إقتصادحوارات وتحقيقات

مصرف البلد مؤامرة في الخفاء (2-2)

الجهاز الاستثماري ليس له أفضلية على المساهمين في مصرف البلد حتي يقارع سلطة أسواق المال في قراراتها

الجهاز الاستثماري ساهم في 13 بنكا عن طريق الاكتتاب فهل حلال عليه وحرام على الجهات الأخرى؟ 

هل ستتجاوز لجنة التحكيم كل القوانين وتنزع أسهم ملكية المساهمين في مصرف البلد؟

هل يحق للجهاز الاستثماري بصفته مساهما في بنوك تجارية الاعتراض على قرارات ومنشورات بنك السودان المركزي عن طريق إحالتها للتحكيم؟

تناولنا في الحلقة الأولي أمس من هذا التقرير موضوع قرار وزير العدل بانشاء لجنة تحكيم بين الجهاز الاستثماري وسلطة تنظيم أسواق المال بخصوص اكتتاب مصرف البلد المنتهية إجراءاته في يناير من العام2021 ونوضح في هذه الحلقة الأخطاء القانونية القاتلة لانشاء هذه اللجنة ونطرح التساؤلات والمخاوف المشروعة عن دوافع انشاء هذه اللجنة
وهدفنا تمليك الراي العام المعلومات حول هذه القضية التي تتم في الخفاء وهي تتعلق بمساهمة قطاع خاص في مصرف البلد والطريقة التي تتم الان تهدد الثقة في القطاع المصرفي والمساهمة في البنوك التجارية

ما يثير الدهشة أن وزارة العدل أعتبرت الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي وسلطة تنظيم أسواق المال في درجة قانونية واحدة علي الرغم من أن السلطة جهة رقابية على الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي بصفته مساهماً في البنوك التجارية ويعلم القاصي والداني أن الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي منذ أن قرر المساهمة في البنوك التجارية، فقد تنازل عن صفته كجهاز من أجهزة الدولة وأصبح لا يعدوا كونه مساهماً في البنوك مثله ومثل جميع المساهمين الآخرين شركات أو أفراداً وليس له أي أفضلية على المساهمين الآخرين حتي يقارع سلطة تنظيم أسواق المال في قراراتها الرقابية على المصارف كأنه في درجة واحده معها.

تناقض التناقض!!

ولعل المضحك والمقلق في آن واحد أن الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي هو نفسه ساهم في هذه البنوك التجارية عن طريق الاكتتاب! فهل أصبح حلالاً على الجهاز الاكتتاب في الأسهم وحراماً على الجهات الأخرى الاكتتاب!!!!!!!!
في ذات السياق إن اعتبار الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي في درجة واحده مع الجهات الرقابية مثل السلطة سوف يسجل منحرفاً خطيراً في القطاع المصرفي، ويبقى السؤال الذي يتبادر في ذهننا هو هل يجوز للجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي بصفته مساهماً في البنوك التجارية أن يعترض على قرارات ومنشورات بنك السودان عن طريق إحالتها للتحكيم بين أجهزة الدولة؟ نترك الجواب هنا للسيد/وزير العدل

لجنة تحكيم في غير موضعها

لقد نظمت القوانين الخاصة للجهات الرقابية والإشرافية مثل سلطة تنظيم أسواق المال وبنك السودان طرق الاعتراض والتظلم من قرارات تلك الجهات، فمثلاً تنظم المادة 59 من قانون سلطة تنظيم أسواق المال لسنة 2016م طرق التظلم من قرارات السلطة ابتداءً من التظلم للجنة التظلمات انتهاءً باللجوء لمحكمة الطعون الإدارية وهي الجهة المختصة التي كان من المفترض أن يوجه السيد/ وزير العدل الجهاز الاستثماري باللجوء إليها.
إن المقلق حقيقةً في قرار السيد/ وزير العدل بتشكيل لجنة تحكيم هو ما الذي ستنتهي عليه اللجنة، هل ستتجاوز جميع القوانين وتنزع ملكية أسهم المساهمين في مصرف البلد بالمخالفة للقانون حيث برجوعنا للقانون نجد أن المادة 61 (2) من الوثيقة الدستورية التي تتحدث عن حق التملك تمنع نزع الملكية الخاصة إلا بموجب قانون وبقرار من المحكمة وتنص أيضاً المادة 99 من قانون الشركات لسنة 2015م علي اختصاص المحكمة فقط في تعديل السجل والسؤال الذي يتبادر إلي ذهننا هل ستسجل هذه اللجنة سابقة تاريخية بنزع أسهم من أفراد وشركات بدون وجه حق!!!!!
وهل تود اللجنة أن تلغي إجراءات الاكتتاب التي تمت في العام2021م وبكل بساطة تعيد للمكتتبين أموالهم التي تم دفعها قبل أربعة أعوام وفقدت قيمتها أم ماذا تود أن تفعل؟
وهل تقبل هذه اللجنة أن تقدر رسومها وأتعابها لنظر هذا النزاع بتقدير الاتعاب الذي كان يتم في العام 2021م؟.
المتابع لمجرى هذه الأحداث يبادره السؤال المهم الآتي لماذا لم تتجرأ تلك الجهات في نزع أسهم ميليشيا الدعم السريع المتمردة إذا كان نزع ملكية الأسهم بهذه البساطة وبتشكيل لجان تحكيم وهل الأولى نزع ملكية الرأسمالية الوطنية الحقيقة بدون وجه حق أو نزع أسهم الجهات المتمردة على الدولة والتي انتهكت حرمة المواطن والوطن.
وكان قد سبق وصرح وزير المالية بأنه لا يمكن مصادرة أسهم ميليشيا الدعم السريع في بنكي الخليج والثروة الحيوانية إلا عبر حكم قضائي وطبعاً كلام الوزير صحيح من الناحية القانونية فالمليشيا المتمردة سمح لها أن تدافع عن نفسها بمنحها فرصة للتقاضي فكيف تشكل لجنة من السيد/وزير العدل لتنظر في إجراءات اكتتاب أسهم شارك فيه جمع كبير من المواطنين دون ضمهم لهذه الإجراءات، إن ما يدور هذه الأيام في الخفاء هو محاولة لاستحداث طرق جديدة لنزع ملكية الناس دون سند قانوني، ونطالب السيد/ وزير العدل بالتدخل لوقف هذه المسرحية وقطع الطريق أمام كل من تخول له نفسه بأن لديه الحق في نزع الملكية الخاصة المحمية بالدستور و القانون.

نقلا عن مجلة حواس

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق