سياحة وآثار وتراث

متحف السكة الحديد لابواكي عليه..

بقلم/ عصام الحكيم:

بعد تلاشي الكثير من متاحفنا القومية بفعل جرائم االدمار والحرق والنهب التي طالتها في ظل الحرب اللعينة المتماهية مع حالة العبث الفوضوي التي عاثتها المليشيا المتمردة باستباحتها لمقدراتها ومقتنياتها بتنا نخشى أن يهدد الزوال بفعل الإهمال متحف السكة الحديد العتيق بعطبرة.

المتحف الذي يحتضنه حي السودنة البديع أصبح أحد اهم المعالم الأثرية والسياحية المهمة على المستوى القومي والإقليمي بعد أن تحول لمستودع يختزل ذاكرة حية ناطقة وشاخصة لتاريخ مدينة عطبرة ومسيرة السكة الحديد وحقبا من تاريخ السودان الحديث.

بل يمكن أن يصبح المتحف بقليل من الاهتمام والتطوير موقعا بديلا لمتحف السودان القومي إن لم يكن نواة لمتحف وموقع أثري بمقوماته ومقدراته ومقتنياته وقطعه الآثارية بالقدر الذي يؤهله لأن يقيد ويسجل ضمن منظومة التراث العالمي لدى منظمة اليونسكو بالأمم المتحدة.

أسوق هذا السرد الباذخ الثراء بشأن متحف السكة الحديد بشعور ينتابه القلق بدواعي الخوف لمآل ومصير مجهول قد ينتظر متحف السكة الحديد لأنني علمت أن إدارة هيئة السكة الحديد قررت الاستغناء عن خدمات الأستاذ مصطفى أحمد فضل، أيقونة المتحف وخازن أسراره و أحد الذين يرجع إليهم الفضل في تأسيسه وجمع مقتنياته وحمايته وتطويره والترويج له.

القرار للأسف أخلى مهام ومسؤوليات الأستاذ فضل كمدير إداري لمتحف السكة الحديد وقام بتحجيم وتقزيم مهمته العملية في دور المرشد المؤقت الذي يتم استدعائه عند الحاجة بواقع ومفهوم شراء الخدمة مقابل ( 20) ألف جنيه بعد أن كان يتقاضى بموجب العقد المبرم مع الإدارة استحقاقا شهريا تبلغ قيمته (100) ألف جنيه سوداني، وهو راتب شهري لايتقاضاه أصغر عامل في إحدى الفنادق والنزل السياحية بالمدينة ناهيك عن مدير متحف لمؤسسة قومية ودعامة اقتصادية عريقة وشامخة في قيمة وقامة السكة الحديد وبكفاءة وجدارة وقدرات أستاذ مصطفى أحمد فضل إداريا وفنيا ومهنيا فهو صاحب اللغات العالمية الأجنبية المتعددة واللهجات والثقافات المحلية المتنوعة والخلفيات التاريخية التي أحالته من مجرد إداري إلى قطعة أثرية ومكنونة عظيمة الجدوى والقيمة ووثيقة تاريخية بمرجعية تضاهي المدونات العلمية والبحثية الموثوقة.

أكثر ما آلمني أن هيئة السكة الحديد مع إخطارها للسيد فضل بإنهاء تعاقدها معه ومطالبتها له بتسليم مهامه لمساعده الزمته كما صرح بذلك بإخلاء المنزل رغم أنها ستبقى عليه مؤقتا بصفة شراء الخدمة من طرفها عند الحاجة ووفق رغبتها في استدعائه عند الضرورة.

اللافت في الأمر أن الهيئة استندت في إنهاء التعاقد مع السيد مصطفى أحمد فضل لقرار رئيس الجمهورية الصادر في العام 2019م الذي أغلق الباب أمام مؤسسات الدولة في مسألة التقاعد مع المحالين للمعاش والمتقاعدين عن الخدمة مع العلم أن القرار تم تجاوزه باستثناءات حصرية في العديد من مؤسسات الدولة المركزية والولائية وهو ربما لن يعجز هيئة السكة الحديد في إيجاد استثناء لتوفيق أوضاع المدير الإداري للمتحف طالما أنه قادر على أداء مهامه واستكمال مشروع المتحف حسب مراحل تطوره.

حقيقة لا أدري لماذا وبنحو مفاجئ وبعد خمس سنوات من صدور القرار الرئاسي اتخذت إدارة هيئة السكة الحديد ومن قبلها وزارة النقل هذه الخطوة لتفعيله وتنفيذه في حين كان بإمكانها استثناء قيود القرار الرئاسي بشأن المتحف حتى إن دعا الأمر لاستصداره من الأمانة العامة لمجلس الوزراء ورئاسة مجلس السيادة باعتباره هو في مجمله هيكل منفصل لمشروع في طور التأسيس والبناء الممرحل والممنهج.

كل دول العالم المتقدم في العواصم والحواضر والمدن الكبرى تمنح معالم ومظاهر الجذب السياحي أهمية قصوى وميزانيات مهولة ولذلك تستقطب الكوادر المقتدرة والخبراء الوطنيين والأجانب لتدعيم مرتكزات استراتيجية التطوير المستمر لمشروعات البناء والتطوير المستمر وفق الطفرة العالمية المشهودة في هذا المضمار الاقتصادي والثقافي والحضاري الحيوي المهم.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق