محمد وداعة:
الخارجية الامريكية فى سباق مع الزمن تبقت فقط ٤ أيام لمهلة الكونغرس للرئيس بايدن لإصدار أمر تنفيذي بمعاقبة المليشيا بقانون ماغنتسكي
إذا بدأت المفاوضات فى جنيف ستكون مبررا لعدم إصدار الأمر التنفيذي
بيرليو “دقس” حين قال إنه يتلقى معلوماته من “قوى مدنية”
بيرليو لا يستطيع أن يسمي القوى المدنية التي يتلقى منها معلوماته
بيرليو يعمل على اتفاق جديد يقدم للطرفين مما يعني المضي في مساومة لقضايا لا تقبل المساومة
بيرليو يحمل عصا غليظة “هراوة” وجزرة هزيلة
الأمريكان تعودوا على فرض إرادتهم على قادة المنطقة وهم مندهشون من الرفض القوي للقيادة السودانية
خلال مؤتمره الصحفى بدا المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو مرهقا وشاردا وربما هذا ما أورده موارد الهلاك. بيرليو حاول جاهدا استخدام السياسة الأمريكية التقليدية برفع العصا والجزرة، و لكنه رفع عصا غليظة مع الوعد بجزرة هزيلة، وهي سياسة أثبتت فشلها في غزة، حيث واجهت إسرائيل والحلف الغربي وفي مقدمته أمريكا بضعة آلاف من المقاتلين، ولم تستطع أن تحقق الأهداف المعلنة للحرب في سحق حماس وإطلاق سراح الأسرى.
منذ (الإطاري) كانت الرباعية تدعي أنها تعمل مع القوى المدنية (الممثل الشرعي للشعب السوداني) ، في إشارة للحرية والتغيير والتي تطورت إلى الخلف وسمت نفسها (تقدم).
وجاء فشل (تقدم) في الاجتماع الذي نظمه الاتحاد الأفريقي في الفترة من 9 -12 أغسطس، وعدم الاتفاق على تقديم موقف موحد من المحاور المحددة لتمهيد الطريق نحو تكوين لجنة تحضيرية للحوار (السودانى – السودانى)، مع انسحاب الحركة الشعبية (الحلو) ، وتحرير السودان (عبد الواحد) ، لجأ السيد بيرليو الى فرية (إسعافية ) بزعمه أن تلقى عشرات الآلاف من الاتصالات من سودانيين يطالبونه بالعمل على إيقاف الحرب.
وبافتراض صحة هذا الزعم ، فهو لا يعيب الشعب السوداني فى شيئ، كل الشعب مع إيقاف الحرب، بما يحافظ على كرامته ويؤسس لاستعادة حقوقه الطبيعية فى العيش بسلام، وبما يضمن إعادة المنهوبات و المسروقات، وتمكينه من العودة إلى منازله ومكان عمله، الشعب السوداني مع إيقاف الحرب ومحاسبة المجرمين والقتلة على الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع ومرتزقتها من دول الجوار، و لذلك لزم أن نشكك في أن السيد بيرليو تلقى هذه الاتصالات.
الحقيقة أن الشعب السوداني لا يثق فى بيرليو ولا إدارته الأمريكية، بيرليو (دقس) حين قال انه يتلقى معلوماته من (قوى مدنية) دون أن يسمها ويدعي انها معلومات موثوقة، وبطبيعة الحال لم يكشف عن هذه المعلومات وقيمتها.
بيرليو لا يقول الحقيقة، وإن كان يجرؤ، فعليه تسمية هذه القوى المدنية التي تمده بالمعلومات، بيرليو أمام تحدي كبير يتعلق بمصداقيته في أن يكشف بكل شفافية عن هذه القوى والمعلومات التي تلقاها منها، وما المقابل ؟.
قال بيريلو إن الوساطة استجابت لمواضيع أثارها الجيش بما في ذلك موضوع تنفيذ اتفاق جدة، وحتى الآن لم يصل الطرفان إلى جنيف لكننا سنمضي إلى تصميم خطة إنسانية عبر صياغتها وستقدم إلى الطرفين.
وأضاف (نحن نريد الوصول إلى وقف إطلاق النار ومشاركة الإمارات ومصر في مفاوضات جنيف يعني أن الاتفاق لن يكون على الورق، لأنهما قادرتين على تحقيق تقدم في العملية وحتى لا تكون الصفقة على الورق، ومع ذلك قال في تهديد صريح “سنفعل ما يتعين علينا فعله بما في ذلك إسقاط الغذاء عبر الطائرات”.
حددت أمريكا مواعيد مفاوضات جنيف دون مشاورة الحكومة السودانية، ضامنة حضور الجيش اليها مرغما تحت وطأة ما تم التخطيط له لإسقاط الفاشر فى يد المليشيا لدرجة أن عبدالرحيم جاء خصيصا لإعلان سقوطها، لكن القوات المسلحة والقوات المشتركة بددت أحلام ( زلوط ) فرجع خائبا مدحورا ، ومع ذلك استمر السيناريو لإجلاس الجيش على طاولة جنيف، ولم تسقط الفاشر، فتغيرت لغة بيرليو من التعالي والغطرسة والتهديد إلى التودد أقرب، ولدرجة دفع النرويج إلى التوسط لدى حكومة السودان، وممارسة ضغط على تركيا ومصر لإقناع البرهان لإرسال وفده إلى جنيف.
الخارجية الأمريكية في سباق مع الزمن، تبقت فقط ٤ أيام لمهلة الكونغرس للرئيس بايدن لإصدار أمر تنفيذي بمعاقبة المليشيا بقانون ماغنتسكي، إذا بدأت المفاوضات ستكون مبررا لعدم إصدار الأمر التنفيذي،
هذه ليست زلة لسان فقد أفصح بيرليو عن هدفه من المفاوضات وهو عمل اتفاق جديد برؤية أمريكية، وبما يحافظ على المصالح الأمريكية يقدم للطرفين، مما يعني المضي في مساومة لقضايا لا تقبل المساومة، الأمريكان تعودوا على فرض إرادتهم على قادة المنطقة وهم مندهشون من الرفض القوى للقيادة السودانية.
سنشهد تراجعات تكتيكية أمريكية لا تنطلي على أحد، ريثما يتم الإعداد لهجوم جديد ربما يستهدف مدينة أو منطقة أخرى، ولكن هيهات ستخيب آمالهم مرة بعد أخرى، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
17 اغسطس 2024م