مقالات

إلى حين السداد

ضوء القمر

عبد العليم مخاوي:

من العبارات المشهورة في قضايا الجرائم المدنية المتعلقة بالاموال ” يبقى إلى حين السداد” اي ان المتهم يبقى محبوساً في السجن حتى يقوم بسداد الأموال التي استلمها جراء معاملة مالية بينه والآخرين،، إذ لا توجد طريقة لاطلاق سراحه ما لم يقم بتسديد المبلغ كاملاً وهو حكم نافذ ومعروف منذ فترات طويلة.
*ولعلي وحتى وقت قريب كنت اعتقد ان هذا الأمر مرتبط فقط بالاشياء القانونية التي تصل إلى ساحات القضاء وتنال حقها من المداولات القانونية إلى أن يصدر الحكم النهائي،، لكن يبدو أن “يبقى إلى حين السداد” ليست مرتبطة فقط بالتعاملات التجارية بين الناس بل مرتبطة حتى بالمشافي.
* فإذا أجريت عملية جراحية ولم تقم بسداد تكلفة الجراحة فلن يسمحوا لك بالخروج من المستشفى ما لم تقم بسداد المبلغ.
*في بعض مستشفيات العاصمة الخرطوم عشت على هذا الواقع لأكثر من مرة وتعايشت مع بعض أصدقائي هذا الموضوع الخطير جداً،، لكن كنت اقول بأن هذا ربما يكون استثناءً لطبيعة العاصمة ولغة البزنس التي طغت على كل شيء في معظم تعاملات “العاصمة”.
*إلا أن ما هالني ان هذا الأمر موجود ايضاً في ولاية النيل الأبيض، وتحديداً في مدينة كوستي،، لحالتين عايشتهما عن قرب.
*وكلا الحالتين من الحالات المستعجلة جداً والمرتبطة بعمليات الولادة.
*الحالة الأولى لشقيقة زميلي في سوق الملجة “الشيخ عمر” فهي لازالت” محبوسة” في المستشفى بعد أن اجرت عملية ولادة وذويها لا يملكون المبلغ الذي يعتبر “فلكياً” بالنسبة لأسرة نازحة،، وعلى الرغم من مرور اسبوع على العملية إلا انها لا زالت باقية في المستشفى إلى حين السداد.
*اما الحالة الثانية فهي لزميلتنا الأستاذة نفيسة وادي،، والتي تعرضت إلى حالة إجهاض و نقلت إلى مستشفى كوستي وهي إلى الآن محبوسة ايضاً في المستشفى إلى حين السداد.
*ونفسية صحافية ونازحة ايضاً في هذه المدينة والمعروف اننا كصحافيين توقفت أعمالنا منذ بداية هذه الحرب وبتنا نبحث عن مهن بديلة اغلبها هامشية فمن أين لنا دفع هذه المبالغ التي لا نملك ربعها او 1% منها بسبب توقف الرواتب منذ نصف عام؟
*لا ننكر الاجتهادات الكبيرة للطبيب الإنسان دكتور عامر الفاضل ورفيقه دكتور حيدر، بجانب مجهودات رفاق الدرب عمر رنقو وزاكي الدين الصادق و الفلسطيني وكل الزملاء والزميلات، إلا أن الأمر يفوق امكانياتنا جميعاً ونحن في هذه الظروف.
*كنا نتمنى أن ينظر القائمين على الأمر في المستشفى لحالة حملة الأقلام وقادة الرأي بعين الاعتبار وان يستصحبوا معهم الظروف المحيطة بالصحافيين واسرهم فهم يعيشون الكفاف وسترة الحال ولا يملكون اكثر من ذلك.
*وهي رسالة لحكومة ولاية النيل الأبيض بكل مكوناتها بأن ينظروا للصحافيين واسرهم وان يقدموا لهم قدر المستطاع ما يمكنهم من عيش حياة كريمة إلى أن يصلح الله سبحانه وتعالى هذا الحال ونعود إلى ديارنا ومهنتنا.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق