للحسن ود لبات

تمليك السعودية معلومات جديدة بشأن التحديات التي تواجه منبر جدة عقب حل قوات الدعم السريع

 

ولا يزال خطاب رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الذي ألقاه أمام الدورة رقم 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، يتردد صداه في دهاليز وردهات المنظمة الدولية، الخطاب الذي استغرق نحو ثلاث عشرة دقيقة، وحظي بإشادة وتصفيق الحاضرين لنحو ثلاث دقائق، رسم صورة واضحة لحقيقة الأوضاع في السودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023م حيث تمردت ميليشيا الدعم السريع وأعلنت حربها على القوات المسلحة السودانية بفرية حماية الديمقراطية والقضاء على الفلول والكيزان.

مشاركة السودان في أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة حظيت باهتمام كبير من المنظمات الأممية والمؤسسات الدولية، ارتكازاً على القلق الكبير الذي ظل يثيره السودان تجاه العالم منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل الماضي، فلا غرو أن يكون الوفد السوداني محل أنظار الجميع.
حظي الوفد السوداني خلال مشاركته أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بحضور ثمان فعاليات خاطبت القضايا الموضوعية للدورة رقم 78، في الاقتصاد، والصحة، والتنمية المستدامة، والسياسة الدولية، وتعزيز الأمن، ومكافحة الإرهاب، وقضايا المرأة والشباب، وهي قضايا تهم مستقبل السودان السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي، ولاسيما في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب.

 

مرافعة دبلوماسية وسياسية
المرافعة الدبلوماسية والسياسية التي تضمنها خطاب السيد رئيس مجلس السيادة، أقنعت الحاضرين بمدى خطورة ميليشيا الدعم السريع وتهديدها للأمن والسلم على المستوى الإقليمي والدولي، الأمر الذي يضع على عاتق الأمم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والإنسانية إعادة النظر في لغة الشجب والإدانة وتطويرها إلى تسمية هذه الميليشيا بجماعة إرهابية تستدعي اقتيادها إلى بلاط المحكمة الجنائية الدولية والاستمرار في فرض عقوبات دولية على قادتها وعلى من يساندها، وحظر كل الدول والمؤسسات التي تتماهى مع هذه الميليشيا الإرهابية المتمردة وتدعمها سياسياً ومالياً ولوجستياً.

مكاسب كبيرة للسودان
لقد ضرب السودان بمشاركته في الدورة رقم 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة ، أكثر من عصفور بحجر واحد، فقد برهن الفريق البرهان بحضوره ومخاطبته 193 دولة شاركت في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، برهن على سيادة السودان وقدرته على استعادة مكانته في خارطة المجتمع الدولي كدولة لها وجودها وتأثيرها على محيطها الأفريقي والعربي من خلال أجهزتها ومؤسساتها الشرعية، ليلقم رئيس مجلس السيادة كل المشككين والمزايدين على شرعيته حجراً ويقطع قول كل خطيب بشأن عدم تماسك لُحمة الجيش السوداني ووجود خلافات بين قيادته،

وهاهو البرهان يخرج إلى أقاصي الدنيا ويحط رحله في بلاد العام سام ويعود إلى البلاد، والجيش مازال ممسكاً بزمام المبادرة الميدانية ومتوكأً على عصا تماسكه ووحدته على قلب رجل واحد، ومضيه الواثق في استراتيجيته المبنية على القضاء على ميليشيا الجنجويد ومحوها من خارطة الوجود، وعلى الذين يطيقون خروج البرهان ومخاطبته الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يراجعوا مواقفهم ويتقوا الله في محاولاتهم المستمرة والفاشلة بإعمال التضليل وممارسة الأكاذيب والأباطيل.
لقاء غوتيريش وإنهاء وجود يونتامس في السودان.

كانت أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة فرصة مواتية لتشييع رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان الراحل فولكر بيرست إلى مثواه الأخير وقبره في مزبلة التأريخ، ذلك أن رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان حرص على لقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لتأكيد موقف السودان السابق بشأن رفض وجود فولكر بيرست مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، ومناقشة جدوى وجود هذه البعثة الأممية في السودان وفشلها بالاضطلاع بمهامها المتمثلة في دعم الانتقال السياسي، ودعم اتفاقية السلام وبناء السلام، وحماية المدنيين، وحشد الموارد لدعم العملية الانتقالية، وتناول اللقاء أهمية تعزيز علاقات السودان مع المنظمات الأممية وفتح قنوات لشراكة مستقبلية تقوم على أسس جديدة يتم بموجبها إنهاء وجود بعثة يونتامس في السودان اعتباراً من الثالث من شهر ديمسبر القادم 2023م.

