مقالات

قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا .. كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا

صوتِ القلم

د.معاوية عبيد:

هذا هو معلم البشرية و رسول الإنسانية محمد بن عبد الله معلم نقتدي ونهتدي به ونتأسي بمنهجه في احترام وتقدير ووضع الناس منازلهم ، برنامج تفقد الراعي للرعية أو تفقد الاسر المتعففة واحدة من البرامج التي اتخذها سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم نهجاً وسلوكاً و سار علي هذا النهج الخلفاء الراشدين من بعده أبوبكر و عمر وعثمان و علي و كذلك التابعين و من تبعهم با حسان الي يوم الدين ، تفقدوا الأرملة و الفقير والضعيف والمسن و المسنة ، و ما تلك العجوز التي كان يتفقدها سيدنا ابو بكر رضي الله عنه يطعمها من يده الشريفة الا واحدة من الاسر المتعففة.

ولما تولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قولته المشهورة عندما تفقد تلك العجوز ( لقد اتعبت من جاء بعدك … ) ، اهل الزكاة ساروا علي هذا النهج بتفقدهم للأسر المتعففة و تفقد الراعي لرعيته في شهر رمضان وهم يضعون منهج السلف نبراساً يقتدون به ، وكلمات ابن الخطاب ترن في اذنيهم ( لقد اتعبت من جاء بعدك يا أبا بكر ).

 

تفقد الراعي لرعيته نهج اختطه اهل الزكاة وهم يشركون معهم القادة و الحكام و الولاة و اهل الراي و دافعي الزكاة من اجل تفقد الضعفاء في ليالي شهر الإنفاق والجود، ينزلون الناس منازلهم وينزلون مع الناس في مواقعهم حتي وان كانت ( راكوبة قشٍ).

 

لم تكن هنالك بروتوكولات ولم تكن هنالك مواعيد مسبقة مع انسان قضي اكثر من (٥٨) عاما من عمره يهب كل وقته و عقله لطلبته وهو يمدهم بالعلم والمعرفة ، من غير منّ أو اذي وهو يسعد دوما عند سماعة نتيجة تلامذته الفائزين الناجحين ،الاستاذ حمد النيل محمد صالح استاذ الاجيال بمدينة كسلا الكل يعرفه ويشار اليه بالبنان ، لم يكن يدرى أن يقف علي باب بيته والي الولاية و كبار المسؤلين بالولاية كما حدث في ليلة الخامس و العشرين من شهر رمضان و هي من الليالي المباركة في هذا الشهر الفضيل وكانت سر الليالي لدي استاذ الاجيال ، التي اوقفت عند باب بيته والي ولاية كسلا و الأمين العام لديوان الزكاة وقادة قوات الشرطة والامن والجيش بالولاية ونفر كريم ضاق ذلك ( الحوش ) الصغير بهم ، ولكن ذلك الجسم النحيل استقبلهم باريحيته وبساطته وقفشاته ، كانت جلسة ما منظور مثيلة ، كانت دقائق معدودة لكنها كانت لحظات فارقة في عمر التاريخ وعمر مربي الاجيال و هو يحكي للوالي وركبه بكل أريحية كيف درس الاجيال ، و كيف كتب قصائد للوطن و البلد ، و بادله الوالي و كل الحضور الحديث و هم يهدون هذه الزيارات لاولئك النفر دعما واسناداً لانتصارات القوات المسلحة في شهر الانتصارات ، كانت جلسة قليلة الوقت لكنها كبيرة المعني ستظل عالقة في ذهن مربي الاجيال الاستاذ حمد النيل و في ذهن اجياله و في اذهان اهل الحي الذين ظلوا يتسامرون بها حتي الصباح ، دلف ركب الوالي الي سيدة عجوز ، و ترفق الوالي والأمين العام بالجلوس الي جوارها وهم يستمعون اليها بينما وقف الآخرون تأدباً لها ، سلك معها الوالي ورفاقه مسلك ابا بكر عندما قالت : ( تلك المرأة المسنة لعمر بن الخطاب كان صاحبك يبعد النوي عن التمر …..) صاحت تلك المرأة متعجبة من الوالي كيف لي أن اصرف الشيك الذي قدمتوه و كيف استطيع صرف معاشي فما كان من الوالي و الأمين العام أن يأمروا مرافقيهم ان تحل مشاكل هذه المرأة غد صباحاً مع كل المؤسسات و الادارات ويحال الشيك الي نقداً ، هنا كانت كلمات الشكر و الثناء من امرأة قضت عمرها تتزين ( بكاكي ) الشرطة خادمة لنزلاء مصحة الأحوال النفسية و العقلية بكسلا ، وهي تعطي صحتها من اجل أن يعيش أولئك النزلاء اصحاء، وتعطي عقلها وفكرها للكل ، أنها الحاجة إخلاص كانت ليلة القدر التي نزلت علي تلك المسنة ، ودلف موكب الوالي و الامين العام في تلك الاذقة و الحواري من الحي البسيط وهم يتحسسون الضعفاء و المسنين و المتعففين تأسياً بمنهجه صل الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين.

 

توقف موكب الوالي و الامين العام عند مدخل بيت صغير ، ووقفنا معهم عند جسم نحيل هده المرض ( وفراشة ) العلاجات معلقة علي احدي اليدين النحيلتين ، لم يقوي علي القيام و لكن كانت حرارة اللقاء والاستقبال و الفرحة وروح الوطنية و كل هذه الخصال كانت في ذلك الرجل النحيل الاستاذ يحي محمد حجاج الذي دفع لنا كل تلك المشاعر بحرارة اللقاء وهو فرح مسرور بانتصارات القوات المسلحة علي تلك الشرذمة الباغية ، و فرح بأن لديه اثنان من ابنائه يزودن عن حياض الوطن وشرف نسائه ، كانت الفرحة غامرة و زادها شجون حضور الوالي وتلك القيادات التي ترصعت اكتافها بالنجوم ، فكانت نجوم زينت المكان وزينت حديث ذلك الرجل الذي تحدث حديث العارف ببواطن الأمور و الوطني الغيور ، خرجنا منه ونحن قد امتلأنا حماس و قوة بأن أمثال هؤلاء يتحدثون عن الوطن و الوطنية ودفع بفلاذت اكباده للدفاع عن الوطن وهو أحوج اليهم في هذه اللحظات ليمنحوه جرعة دواء ، لم يمد يده لاحد و لا لمنظمات حتي يعيش عيشة رغدة ، بل مد يده لخالق الكون فوقف أمام بيته في تلك الليالي المباركة ركب السيد والي الولاية ، خرج الجميع وهم مستبشرون خيرا بأن هذه أمة لن تهزم اذا كان فيها أمثال هؤلاء ، انها أمة المصطفي صل الله عليه وسلم لن تهزم حتي يرث الله الأرض ومن عليها ، ومن هنا نقول لآل دقلو و من ساعدهم ووقف من خلفه بالمال أو الكلمة أو السلاح من اجل سلطة أو مغنم أو مغرم أو اطماع يهود ، إن أمتنا لن تهزم ما دام فيها من يتفقد الرعية و فيها من يؤمن بالقضية و فيها من آثر علي نفسه ودفع أبنائه لحمل البندقية من اجل الأرض و العرض و الدين و الهوية السودانية .

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق