إخلاص نمر؛
هاتفت العميد شرطة الدكتور خالد النور، مدير شرطة حماية الأراضي، بعد الاحتجاز القسري، الذي تعرضت له داخل( دفار) شرطة حماية الاراضي. أبدى كامل الاستعداد لسماع ماحدث معي، واردف (سيتم التحقيق في الحادثة) وأقول لمن فاته قراءة الخبر، أن شرطة حماية الاراضي، قد عمدت إلى احتجازي قسرا داخل( دفار) يتبع لها ، وذلك عندما كنت ألتقط بعض الصور لمنزل في المعمورة مربع 65 تمت إزالته، بواسطة لودر اصفر اللون، لم يسعفني الحظ لحضور بداية ازالة المأوى، ولكن رصدت الكاميرا، النساء يجمعن حاجياتهن من أمام اللودر، ويصرخن لجمع أطفالهن، تجري إحداهن بجلبابها المشجر بألوان زاهية، وتلتقط بالقرب من شيالة اللودر مايخصها.. أكوام من التراب هو منزلها لحظة وصولي للمربع، و(لساتك) كبيرة على الجانب الغربي، وبعض الحطب، يبدو أنها كانت غرفة وقد دكت تماما.
كنت داخل الركشة عند وصولي للمربع، ولكن ترجلت منها لألتقط الصور ، التي جعلت عشرة من أفراد شرطة حماية الاراضي – – لمحت اسم أحدهم مكتوبا (يونس) هذا هو اسمه – – ، يتركون أماكنهم فوق وتحت وقرب (الدفار) ، والتجمع حول الركشة، والتي اجبر سائقها الذي لا أعرفه، إلى الركوب في (الدفار) ، في معيتي وهنا صاح أحدهم ، (سلمينا الهاتف) وامسحي الصور، لم اسلمه هاتفي وتمسكت به، كما تمسكت تماما ،بإطلاق سراح سائق الركشة، وقد كان.
ضربني أحدهم على اكتافي الاثنين (بنية) وبدأ أخر يجرجر ثوبي، ويامرني بالنزول من الركشه، في وحشية بائنة ومقصودة ، رفع أحدهم مسدسا كبيرا في وجهي وهو يتحدث معي – – عرفت فيما بعد انه المسدس الذي يتم منه إطلاق الغاز – – ،وآخر بدأ يتحدث بذات اللهجة العنيفة وهو يمسك بسيجارة بين أصبعيه السبابة والوسطى، ويمدهم نحوي في وضع أفقي، ما زلت إلى الآن أعاني من آلام في اكتافي، بجانب الأذى النفسي والعنف المرير في محاولة شد ثوبي للنزول بقوة من الركشة، أصدر أحدهم الأمر لي بوضع قدمي على (لستك الدفار) والصعود إلى (صندوق الدفار الخلفي) رفضت ذلك، وجلست قرب السائق في المقعد الأمامي، جاء أحدهم ليقول لي (هذا مكان الرئيس)، لم اعر الأمر اهتماما، وجاء الرئيس إن صح وصف زميله، وأمر السائق بالتحرك، كان سؤالي لمن وصف بالرئيس (وين ماشين)، كان الرد، إلى شرطة مخالفة الاراضي، في تلك اللحظة لمحت لافتة في ذات المربع مكتوب عليها، مخالفة الأراضي، رددت عليه، (دي قريبه ننزل نمش).
غادر (الرئيس) المقعد ليأتي آخر ، ورددت على مسامعه نفس السؤال، وكان الرد (ماشين قسم شرطة الرياض)، غادر مقعده وأتى ثالث واسمه حمدي واخبرني بأننا سنذهب إلى وكيل نيابة الأراضي لعرضي عليه، ولكن ليس الآن، إنما بعد الانتهاء من مهمة (الازالات) في سوبا والمجاهدين ، كل هذا الوقت وانا داخل( الدفار) في احتجاز قسري بدون أي إجراءات.
تحرك (الدفار) وأمامه دراجه بخارية وعليها َشخصان، وما أن وصلنا تقاطع شارع مدني مع شارع الستين وقف الدفار لإزالة ما، وانا رهن الاحتجاز، فتح أحدهم الباب، وقال لي بالحرف الواحد (انا فكيتك امشي) سألته عن اسمه فقال محمد مهدي، لا أدري إن كان فعلا يحمل هذا الاسم أم لا، رغم أن أحدهم سألني عن اسمي ومنزلي فاجبته بكل صدق.
طار الخبر سريعا وتناقلته وسائل التواصل الاجتماعي، وكان بيان الصحفيين الذي اقلق مضاجع الشرطة فهبت إلى لقاء النقابة وشخصي في دار النقابة بالخرطوم، جاء إلى مقرنا، اللواء سراج الدين ، نائب شرطة ولاية الخرطوم ومدير الشرطة الجنائية، والعميد شرطة خالد النور العقيد قاسم، حملت الزيارة كل أنواع وأشكال الاعتذار، لقبيلة الصحفيين بعد مقدمة طويلة، عما بدر من سلوك شرطة حماية الاراضي تجاهي، والذي وصفه اللواء سراج الدين، بأنه سلوك مرفوض تماما.
أمنت بصوتي، على مبدأ المحاسبة، وتقديم هولاء الذين مارسوا معي كل أشكال العنف، النفسي الجسدي والاحتجاز القسري داخل (الدفار)، إلى المحاكمة وتطبيق بنود القانون.
كان الخميس، السادس عشر من مارس، موعدي مع شرطة حماية الاراضي، تولى تدوين أقوالي، المقدم حسام ابشر، سردت على مسامعه كل ماحدث بالتفصيل، وعززت حديثي بضرورة الدفع بمن سبب لشخصي الأذى النفسي والجسدي، لساحة العدالة والمحاكمة ورفع الحصانة عنهم، وتكثيف التوعية لكل أجهزة الشرطة، حول كيفية التعامل الإنساني تجاه المواطن السوداني، فهو ليس عدوا للشرطة، ولكن الشرطة تجعل منه ألد اعدائها، بسيرها في طريق العنف الممنهج، ويكفي ما يحدث الان في المديونيات السلمية من عنف قاتل، وموت الثوار.
سيظل دائما اسم الشرطة بكل أجهزتها ومؤسساتها، مرتبطا بالعنف، وشتى ضروب المعاملة السيئة، والوحشية و انتهاك حقوق الإنسان، فهذا السلوك الذي انتهجته معي شرطة حماية الاراضي، ستنتهجه مع غيري من الزميلات والزملاء في مهنة الصحافة، مالم تتم محاسبة المخطئ،
بالأمس القريب تم اختطاف الزميل احمد قسم السيد، من أمام بوابة صحيفه الحراك، ولم يكن قد جف بعد حبر خبر الاعتداء على شخصي أثناء أداء مهامي الصحفية.
لا أحد فوق القانون، ويجب أن يخضع كل شرطي، ارتكب أي نوع من الخطأ، لتحقيق واف وشفاف، ومن تثبت عليه التهمة، فلا مفر له من محاكمة جنائية، فالشرطي، هو المنوط به احترام القانون، وللأسف هو أول من ينتهك القانون ويمارس العنف المرير، فالحصانة التي تمنح للشرطي ، ماهي إلا عرقلة لسير العدالة.