لقاء عاصف بمفوض الاتحاد الأفريقي
ولم يفوّت رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان فرصة وجوده في أعمال الدورة رقم 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، فعقد لقاءاً مع مفوًّض الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد.
اللقاء الذي كان عاصفاً ومتسماً بالشفافية والوضوح، تناول موقف الاتحاد الأفريقي مزدوج المعايير في تعامله وتعاطيه مع الأزمة في السودان، حيث جدد رئيس مجلس السيادة انتقاده لمنهجية المنظمة الإقليمية في التواصل مع ميليشيا الدعم السريع واحتضان قادتها والتعامل معهم بقدم المساواة مع القوات المسلحة السودانية، الأمر الذي يعطي الحركات المسلحة والجماعات الإرهابية والمتمردة شرعية غير مستحقة تهدد الأمن والسلم الإقليمي والعالمي، وشدد البرهان على ضرورة أن يراجع الاتحاد مواقفه.
هذا وقد تعهد مفوّض الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد بالسعي مع منظومة الاتحاد الأفريقي والأشقاء من الدول الصديقة والشقيقة لمعالجة الأزمة السودانية بما لا ينتقص من السيادة الوطنية ويقدح في شرعية أجهزتها ومؤسساتها.

الحسن ود لبات حبيساً وذليلاً

ورفضت الدبلوماسية السودانية حضور محمد الحسن ود لبات المتحدث باسم رئيس مفوّض الاتحاد الأفريقي الذي جلس ذليلاً في غرفة الاستقبال المجاورة لقاعة اجتماع البرهان وموسى فكي، وتناوب أعضاء وفد الدبلوماسية السوداني في توبيخه وتأنيبه على سقوطه الكبير بالتطاول على السودان، من خلال بيانه الموصوف بالانحطاط والركاكة تعليقاً على بيان الخارجية السودانية المندد باستقبال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد للمستشار السياسي لقائد ميليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة يوسف عزت في سبتمبر الجاري بمباني الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، وجدد وفد الدبلوماسية السوداني التأكيد على أن السودان أكبر من أن يرد على تعليق ركيك صادر من موظف في الاتحاد الأفريقي نسى أو تناسى مكانة السودان وتأريخه ودوره المتعاظم في وضع اللبنات الأساسية التي قامت عليها المنظمة القارية، وقد حاول محمد الحسن ود لبات تقديم اعتذارٍ وتبرير موقفه ولكن لم يجد أذناً مصغية فأثر الصمت، وخرج كسيراً أسفا وأصبح من النادمين.

مؤتمر المانحين
التحركات المكوكية للوفد السوداني بين دهاليز وردهات منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، انتهت إلى عقد اجتماع مشترك ضم 10 من وزراء خارجية عدد من الدول الأوربية بحضور مختصين ومعنيين بالشأن الإنساني وذلك لمتابعة مخرجات مؤتمر المانحين الذي عقد في جنيف في التاسع عشر من يوليو الماضي 2023م، بشأن الأوضاع الإنسانية المترتبة على الحرب وكيفية غوث ضحايا هذه الحرب من النازحين واللاجئين وتقديم المساعدات الإنسانية لهم، حيث أمّن اجتماع نيويورك على أهمية تسريع العمليات الإنسانية، ومعالجة الخلل الناجم عن استمرار تقديم الإغاثة والمساعدات الإنسانية وتوفير المواد الغذائية، وقدم الوفد السوداني أفكاراً ومقترحات لمرحلة ما بعد الحرب بشأن الإعمار وإعادة الإعمار، وتأهيل البنى التحتية.
حضور إعلامي باهي للبرهان
اتاحت أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة حضوراً إعلامياً كثيفاً للسيد رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الذي تسابقت الفضائيات الدولية والأجهزة الإعلامية المختلفة واسعة الانتشار على استضافته، فاغتنم البرهان الفرصة واستثمرها بذكاء كبير لعكس حقيقة الأوضاع وبسط الرواية الحقيقية أمام أعين الكاميرات، وكشف حقيقة ما تعرض له السودان من قبل ميليشيا الدعم السريع المتمردة التي لعبت دور مخلب القط لتحقيق مأرب قوى سياسية داخلية، وتنفيذ أجندات وأطماع دول ومؤسسات إقليمية ودولية تسعى لتعزيز وجودها الإقليمي بالسيطرة على السودان واستغلال موارده من خلال إضعاف قواته المسلحة.

