مقالات

حرائق النخيل في الولاية الشمالية

متوكل طه محمد أحمد:

اتذكر وأنا طفل صغير زغرودة لمريم بت عبدالله أو مريم بت أم الحسن وهي تنبه أهلنا بالقرير وتقول: (الحسبلاب حرقو) وعندما انتبه الناس لزوغردتها وجدوا أن منظر غروب الشمس وهى تتوارى خلف أشجار النخيل خيل لها أنه حريق وصارت طرفة يستدعيها الناس كلما حدث حريق بالقرير.
بالأمس احترقت بساتين المانجو والنخيل بالقرير حي الشاطئ وقوز قرافي وقبلها بأيام بالكرو و أوسلي ودويم ودحاج، وتكرر ذات المشهد في كل أرجاء الولاية الشمالية من أراضي السكوت والمحس ، لتُلقي بظلالها القاتمة على مستقبل النخيل الذي يعتبر مصدر معيشة الآلاف من المزارعين.

هذه الحرائق تسببت في القضاء على أكثر من عشرة آلاف شجرة من النخيل وأشجار المانجو، وهنا لابد من سؤال هل هنالك جهة تقف وراء إحراق النخيل
أم أن الأمر يعود لإهمال المزارعين لنظافة مخلفات النخيل والقضاء على نبات الحلفا ؟.

ونفرض أن فرق الدفاع المدني قد حضرت لإطفاء الحريق كيف تدخل هذه السيارات بعد أن اعتدى معظم ملاك السواقي وزحفوا على الشوارع، وأغلقوا طرق  إنقاذهم ورسالة نرسلها لإدارات المشروعات الزراعية بالشمال ضرورة تنبيه المزارع بضرورة النظافة وتوفير وحدات إطفاء صغيره أشبه بالتكتك، حتى تخترق التضاريس الوعرة لإخماد هذه النيران،

وأشار المسؤولون إلى أن 90% من هذه الحرائق تستهدف أشجار النخيل، وأن البلاغات تتزايد بمعدل خمسة إلى ستة حرائق أسبوعيًا، مما يكشف عن تفاقم الأزمة.

وأكدوا أهمية توفير ممرات آمنة لسيارات الإطفاء، والحد من الحرق العشوائي للنفايات الزراعية، بجانب ضرورة وجود مصادر مياه قريبة من المناطق المتضررة لتقليل الخسائر.

والولاية الشمالية تعتمد على محصول النخيل كمصدر نقدي رئيسي يعيل آلاف الأسر ويمثل العمود الفقري للاقتصاد المحلي، إلا أن الحرائق المتكررة منذ منتصف التسعينات تُفاقم الأزمة، حيث يحتاج النخيل إلى سنوات طويلة ليصل إلى مرحلة الإثمار، مما يجعل الخسائر الاقتصادية والإنسانية فادحة.

هذا التدمير المتكرر ليس مجرد أزمة زراعية، بل هو معركة وجودية حقيقية تهدد استقرار آلاف الأسر ومستقبل الزراعة في المنطقة، ويؤكد المواطنون أن التحرك العاجل من السلطات بات ضرورة ملحة لتجنب كارثة زراعية قد لا تُعوض. ورسالة نضعها في بريد والى الشمالية ضرورة حصر الضرر وتكليف إدارة المشروعات الزراعية بالولاية، بإعفاء المزارعين من رسوم المياه وتعويضهم من أموال المسؤولية المجتمعية لشركات الذهب وتسهيل أمر الطاقة الشمسية وتحويل التيار الكهربائي الموجود للزراعة حتى لاتصبح الشمالية ولاية طاردة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى