إسماعيل جبريل تيسو:
وما تزال قناعتي ثابتة، لم ولن تتزحزح قيد أنملة، أن الجزيرة هي محطة الجنجويد الأخيرة، لقد كان استهداف ميليشيا الدعم السريع المتمردة لولاية الجزيرة، مغامـرة غير مدروسة، ومحاولة انتحار غير محسوسة، فرحت بها الميليشيا في أيامها الأولى، وافترى قائدها أبو عاقلة كيكل وتجبّـر، فيما ابتأس وجزِع الشعب السوداني وانكسر، ولكن بمرور الوقت سقط قناع استباحة الجزيرة على العدم، وانكشف المستور، وبدأ التصدع يأكل في بنية المتمردين، وطالت الخلافات مَنْ شائعهم من العملاء والمرتزقة والمأجورين.
سقطت الجزيرة، وترك سقوطها عشرات الأسئلة والاستفهامات، ولكن،، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم، لقد أرتكب الجنجويد حماقة غير محسوبة العواقب، وهم يعيثون فساداً في قرى ولاية الجزيرة الآمنة والمطمئنة، وجعٌ تداعى له سائر جسد الوطن، بولاياته المختلفة التي استشعرت خطورة الأمر، فأعدت ما استطاعت من قوة ورباطة جأش، أرهبت بها الميليشيا المتمردة، وقذفت الرعب في قلوب آخرين من دونهم، كشفتهم مواقفهم الداعمة، فتعرَّوا تماماً أمام الشعب السوداني، ومن عجبي أنهم يحاولون استغلال تداعيات هذه الحرب ” العبثية” التي أشعلوها، ويطمعون في استعادة مجدهم الآفل بالعودة إلى الحكم، إن هذا لشيءٌ عجاب!
سقطت الجزيرة، فوَقَف السودان كله، على قلب رجلٍ واحد خلف قواته المسلحة، والقوات المساندة لها من الأجهزة الأمنية، والمجاهدين، والمستنفرين، وقفةٌ استثمرها الجيش لصالح انتصاراته المدوية التي لم ولن تتوقف منذ الإعلان عن التحام قوات منطقة وادي سيدنا العسكرية، بإخوتهم في سلاح المهندسين، وما تبعه من زحفٍ، وضربات موجعة جعلت ميليشيا الدعم السريع تتهاوى صرعى كأعجاز نخل خاوية، وفي المقابل ضجّت منصات التواصل الاجتماعي بالخلافات والاتهامات، والاتهامات المتبادلة ما بين الحقاتة في أنفسهم من جهة، وبين القحاتة ومستشاري الدعم السريع من جهة أخرى، وهذه ليست سوى بداية النهاية.
الجزيرة وإن طال السفر، هي خُطىً كُتبت على القوات المسلحة، وقد مشتها ولن ترجع عنها حتى ترجع الجزيرة آمنة ومطمئنة، وسائر ولايات السودان، إنها سويعات قليلة وسيؤذن مؤذنُ الحق أيها الجنجويد إنكم لمهزمون، وحتى ذلك الحين، ستظل الخلافات تهزُّ الأرضية التي تقف عليها أرجل القحاتة الراهنة المرتجفة، هذا التحالف الذي اجتمع على الاستهبال وتغبيش وعي الجماهير، سينفضُّ سامره لا محالة، وقد بدأت مؤشرات ذلك بإعراض بعضهم عن بعضٍ بلا سلام ولا كلام، ومنهم من أعلن اعتزامه طلاق السياسة والانزواء في إحدى دول المهجر، وآخرون يسعون في الأرض بحثاً عن أصدقاء وحلفاء، يفتحون لهم طريقاً للعودة، وإعمال مصالحة مع الوطن، ولكن هيهات، فحتى وإن تسامح الوطن، فقطعاً لن يغفر المواطن، والتسوّيهو بإيدك، يغلب أجاويدك.