صحة وبيئةمقالات

هل تؤثر ضربة جسر جبل أولياء على الخزان؟

د. الفاتح يس:

alfatihyassen@gmail.com

بعد نشر مقالي السابق عن خزان جبل أولياء ودبلوماسية المياه، وردني السؤال في العنوان أعلاه.

قبل الإجابة على السؤال؛ أحب أوضح ليس لدي أدنى معلومة من أي جهة عسكرية أمنية بخصوص هذه الضربة، وحتى كتابة هذه السطور لم أرى الخزان ولا الجسر بعد ضربه (شاهد ما شافش حاجة)؛ لكن لا بأس من أن نجتهد ونجاوب عبر التحليل الهندسي والفني للخزان؛ بناءا على المعطيات الفنية والهندسية وتضاريس منطقة جبل أولياء وما جاورها والرصد المائي والمعلومات الهايدروليكية لحوض النيل عموماً، والنيل الأبيض على وجه الخصوص؛ بإعتبار أن الخزان يقع على النيل الأبيض الذي ينحدر من منطقة البحيرات، ولهذا تجد إندفاع المياه ضعيف مقارنةً مع إندفاع النيل الأزرق الذي ينحدر من الهضبة الإثيوبية المرتفعة، وهذا مؤشر يقلل من إحتمالية إنهيار الخزان بصفة عامة.

يعتمد تأثير الضربة التي أصابت الجسر على حسب مكان ونقطة التدوين وقوتها.

جسر جبل أولياء يتكون من جزئين:
١. جزء متحرك يتم فتحه لتمر البواخر النيلة، وبالتأكيد ضربه لا يؤثر على هيكل الخزان لأنه بعيد عنه وبه مفصلات (للفتح والقفل)؛ وغالبا الضربة كانت في هذا الجزء المتحرك وهنا هيكل الخزان لا يتأثر.

٢. جزء ثابت وهذا به الخزان وبعض معداته من توربينات وغيره وبه السد البنائي الذي يرتكز عليه الجسر ذاته؛ وإصابته بتأثر على هيكل الخزان والتأثير يكون على حسب مكان ونقطة الإصابة وقوتها.

الخزان به ٤٠ بوابه بواقع عدد ٢ توربين لكل بوابه؛ وإذا ضُرب هذا الجزء الثابت؛ فالضربة والخسارة ستكون في بوابة بوابتين وتوربين توربينين من إجمالي ٤٠ بوابة و٨٠ توربين.
الضربة حتى لو كانت قويه؛ فـ قوتها ستضعف بعد أن تصطدم بأعلى الجسر، وبالتالي ستصل السد بمقدار ضعيف.

تم إختيار قيام الخزان على منطقة جبل أولياء؛ لأن أراضيها صخرية تشكل اساس متين لقيام جسم السد، ولإتساع مجري النيل الأبيض في منطقة الجبل وجنوبها، الذي يصل الي ما يقارب ٦ كيلو متر، ويقل كلما إتجه شمالا ليصل الخرطوم وعرضه أقل من ٢ كيلو متر، وهذا يعني ان عرض جسر الجبل يعادل كبري السلاح الطبي أو كبري الفتيحاب ٣ مرات تقريبا، وهذا أيضاً يقلل من قوة إندفاع المياه على السد ذو البناء الحجري القوي. ليس في الخزان مفيض؛ ولإعتبارات السلامة تم إنشاء بوابات إحتياطية لتصريف المياه (3.5 مقارنةً ب 150 مليار متر مكعب للسد العالي).

وبناءا على هذه التحليلات الهندسية والفنية نجد أن الضربة لن تؤثر على هيكل الخزان تأثير كبير؛ ولتجَنُب خطورة الفيضانات وكإجراء طارئ الآن؛ لابد من فتح بواباته ومصارفه؛ لتصريف مياهه التي تصل إلى ٣٨١ متر فوق مستوى البحر، و٢٢ متر من القاع حتى أعلى جسم السد؛ وبعد أن تضع الحرب أوزارها؛ يتم إجراء كل شيء بصورة مثالية.

إذا تطرقنا سريعاً الي ماضي وحاضر الخزان؛ لِنتنبأ بمستقبله وأهميته وجدواه؛ فـ تم بناؤه وإدارته بواسطة الحكومة المصرية (الري المصري) عام ١٩٣٧م؛ حتى تحتفظ مصر بحقها من مياه النيل دون تدخل من حكومة الحكم الثنائي أو الحكومات الوطنية بعد إستقلال السودان؛ وفقاً لاتفاقية بقبول قيام خزان سنار، وتم تسليمه الي حكومة السودان عام ١٩٧٧ بعد أن تضاءلت أهميته بالنسبة للمصريين بعد قيام السد العالي، والآن يُستفاد منه في السودان لري مشاريع النيل الأبيض الزراعية وإنتاج الثروة السمكية في البحيرة، وينتج طاقة كهربائية بمقدار ٣٠ ميقاواط اي ما يعادل ١٠٪ من كهرباء العاصمة.
هنالك فكره لإزالته لأن بحيرته المتسعة تساعد على تبخير المياه بكمية تقدر سنويا بحوالي إثنين ونصف مليار متر مكعب؛ للاستفادة من الأراضي الخصبة الكبيره المغمورة بمياه الخزان؛ وهناك رأي آخر رافض لفكرة إزالته؛ لدوره الكبير في التحكم في سريان مياه النيل؛ ليُساعد سد مروى. وعلى حسب مختصي وخبراء السدود والمياه؛ هنالك أسباب أخرى تؤيد وترفض إزالته سنتطرق إليها لاحقا إن أذن الله برفع القلم.

د. الفاتح يس
أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والتنمية المستدامة

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق