مقالات
الإعلام الإعلام ثُمَّ الإعلام
النذير إبراهيم العاقب:
شئنا أم أبينا يظل الإعلام بمسماه ومعناه الأشمل هو السلطة الأولى في العالم، وللأسف الشديد هذه هي المعلومة التي يظل كل المسئولين الحكوميين السودانيين سواءً كان على المستوى المركزي أو بالأقاليم يتجاهلونها عن قصد، ويُهملون الإعلام إهمالاً مرعباً ولا يعطونه أدنى إهتمام، بدليل التعيينات العشوائية لجُل إن لم يكن لكل وزراء ومسئولي الإعلام بالمركز والولايات، هذا إن لم يكن إختيارهم بدافع الإثنيات أو المحاصصة والولاء الحزبي ليس إلَّا، في حين أن الإعلام هو المجال الوحيد الذي لا يحتمل المجاملة في إختيار مسئوليه على مستوى الوزارات، الأمر الذي يُحتِّم على المسئولين ضرورة إختيار الكفاءات الحقيقية والمتخصصة لشغل منصب وزير الإعلام والمدير العام لوزارة الإعلام.
والمتابع لمسار الإعلام المركزي والرسمي بالتحدي يلحظ بجلاء بائن أنه يُمثِّل الحلقة الأضعف في المشهد السياسي والعام منذ إندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023م، مع الوضوح الكامل لغياب الإستراتيجيات العلمية المتخصصة التي من شأنها إدارة الإعلام بالوجه السليم، الأمر الذي أعطى العديد من القنوات الفضائية العربية الفرصة الكاملة في السيطرة وبث الأكاذيب والسموم الحارقة عبر الأخبار الكاذبة والداعمة لمليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة، مقابل إضعاف الموقف الرسمي والإيحاء بضعف الحكومة السودانية وجيشها الوطني، وهذا ما لم يكن ليتثنى أو يجد هذه المساحات الشاسعة لولا هذا الفراغ العريض الذي أحدثه غياب الإعلام الرسمي السوداني عن الساحة وبشكل مريب، سواءً كان على مستوى الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة، أو وزير الإعلام الناطق الرسمي بإسم الحكومة.
ناهيك عن الفقر البائن والبائس للتلفزيون القومي وسطحية برامجه وبُعدها التام عن البث المباشر للحقائق من قلب الحدث ومن مناطق العمليات مباشرةً.
وخير مثال لما سقناه أعلاه الضعل البائن في بيانات الناطق الرسمي بإسم القوات والتي في غالبها نجدها في حالة ميول واضح للشكوى والنواح وعدم بث الحقيقة المطمئنة للشعب السوداني كما يجب، فضلاً الغياب التام لوجود خطاب إعلامي حكومي مركزي مقنع موجه للخارج يوضح أبعاد هذه الحرب التي إستهدفت المواطن السوداني في الأساس ومنذ لحظة إندلاعها وأهانت كرامته أذلته شر إذلال ولم يسلم منها كل الشعب السوداني حتى الآن، في حين ظل إعلام مليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة هو المسيطر على الساحة الإعلامية من خلال بث أكاذيبه وسمومه عبر القنوات الفضائية الموالية له والمدعومة من قِبَل دولة الشر الإمارات العربية وأميرها العميل الصهيوني محمد بن زايد، ومع ذلك لم يُحرِّك المسئولين الحكوميين السودانيين ساكناً بعد، ولم ولن يهتموا بالإعلام البتة، وعلى الأقل العمل على إقالة كل وزراء الإعلام على المستوى المركزي والإقليمي، وإستبدالهم بكفاءات إعلامية حقيقة قادرة على قلب موازين سوح الإعلام الإقليمي والدولي والمحلي وتحييده لصالح تعضيد الموقف العسكري والحكومي السوداني مقابل إضعاف موقف إعلام مليشيا الدعم السريع المعادي، ومن ثم تقوية موقف القوات المسلحة وهيئة العمليات والعمل الخاص والمستنفرين الذين ظلوا طوال العام الماضى وحتى الآن يقاتلون بعزيمة وبسالة بلا ظهر إعلامي رسمي معضِّد لهم في ساحة القتال، لاسيَّما وأن الحاجة للإعلام الفاعل لا تقل عن الحاجة للسلاح في أرض المعركة.
الأمر الذي يستدعي التحرك العاجل من قبل رئاسة المجلس السيادي وإصدار قرارات عاجلة ودون إبطاء تقضي بإقالة وزير الإعلام المركزي وكل وزراء الإعلام في الأقاليم وإستبدالهم عاجلاً بكفاءات إعلامية حقيقية قادرة على ضبط بوصل الإعلام الرسمي وإعادة هيبتة بأعجل ما يكون ولتصحيح الصورة السالبة والمقلوبة للإعلام العام في السودان.
ناهيك عن الأهمية القصوى لإنهاء تكليف الناطق الرسمي للقوات المسلحة الحالي وإستبداله بكفاءة إعلامية فاعلة حتى وإن كان من خارج المؤسسة العسكرية مادام كفؤاً بالفعل وقادر على قلب الموازين الإعلامية لصالح الحكومة السودانية والقوات المسلحة على الأرض.
فضلاً عن أهمية تعيين مدراء متخصصين لكل هيئات البث المركزي والإقليمي والممثلة في القنوات الفضائية الإقليمة وهيئات الإذاعة والتلفزيون، مع الضرورة القصوى لتوفير كافة الإمكانيات الإعلامية المعروفة وكافة أنواع الدعم الذي من شأنه إعادة سيرة الإعلام المركزي والإقليمي لسيرته الأولى، بل أكثر جاذبية وفاعلية ومصداقية تخدم الأهداف القومية والعسكرية وتغير من المفاهيم المغلوطة التي نتجت خلال الفترة الماضية جراء الطرح الإعلامي السالب.. ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.