م. جبريل حسن أحمد:
قبل خمسة أشهر كتبت عديد من المقالات على (عمود المتاريس) تحدثت فيها عن ضرورة الاهتمام بتنفيذ مؤتمرات نظام الحكم في السودان، وعن الفترة الانتقالية وخطورة عملية الإصلاح الأمني والعسكري قبل الاجابة على سؤال كيف يحكم السودان الذي توفرت له فرصة ذهبية من خلال اتفاق جوبا للسلام.
كتبت عن خطورة عدم تحديد عدد قوات الحركات المسلحة بتحالفاتها المختلفة وعن عملية الدمج وصعوبة تحقيقه في ظل خزينة متعبة خاوية ومطلوبات لوجستية لقوات لا حصر لها، كما تحدثت عن قاعدة برنيس المصرية وخطورتها على الأمن القومي السوداني.
تناولت بالحديث صعوبة دمج الدعم السريع والحركات لأننا سنكون أمام عملية دمج للقوات المسلحة في الدعم السريع والحركات معا وليس العكس. تحدثت عن الفقاعات السياسية الصغيرة لما يسمى بالأحزاب التاريخية وفشلها في الحفاظ على السودان قديما وحديثا. ولذلك كنت أتوقع حدوث أمر ما لكن بكل أمانة لم اكن أتوقع الحرب التي اندلعت و أخرجت أسوأ ما فينا.
لقد سقط المجتمع الذي كان مقوما لدى الغير وانكشف قناع الكثيرين فجأة مع أول طلقة خرجت واستفرغ الشعب السوداني بعدها كل أواصر الإخاء والقربي والمتراكمات من المشاعر المحبوسة التي على أساسها تقاسمو العيش معا قرونا عددا. لقد وجد الكثيرون انفسهم أجانبا مزدوجي الجنسية تهكما وإصرارا عجيبا من اصدقاء الأمس لقد الجمتنا الدهشة من ادعاء قلة تمثل زمرة الأزمة بابعادها التاريخية، مع سقوط مشروع الحركة الإسلامية بأيادي حزبية زاوجت بين السلطة وفساد المؤسسات الأسرية.
لقد سقط المشروع وترنح واليوم يراد له أن يعود لكن عبر السقوط أكثر، وهذا هو الاستغراب الأكبر (ترق كل الدماء).
والآن وبكل وضوح سقطت الخرطوم في أيادي اشاوس الدعم السريع وهي الحقيقة المجردة التي يجب أن يتعامل معها الجميع كواقع حتمي له مؤشراته وفقا للعمليات الحربية والمعارك المشهودة لكن مايزيد استغرابنا غياب القيادة الفنية التي تتخذ قرار وقف الحرب وحقن دماء الجنود وقبلهم المواطنين الأبرياء. لقد غاب قائد الجيش وحل محله عناده الغريب. لأن قضايا استقرار الدولة وقيادة التحول المدني هي الواجبات المهمة للقيادة الحريصة على حقن دماء أبناء الوطن وإلا أن يكون الأمر وجودي لا يقبل التغيير. لقد تغير سلوك العالم تجاه حروب الاستنذاف لذا يجب أن تتغير بنية التفكير الأحادي لقضايا الدولة والقبول بحتمية الواقع الماثل. لقد سقطت الخرطوووووم يجب أن يذهب الجميع إلى طاولة الاتفاق ولا غيره. قيادة الدعم السريع وضعت وارست وجه نظر جدية لعملية التحول المدني وفقا لرؤية واضحة المعالم تقبل الحوار وسيلة وحيدة لقضايا المستقبل وإيقاف طويل الأمد لإطلاق النار. وهو ماينتظره الشعب السوداني وهو العودة الجدية لمسار التفاوض بجدة. وعودة الحياة لسكان ولايات الخرطوم ودارفور وعودة أربعة مليون لاجئ للديار.
gebrel Hassan @gmail.com
مهندس جبريل حسن أحمد 30/سبتمر 2023