مقالات
الشراكة وتعديلات قانون جهاز المخابرات..
د. محمد خليفة صديق:
لأول مرة يتحدث مدير جهاز المخابرات العامة عن تعديلات قانون الجهاز الأخيرة والتي أثارت جدلا واسعا من حيث توقيتها ومضمونها وآثارها المتوقعة، حيث أكد في تنوير لمجموعة من الصحافيين ببورسودان أخيرا أن تعديلات القانون جاءت لخدمة الأمن القومي للبلاد، وسيتم توظيفها لهذا الغرض فقط، وستكون سيفا مسلطا على الذين يحاولون العبث بالأمن القومي السوداني .
والنظرة المدققة لهذه التعديلات تؤكد إنها تهدف في شكلها العام للمحافظة على الأمن القومي، في فترة حساسة للغاية يمر بها السودان، وفي ضوء أوضاع بالغة التعقيد بالمنطقة والبلاد تفرض على الدولة ومؤسساتها التعامل بحساسية أكبر تجاه المهددات الماثلة.
نلاحظ أن التعديلات نصت على ممارسة الجهاز أعمال طلب المعلومات والبيانات والوثائق والاطلاع عليها أو الاحتفاظ بها، واستدعاء الأشخاص واستجوابهم وأخذ أقوالهم “وفقاً للقانون”، فضلاً عن الرقابة والتحري والتفتيش، بموجب أمر صادر من وكيل النيابة المختص وحجز الأموال وفقاً للقوانين، واعتقال الأشخاص وفقاً لما هو وارد بالمادة (50)، التي تتعلق بسلطات مدير جهاز المخابرات، وتشمل إلى جانب مواد أخرى، التفتيش بعد الحصول على أمر من وكيل النيابة المختص، وإصدار أمر باعتقال المشتبه به لمدة لا تتجاوز الثلاثين يوماً بغرض التحري والتحقيق.
كما نصّت كذلك على عدم جواز تجريم أي عضو في الجهاز، بسبب أداء عمله بموجب أي سلطة مخولة أو ممنوحة له بمقتضى القانون، أو أي قانون آخر ساري المفعول أو لائحة، أو أوامر صادرة بموجب أي منها، على أن يكون ذلك الفعل “في حدود الأعمال والواجبات المفروضة عليه وفق السلطة المخولة له بموجب القانون، وأن لا يكون ذلك الفعل أو الامتناع تم بسوء قصد أو بإهمال”.
من هنا يتضح أن تعديلات قانون جهاز المخابرات تمت دراستها بعناية، وإقرارها بحرفية ومهنية، وأن أي تعديل منه هذه التعديلات قد تم تحصينه بشروط واضحة تحول دون إساءة استخدامه، ويبقى المحك العملي هو الفيصل، ولذا يجب أن يتم تطبيق التعديلات وفق المنظور المهني البحت، وعدم التسامح مع أي تجاوز مهما كان حجمه، حتى يطمئن المواطن والرأي العام.
تأكيد مدير جهاز المخابرات في التنوير المذكور على رغبتهم في شراكة مع الإعلام، وتعاون مع قبيلة الإعلام بهدف قومي هو الشعب السوداني والمجتمع والأمة السودانية، هو خطوة في طريق طويل يجعل من الإعلام شريك قوي للجهاز المنوط به حماية الأمن القومي للبلاد، ويضع على عاتق الإعلام عبء تاريخي يجب أن يتصدى له أهل الإعلام بمهنية واقتدار.