لقاءات مهمة للوفد السوداني
أجرى رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عدة لقاءات جانبية مع زعماء الدول ورؤساء الحكومات، قدم من خلالها شروحات وافية بشأن مجريات الأوضاع والتطورات الأمنية في السودان منذ اندلاع تمرد ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل من العام 2023م.
ومثل البرهان ألتقى وزير الخارجية السفير علي الصادق بعدد من رصفائه، وكذلك وزير المالية والتخطيط الاقتصادي دكتور جبريل إبراهيم الذي أفرد حيزاً كبيراً لمقابلة المؤسسات الاقتصادية والنقدية العالمية وفي مقدمتها البنك الدولي، وكذا الحال بالنسبة للسيد رئيس جهاز المخابرات العامة الفريق إبراهيم المفضل الذي التقى بنظرائه في عدة دول، شارحاً طبيعة الأوضاع الأمنية والجهود المبذولة لاستعادة الأمن والاستقرار في السودان.

مصير منبر جدة
ولم ينس الوفد السوداني أن يؤكد في كل لقاءاته الحرص على إنهاء الحرب وتحقيق السلام والاستقرار في حال رغبت قيادة ميليشيا الدعم السريع المتمردة في العودة إلى رشدها وسحب قواتها من المناطق السكنية والعودة إلى ثكناتها، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في منبر جدة.
الوفد السوداني حرص أيضاً على تناول التحديات التي تواجه منبر جدة عقب حل قوات الدعم السريع المتمردة، وقد تم تمليك المملكة العربية السعودية هذه المعلومة من أجل التفاكر بشأن تجديد الآليات وإلباس المنبر ثوباً جديداً يساهم في تسريع معالجة الأزمة السودانية.

رجال في نيويورك
وبقي أن نرفع القبعات إلى بعثة السودان لدى الأمم المتحدة بنيويورك على جهودها المتعاظمة ودورها الكبير في النجاح الذي حققته زيارة رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان والوفد المرافق له، حيث وضح أن البعثة برئاسة السفير الحارث إدريس الحارث، ونائبه السفير الدكتور الشاعر الأديب معاوية التوم، وفريق العمل من الدبلوماسيين والموظفين والعمال، قد استعدت بشكل مميز لأعمال الدورة رقم 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة لما تمثله من فرصة ذهبية لاستعادة موقع السودان في الخارطة الدولية، ونجحوا بتقدير امتياز وفقاً للمحصلة النهائية لمخرجات اجتماعات الجمعية الأممية، فالتحية لهذا التناغم الكبير الذي يدور في أروقة ودهاليز بعثة السودان بالأمم المتحدة، وتحية خاصة للتقارير والبيانات القوية التي ظل يقدمها السفير الحارث إدريس، في بلاط المنظمة الدولية، والتحية للأديب والشاعر والسفير معاوية التوم، الفتى الذي أعاد للأذهان قدرات وإمكانيات محمد أحمد المحجوب السياسي والشاعر، وعلى وزارة الخارجية السودانية أن تفخر بوجود هذه الكوادر التي تجمع بين الموهبة الأدبية والخبرة السياسية والنسيج الدبلوماسي، فجماعية العمل والخبرة التي يمتلكها طاقم البعثة تم توظيفها بشكل مميز للصمود وإنجاح المهام رغم الظروف الداخلية غير المحفزة للعمل، فاستطاع هذا الكادر أن يحفر في الصخر من أجل النجاح الذي تحقق. وقطعاً سودان ما بعد مرحلة الحرب موعود بحراك دبلوماسي كبير يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار وإعادة البناء والتنمية والإعمار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق