مقالات

السلاح الإعلامي بين الدعوة للتسامح والتحريض على العنف و الكراهية

د.رجاء عبدالله الزبير:

تعيش البلاد وضعاً مأساوياً يجسده نزاع مسلح على درجة عالية من الحدة، أثر سالباً على النسيج الاجتماعي السوداني، وبطبيعة الحال تخلق الحرب أجواء يتزايد معها الطلب على المعلومة لتلبية حاجة المواطن لفهم حقائق النزاع المسلح الدائر في السودان.
ومن المعلوم في أوقات الحرب والتناحر يصبح الخطاب الإعلامي ونشر الشائعات والمعلومات المضللة أكثر إنتشاراً ،خاصة مع وجود جهات مستفيدة من تلك الصراعات التي يفرزها هذا الخطاب لدفع الجمهور نحو تبني أفكار تخدم مصالحها الشخصية،لذلك من الضروري في ظل الحرب الدائرة ضبط الخطاب الإعلامي ومنع الرسائل التحريضية المفعمة بالكراهية المتداولة على شبكات التواصل الإجتماعي التي تهدف الى تأجيج روح التفرقة والتطرف ورفض الآخر وبث الرعب لدفع الناس الى ارتكاب أعمال عنف أو الحط من قدر بعض الافراد او المجموعات أو لإضعاف قدرات القوات المسلحة التي تدافع عن سيادة الدولة.
والسودان من الدول الاعضاء في إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وعليه التزام بإتخاذ تدابير على المستوى الوطني تضمن مكافحة خطاب التحريض على الكراهية العنصرية ،وفي هذا الإطار إتخذت الدولة خطوات عملية بإدراج نصوصاً في الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019، تؤمن على التنوع باشكاله المختلفة بإعتباره مصدر قوة وإلهام للشعب السوداني ،,والتاكيد على أن المواطنة أساس الحقوق المتساوية والواجبات ،بصرف النظر عن المعتقد الديني أو العنصر أو العرق أو اللون أو النوع ، ومنع إنتشار الحركات والأفكار المتطرفة حتى في ظل حالة الطوارئ.
وتحظر القوانين الوطنية الافعال التي تؤدي الى إثارة النعرات العنصرية ،والفتنة الكراهية بين الطوائف أو غيرها ،وتجريم كل من يُسب علناً أو يُهين أياً من الأديان أو شعائرها أو يعمل على إثارة شعور الإحتقار والزراية بمعتنقيها .
وشدد قانون مكافحة جرائم المعلوماتية لسنة 2018،على إدانة إستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بهدف مهاجمة فرد أو مجموعة من الأفراد بناءً على توجهاتهم الدينية أو الجنسية أو أصولهم العرقية أو إعاقاتهم الجسدية.
وقررت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة إدانة الدعاية التي تحرض على جرائم الحرب ،أو الإبادة الجماعية أو افعال العنف المحظورة وفق ما ورد في البروتوكول الإضافي الاول لإتفاقيات جنيف.
بالرغم من وجود العديد من التحديات غير المسبوقة إلا أنه من الضروري تبني الاعلام الوطني رؤية قومية تعمل على تشجيع الحوار بين مكونات المجتمع السوداني بهدف ترقية روح التسامح وإتاحة المجال لتوعية الشباب بأخطار الأيديولوجيات المتطرفة وتشجيع الحوار ،ومنع الاحزاب السياسية والحركات والجماعات المتطرفة من التحريض على العنف أو العداء أوالتمييز ،ونشر الدعوة الى الكراهية القومية أو العنصرية الدينية،وتشجيع العمل الوثيق مع منظمات المجتمع المدني للتقريب بين المجتمعات وإتاحة المجال لإجراء حوار حقيقي بغرض التصدي لجميع مظاهر التمييز العنصري وخطاب الكراهية ،وتعزيز التسامح وإحترام التنوع العرقي والديني والثقافي ،ومنع إنتشار الحركات والأفكار المتطرفة.
وفي الختام ندعو للسعي عبر الاعلام الى وقف اطلاق النار وبناء العملية السلمية من اجل انهاء معاناة المدنيين وتضحياتهم ، والتاكيد على أن السودان بلد جامع تتعدد فيها الثقافات والاديان ولا مجال للتمييز على أساس النوع أو الإنتماء الجهوي أو الرأي السياسي أو الوضع الإجتماعي .مع ضرورة بذل المزيد من الجهود لإدارة حوار حقيقي وبناء لتعزيز جسور التسامح والتفاهم المتبادل للمضي قُدماً نحو مستقبل أكثر سلاماً وعدالة.

6/يوليو/2024

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق