مقالات
المقاومة الشعبية.. أمر رباني لا برهاني لا كيزاني
طالعت عددا من الوسائط الإعلامية التي تناولت تطاول بعض الناشطين سياسياً و لا يفقهون دينياً ، في حديثهم عن أن المقاومة الشعبية التي نظمها الشعب السوداني الأبي للوقوف بجانب قواته المسلحة للدفاع عن أرضه و عرضه ، أرضه التي باعوها هؤلاء الهوانات بمقابل ملذاتهم ، باعوها وباعو الشعب السوداني يوم أن أخذوا جوازاتهم الأجنبية و غادرو السودان، اليوم يتحدثون عن أن هذه المقاومة ستؤدي الي حرب أهلية و أن من خلفها الكيزان والبرهان، نقول لهم فوقوا أيها السرطان الذي نبت في جسم السودان ، أن المقاومة الشعبية ليست بأمر البرهان و لا الكيزان هي بأمر العزيز الرحمن من اجل عزة السودان ومن اجل أن ندافع عن أنفسنا من هذا الزل و الهوان الذي وجدناه من هؤلاء العربان ، و قد امر الواحد الديان أن الذين يسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا إذ يقول الحق عز وجل في محكم تنزيله في سورة المائدة الآية[٣٣] : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) وجاء في الحديث النبوي الشريف ، أنه جاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أرَأَيْتَ إنْ جاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أخْذَ مالِي؟ قالَ: فلا تُعْطِهِ مالَكَ قالَ: أرَأَيْتَ إنْ قاتَلَنِي؟ قالَ: قاتِلْهُ قالَ: أرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قالَ: فأنْتَ شَهِيدٌ، قالَ: أرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قالَ: هو في النَّارِ ) . إن المقاومة الشعبية التي انتظمت كل ولايات السودان هي نتاج طبيعي لما فعله هؤلاء التتار و هؤلاء المرتزقة من فساد و قتل و تشريد واغتصاب للحرائر وسلب لاموال و ممتلكات المواطنين ( شقاء عمرهم ) و تهجيرهم من منازلهم و أخذها عنوة ، ماذا تنتظر من رجل سلبته كل ما يملك ، القطة عندما تحمل لحماً في فمها لو حاولت أن تأخذها منها تخربشك باظافرها و احتمال تعضك باسنانها أن حاولت مقاومتها فما بالكم بالبشر ، صبر الشعب كثيراً و ترك الأمر للقوات المسلحة في بادي الأمر لأنهم افتكروا أن هذه حرب بين الجيش و قوة متمردة داخله وسيتم حسمها بين عشية و ضحاها كما حدث في كثير من المعارك التي خاضها الجيش سواء داخل العاصمة المثلثة أو خارجها ، و لكن عندما علموا حجم التآمر و أن هذه الحرب ظاهرها تمرد قوة داخل الجيش وباطنها احتلال اجنبي وغزو خارجي و استهداف لانسان السودان كان لابد للشعب السوداني أن يشمر عن سواعد الجد ويقف خلف قواته المسلحة حماية للأرض و العرض و الدين كما ورد في الآيات و الحديث السابقين التي شرحتها التفاسير ، حيث روى شعبة عن منصور عن هلال بن يساف، عن مصعب بن سعد، عن أبيه في قوله تعالي : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ) ، أنها : نزلت في الحرورية ، و الصحيح أنها عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات كما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي قلابة، واسمه عبد الله بن زيد الجرمي البصري، عن أنس بن مالك “أن نفرًا من عكل ثمانية، قدموا على رسول الله ﷺ فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا الأرض، وسقمت أجسامهم فشكوا إلى رسول الله ﷺ ذلك، فقال: ألا تخرجون مع راعينا في إبله، فتصيبوا من أبوالها وألبانها فقالوا: بلى، فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا، فقتلوا الراعي، وطردوا الإبل، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فبعث في آثارهم فأدركوا فجيء بهم، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا” .
إن الاعتداء والبغي الذي تمارسه المليشيا المتمردة التي استدعت المجرمين والمفسدين من خارج الحدود لتفسد في البلاد وتدمرها وتشرد أهلها وتنهب أموالهم وتنتهك حرماتهم ، جعلت الشعب السوداني أمام خيار واحد وهو المقاومة الشعبية والتي هي واجب شرعي وقيمة إسلامية سامية تجعل المسلم عزيز النفس لايقبل الضيم ولا يخضع للبغي و يعيش قويا عزيزاً وإن مات فهو شهيد ، وقد جاء في سورة التوبة الآية [١٤] ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ) و قد جاء في تفسير البغوي “معالم التنزيل”:( اي قاتلوهم برماحكم وسيوفكم حتي تدفعوا الذل و الهوان و الضعف والأسر و القهر عنكم و حتي يبرئ ذلك دَاءَ قُلُوبِ قوم مؤمنين وهنا يشير الي قبيلة بني خزاعة التي ناصرت الرسول الكريم و لكن قبيلة بني بكر تآمرت عليهم مع اليهود و اذاقتهم انواعا من العذاب والْأَذَى ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: أَرَادَ صُدُورَ خُزَاعَةَ حُلَفَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أَعَانَتْ قُرَيْشٌ بَنِي بَكْرٍ عَلَيْهِمْ، حَتَّى نكأوا فِيهِمْ، فَشَفَى اللَّهُ صُدُورَهُمْ مِنْ بَنِي بَكْرٍ بِالنَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ونقول ايضاً أن الآيات تشير لكل من نكث أو نقض العهد ، أو الحق الاذي بالمؤمنين ، فنجد أن هذة الفئة المتمردة علي الجيش ومن عاونها من الخونة و العملاء و عاثوا في الأرض فساداً و تأذي منهم المؤمنين في بلادي، كان لازماً علي هؤلاء المؤمنين اللجوء الي قوانين السماء، و هي قاتلوهم بأيديكم أي المقاومة الشعبية ،إذا هي ليست امر برهاني و لا كيزاني بل رباني نزل من فوق سبع سموات لكافة المؤمنين في كل زمان و مكان.