مقالات
نهر النيل.. من لم يمت بالحرب يقتله التلوث
بقلم/ بشرى الصائم:
تشهد ولاية نهر النيل هذا العام هطول أمطار غزيرة وغير مسبوقة حسبما أوردت تنبؤات هيئه الأرصاد الجوية وخبراء المناخ، وقد اجتاحت أمطار غزيرة وسيول جارفة محليتي أبوحمد وبربر ومن ضمن المناطق التي اجتاحتها السيول قرى السلمانية وأبوحراز وجميعها مناطق للتعدين عبر شركات معالجة الكرتة والتعدين العشوائي للذهب الذى خلف ملايين الأطنان تغطى الأودية في العراء ومجاري السيول من مخلفات الكرته المعالجة عبر الزئبق والسيانيد وغيرها من المواد السامة.
هذه السيول لم تتسبب فقط في قتل الأهالي وتدمير المنازل والمزارع والبنية التحتية، بل حملت معها ملايين (الكيلوجرامات) من المواد السامة والخطرة التي استخدمت عمليا في استخلاص الذهب، مثل السيانيد والزئبق والثيوريا، إلى الأنهار والمجاري المائية والمزارع، مما يشكل تهديدًا كبيرًا للبيئة وصحة السكان المحليين على امتداد مجرى النيل فقد أصبح النيل واحدا من مهددات حياة الإنسان لتلوث مجراه بالمواد السامة الناتجة من مخلفات معالجات صناعة الذهب.
وإذا أضفنا للمواقع أعلاه، مناطق دلقو، عكاشه، ابوصارا، أبرز مواقع التعدين العشوائي في الولاية الشمالية والتي تشهد هي الأخرى أمطارا غير مسبوقة، فإن هطول الأمطار الغزيرة والسيول بالقطع سيؤدى لانتشار هذه المواد في البيئة المحيطة من تلوث للمياه والتربة التى تصبح غير صالحة للزراعة وتربية الحيوان، مما يزيد من خطورة الوضع وفقدان أهل شمال السودان للمصدر الوحيد للحياة من زراعة محاصيل وبستنة وتربية حيوان.
لم تقتصر الأضرار على منطقة أبو حمد والمناطق المحيطة بها فقط، بل امتدت إلى كافة مناطق التعدين في الولاية الشمالية وولاية نهر النيل.
إن تدفق المياه الملوثة بالسيانيد والزئبق يشكل تهديدًا كبيرًا على سلامة المياه، خاصة وهى المصدر الرئيسي للحياة من شرب وزراعة لكل أهل ولايتي الشمالية ونهر النيل.
النيل أصبح غير صالح للاستخدام، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً من السلطات والمنظمات المعنية بحماية البيئة وصحة الإنسان.
في ظل هذه الظروف الكارثية، يجب على جميع المنظمات الدولية وحقوق الإنسان والخيرين والفاعلين وجهات الاختصاص للتدخل الفوري لإغاثة أهالي هذه المناطق (عاجلا) بتوفير المساعدات الإنسانية من الغذاء والماء والدواء والمأوى للمتضررين، مع ضرورة وضع تدابير صارمة قادمة لمعالجة الوضع البيئي الناجم عن السيول والتعدين العشوائي، وإيجاد حلول مستدامة لحماية البيئة وسلامة السكان متمثلة فى:
أ/ يجب أن يعلم سكان ولايتي نهر النيل والشمالية بأن ولاياتهم أصبحت ملوثة بنسب تزداد يوميا مما يؤدي إلى انعدام الحياة فيها.
ب/ سبق أن قمنا بدراسة بيئية حول التلوث فى العام ٢٠١٧ بمحلية أبوحمد مولها إبن المنطقه السيد مبارك عباس أكدت أن نسبة التلوث تتجاوز ال ٣٠% (الدراسة بحوزة وزارة البيئة وقتها)
ج/ سبق أن اطلعت على دراسة انجزها اختصاصي البيئة بالتعاون مع مجلس البيئه بالولاية أكدت تلوث الولاية وحذرت مما سيحدث لمستقبل الولاية.
د/ الدولة وحكومات الولايات، الشركة السودانية للموارد المعدنية، شركات معالجة الكرتة، والمعدنين الأهليين، يتحملون المسؤولية كاملة تجاه ما يحدث من تلوث وأضرار تصيب الإنسان والحيوان بالولايتين.
لذا اقترح:
أ/ إعلان نداء عالمي نناشد فيه المنظمات الدولية من حقوق إنسان وبيئة ومجلس للبيئة، العمل على تفعيل قوانين حماية الانسان والحيوان مما يحدث.
ب/ على أبناء الولايتين (نهر النيلوالشمالية) المهتمين
بقضايا البيئة والشأن العام من كتاب وصحفيين الدعوة لتكوين جسم يتولى مسؤولية حماية أهلنا من الموت القادم.
ج/ على كل من يطلع على المقال المساعدة أولا على نشره عبر مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي داخليا وخارجيا، ثم مناقشة ما ورد فيه بغرض تطويره عبر الأفكار والمقترحات.
والله المستعان.