منوعات وفنون
من طرائف لهجاتنا المحلية
د.عمر آدم قبله:
التحية لكل متابعي “الترويحات” وتحية خاصة للأخوين النور بلولة و د.سعد يوسف من جامعة السودان على التواصل الذى آمل ان يستمر دفعاً لجهود تقليب صفحات تراثنا المحلي والتنقيب في مكنوناته لتعزيز القواسم المشتركة على المستوى القومي. ويمكن للاجيال الجديدة من الشباب توظيف سوانح الفضاء الالكتروني الرحب لتقديم مزاج ثقافي سوداني ثرى ومتماسك. صحيح اننا هنا نتحدث عن مجال ثقافي محدود ولكنه غني بالتداخل السكاني والانشطة المهنية، غير اننا لانستثني احدا في عرض هذه المساهمات على جميع اهلنا بإعتبارها جهوداً قابلة للأخذ والرد و الإضافة من باب ما يسميه البعض بعملية (التثاقف القومي).
أو على طريقة نشيد الجغرافيا الشهير(في القولد التقيت بالصديق). فقد كان استاذ الجغرافيا يتنقل بنا من القولد الي محمد قول وريرة والجفيل وصولا إلى يامبيو.
يومها كانت حركة المعلمين والمعلمات وقادة الخدمة المدنية ومنسوبيها في مختلف بقاع السودان عاملا بالغ الأثر في بناء الوجدان الثقافي المتكامل.
قلت فيما سبق أنهم يقولون (طاعم) للشاي أو العصير إذا استوفي نسبة السكر المطلوبة
. ويقال ذلك ايضا للطعام إذا استوفى نسبة الملح المطلوبة. وفي المقابل يصفون ما ينقصه السكر أو الملح من المشروبات أو الأطعمة بانه (ماسخ). ويقولون للشاي الخالي تماما من السكر (سليقه). ويفضل بعض الكبار السليقه بلبن الابل أو الضأن.
ويقولون (الإيْدْ العسرة) و(الإيْدْ اليمين) ولايستخدمون كلمة (اليد) ويجمعون أيد علي (إيدين) ولا يقولون (أيادي) أو (أيدي) ولايقولون اليد اليسرى أو اليمني. ولكنهم عند السفر ليلا بالقوافل عندما يتعذر على الخبير تحديد الاتجاه يقول له مساعدوه (لايميناْ) أو (لايساراْ) وربما قالوا (أعصر لايميناْ) أو (شيل لايساراْ) وتقتدى القوافل التجارية المتجهة الي مصر وليبيا على نجمى (الجدى والعنقريب)،
كما يصف ود ادريس: (امست خاطَّه نجم العنقريب في الناصية).
أو كما يروى جمعة ود الشايب (كُل مشِينا بي عدَلَ الجدى ولايساراْ).
و حتى يومنا هذا يصفون الاتجاهات الجغرافية بقولهم (صعيد وريح وصباح وغرب).
فعند ود ادريس: (الغنامي قال مطر الصَّعيد مو خْصُوصُو)
عند داود: (الليلة الصَّعيد اصبح مزرقن نيَّوُ).
وعند ود البنا: (جقلة الريح وجقلة صعيد وجقلة الغرب وجقلة سواكن).
ولاتستخدم كلمة سافل وصفا لإتجاه الشمال وإنما توصف المناطق الشمالية التي يتغلب فيها زحف الرمال على نمو النباتات بالسافل خاصة منطقة الجزو. فيقال (قش السافل). وعندما ينحسر الغطاء االنباتي عن رقعة جغرافية محددة يقولون المنطقة الفلانية (سفّلتْ). وعندما لا تنبت المزارع ما زرع فيها من محصول يقال أن (الزراعة سفّلتْ) أي اصبحت سافلا أو أرضا جرداء بلا نباتات.
ويقسِّم البعض المنطقة إلى (دار ريح) وتشمل المناطق الرعوية في الشمال و(دارصعيد) للأجزاء الجنوبية حيث تزداد نسبة هطول الأمطار.
وتسمى الأرض المنبسطة الواسعة التى يغلب عليها نمو الحشائش والشجيرات وتقل فيها الاشجار الكبيرة ومحابس المياه مثل الرهود والخيران (باجه).
وهي مناطق تصلح لحياة النعام وانواع الصيد الاخرى، وعادة تهطل بها الامطار في أواخر فصل الخريف فتستمر نباتاتها خضراء اثناء موسم الشتاء فيقال المنطقة الفلانية (جازَت) أي أصبحت شبيهة (بالجزو) حيث تخضرُّ النباتات اصلا في الشتاء ومن ذلك قول على ود عيسى:
دمرها العِدّْ قِْريَّب ليهْ *** ودفرها “الباجه” جازت ليهْ
ويصف أحدهم سرعة هجينه بالقول:
الدوماتو جابن نزّْ
إضيلم “باجة” من ضرب الصبيدر فزّ
ويسمون ذكر النعام (طير النعام) أو (إضيلم النعام) خلافا لما هو في بعض اللهجات السودانية (هضليم) أو في الفصحى (الظليم). وعندما يبالغ شعراءهم في وصف سواد شعر الفتيات فإنهم يستعيرون سواد ريش “الاضليم” ويقال أحيانا (روب نعام). ويستخدم روب النعام في زينة بيوت الشعر (والجحَّاف) أو الهوادج مثل (العضَبَه والقَمْبار والبُرّاقه).
ومن بليغ قول ود ادريس في البادية:
تتمايح هوادجا “بالعضب” متمايلة
فوق الدومتو لي ورق القلايد سايلة
وربما أبلغ من ذلك قوله (فوق اكتافو سجّاجة النعام ملفوحة)
ويسمون أنثى النعام (ربده) ويجمعونها على (رِباد أو ربدات). وربما يطابق ذلك في الفصحى (ربداء). وتسمى فراخ النعام في صغرها ب(الرّال) وعندما تكبر وتصبح أعمارها مناسبة لأغراض الصيد يسمونها (الوش) فيقولون (وشّ نعام).
ويشتهر النعام بالعدو السريع ولذلك تشبه به الهجن السريعة (سيقانك ربيدة قوز بعد ما تقوم ) أو (رفع شنشونو فروجا بحتّ الرِّيش).
ومن الرباعيات الشهيرة في بادية البطانة:
(يافروج أضاليم الخلا البتناطن *** عجل بينا امسيت والمواعيد فاتن)
ويشبه البعض سواد الشعر بسبيب اعراف الخيول كقول احدهم (الزول اب مسايراً كيف سبيب الخيل).
وينطبق ذلك على ثنائية الشقلاب
(حتنو الما وصيل
الازرق سبيب الخيل)…
ودمتم في حفظ الله ورعايته